memantin iskustva memantin kosten memantin wikipedia"> ماهر صالح من غرب نابلس يقاوم إحتلالين معًا - أصداء memantin iskustva memantin kosten memantin wikipedia">
الرئيسية / الأخبار / فلسطين
ماهر صالح من غرب نابلس يقاوم إحتلالين معًا
تاريخ النشر: الثلاثاء 01/11/2016 18:01
ماهر صالح من غرب نابلس يقاوم إحتلالين معًا
ماهر صالح من غرب نابلس يقاوم إحتلالين معًا

 

بقلم: هالة أبو عيشة (الوزني)

بفعل عوامل سياسية يقاوم إحتلالاً خارجياً يغتصب أرضه منذ سنوات، وبفعل عوامل طبيعيّة وأمرٌ إلهيّ يختبر صبره يقاوم إحتلالٌ من نوع آخر في جسده المتمسك بالحياة رغمًا عن أنفها.

ماهر صبحي صالح، أبٌ لستة أولاد، ويعمل كمدخل بيانات في شركة كهرباء الشمال، يصارع مرض السرطان ليثبت لنفسه ولأسرته أنَّ ما من شيء يضعفه. ولن يثنه تآكل المرض في جسده النحيل منذ ست سنوات عن عطائه المستمر.

يقطن صالح في قرية زواتا غرب مدينة نابلس، هدوء القرية بعيدًا عن ضجيج المدينة هو أكثر ما يشدّه للبقاء فيها، بيته "المتواضع" -كما يصفه- والذي يتوسط القريّة كان شاهدًا ولا يزال بإصراره على الحياة.

بدأ بشهية واضحة للحديث عن الإحتلال الذي يفتك بجسده: "علمتُ بإصابتي في مرض السرطان بتاريخ 3/8/2011 قبل شهر رمضان المبارك ببضعة أيام. بدأتُ أحس ببعض الأعراض التي شكّلت لدي الشكوك بوجود أمر غير طبيعي يحدث في جسدي، ولهذا قررتُ البدء بإجراء فحوصات مخبرية عديدة كان آخرها بأخذ خزعة لتحديد المرض في مختبرات ميديكير الطبيّة."

عدّل جلسته، فرك وجهه بيديه كأنه يحاول إنعاش ذاكرته وتابع، "بعد خمسة أيام من إجراء الفحوصات تسلّمتُ نتيجة الخزعة بإصابتي بمرض السرطان، لا أُخفي بأنني ذهلت رغم الشكوك اليقينية التي كانت لدي، وازددتُ ذهولًا عند معرفتي بأنه سرطان ثدي كوني نادرًا ما أسمع عن إصابة الذكور به."

يُكمل صالح تفاصيل حكايته مع المرض بقوّة لم أتوقعها من أربعيني ملامح التعب تخطّ بصماتها في وجهه، "بقيت لمدة شهرين أخفي المرض عن زوجتي وأطفالي لأنني لم أكن على استعداد لمداراة الحزن في أعينهم. ولكنّي أجبرت على إخبارهم حينما تحدد موعد عملية استئصال الورم."

لم يستطع أفراد عائلته تصديق الخبر الذي نزل كصاعقة عليهم. فمن جهة زوجته التي خيّل لها أنها ستخسر زوجها دون سابق إنذار ومن جهة أخرى أولاده الذين لم يشفع لهم احتياجهم الدائم لوالدهم باستيعاب خبث هذا المرض.

مريم أكبر أولاده، 25عامًا، تحدثت بقوة لم تختلف كثيرًا عن أبيها. فتقول، "استقبلتُ الخبر بالإنكار التام فلم أستطع تصديق الحقيقة التي ستغيّر مجرى حياة والدي إلى الأبد."

ابتلعت ريقها ثلاث مرات متتالية، تناولت هاتفها المحمول، نظرت إلى وجهها؛ لتعدّل غطاء رأسها قليلًا كأنها تحرص على تماسك واستجماع قوتها أمامي. وتتابع، "كوني الكبرى في البيت فالعبء كان ثقيل جدًا عليّ، إخوتي، أمي وضعفها الذي تطلّب مني أن أتزن طوال هذه الفترة حتى اعتدنا ذلك."

يُكمل صالح مراحل العلاج التي بدأت بنجاح عملية استئصال الثدي والأنسجة المحيطة به والتي جرت في مستشفى رفيديا الحكومي في تاريخ 3/9/2011؛ لتبدأ المرحلة الثانية بسلسلة من العلاج الكيماوي بمعدّل جلسة واحدة شهريًا في المستشفى الوطني في نابلس.

يسترسل حديثه بأنه لم يواجه إختلاف قبل إصابته بالمرض وبعد ذلك؛ بسبب إرادته التي وصفها بالحديديّة، مُشيرًا إلى أنّه أخذ قرابة ال42 جرعة كيماوية "الإشعاعات" في مستشفى المطلّع في القدس، وهي المرحلة الثالثة من العلاج.

وضع نظارته جانبًا، ابتسم قليلًا ليُكمل: "قررتُ إتخاذ خطوتين استباقييتين للكيماوي، كانت الأولى أنني حلقتُ شعر رأسي قبل أن يتمكّن السرطان من ذلك والثانيّة كانت تعلّم اللغة العبريّة التي لطالما تمنّيتُ تعلمها وذلك من مبدأ "أنا أتألم أنا أتعلّم"."

غابت الإبتسامة عن وجهه بشكلٍ مفاجئ أثارت فيي الفضول لأسأله عن السبب، طأطئ رأسه، وضع أصابعه في مجرى الدمع كي يمنعها من السقوط أمامي. وبدأ حديثه، "مات.."، لملم أنفاسه، وتابع " كنتُ وزميلي في المرض الذي رافقني جلسات الكيماوي جميعها، لم أدرِ أنه سيذهب معي آخر جولة في الخان في مدينة نابلس وأن عودتنا للمستشفى من أجل بدء جرعة الكيماوي هي الأخيرة له. ولم أكن أتخيل بأنني سأكون الشاهد على موته!"

يكمل صالح حديثه، "لم أستطع البكاء ولا الصراخ حتى من هول الصدمة، فهذه كانت المرة الأولى التي أحسستُ بها بأنني سأستسلم للسرطان؛ لأكون ضحيته التالية."

 

يتطرق صالح للحديث عن دور المنع الذي مارسه الإحتلال بحقه خلال مرحلة علاجه، "لا شيء في الحياة يخلو من منغصات الإحتلال وعرقلاته المستمرّة، فقد ظهرت لي كتلة فوق عيني استوجب استئصالها في المستشفى الفرنسي في القدس لعدم جاهزية مستشفى المقاصد لإجرائها، صدرت التحويلة خلال أيام قليلة لكن جاء الرد الإسرائيلي بمنعي من دخول القدس لكوني ناشطاً شبابياً وسياسياً أيضًا."

كيان الإحتلال الإسرائيلي الذي يرتدي قناع الإنسانية والديموقراطية أمام المجتمع الدولي يمارس مزاجيته بمنح صالح تصريح يحدد له المسموح والمرفوض في علاجه دون أي حجة مقنعة له ولعائلته التي تنتظر شفاؤه!

 

السرطان من أخطر الأمراض التي يعاني منها الشعب الفلسطيني

وبحسب بيان نشر في جريدة الحياة بمناسبة اليوم العالمي للسرطان، فإن ما نسبته 59.1% من حالات السرطان المؤدية للوفاة هي بين الفلسطينيين. ويشير مدير مركز المعلومات الصحيّة في وزارة الصحة الدكتور جواد البيطار إلى أن السرطان من أخطر الأمراض التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني، فقد بلغ معدل الإصابة بالسرطان في قطاع غزة 77 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة من سكان القطاع، أما في الضفة الغربية فبلغ المعدل 82 حالة جديدة لكل مائة ألف نسمة من سكان الضفة.

وأوضح البيان أن 49.3% من حالات السرطان المسجلة لدى الفلسطينيين هم إناث و50.7% ذكور. وبلغ مجموع حالات الإصابة المبلغ عنها في فلسطين في عام 2014، 3649 حالة جديدة منها 2294 في الضفة و 1355 في قطاع غزّة.

 

حبّ التطوّع بلغ ذروته منذ سنوات

منذ عام ألفين، وإنسانيّة صالح تدفعه للبحث عن التطوع، فكانت البذرة الأولى التحاقه بالاغاثة الطبيّة؛ ليكون متواجدًا دائمًا كمسعف في المواجهات المستمرّة والمتجددة مع الاحتلال، وبخاصّة مسيرة كفر قدوم الأسبوعية في قلقيلية. رغم أن ذلك من الممكن أن يؤثر على صحته بشكلي سلبي.

 

يقول: "على الرغم أنَّ دافع التطوّع يكون بعيد كلّ البعد عن المكافآت الماديّة إلّا أن ذلك لم يُبعدني عن التكريمات، و كان آخرها في مبادرة "نابلس تكرمهم" والتي جرت في مطلع عام 2014 حيث تمّ تكريم سبع شخصيات فاعلة على كافة الأصعدة والمجالات في مدينة نابلس."

ويُضيف، أنَّ مرضه زاد من شغفه للبحث عن دورات مستمرّة في كافة المجالات والتي كان أولها دورة إسعاف أوليّ كمبتدئ فمتوسط ثمّ متقدّم وكذلك دورات في الحاسوب، إضافةً إلى أخرى في المجال الإجتماعيّ والنفسيّ من خلال جمعيات عدة مثل المنتدى التنويري الثقافيّ، الإغاثة الطبيّة، جمعيّة المرأة العاملة، الإتحاد العام للمعاقين، نادي جبل النار والمركز الإرشادي الفلسطينيّ.

ويتابع، "قررتُ أن يتعايش السرطان معي كما أُريد لا أن أتعايش معه كما هو يريد؛ لذلك بدأت بكتابة قصتي مع المرض على شكل خواطر قصيرة ونشرها على حسابي الخاص في الفيسبوك، بعنوان "يوميات ناج من السرطان" وقد لاقت تفاعلًا وتعاطفًا واسعًا."

 

همجيّة الإحتلال الإسرائيلي تطال المسعفين

يحدثني صالح مستذكرًا: "تعرضتُ لإصابة أثناء اقتحام قوّات الإحتلال الإسرائيلي قرية عين حجلة، فقد كنتُ متواجدًا في القريّة كوني ناشط في المقاومة الشعبيّة ومسعف بالدرجة الأولى. وخلال تواجدنا اقتحم جيش الإحتلال القريّة بوحشيّة غير مسبقة، كان هناك شابّتين بحاجة إلى المساعدة بسبب اعتداء الجيش عليهنّ بالضرب، فذهبتُ أنا وزميل لي لإسعافهنّ؛ فطلب منّي الضابط أن أقترب واستغفلني سريعًا بأن ضربني بالسلاح خاصته على موضع عمليّة استئصال الثدي فسرعان ما أُغشي عليّ واستيقظتُ وأنا بالمستشفى."

 

يختتم حديثه بأن البقاء للأقوى دائمًا ولخّص حديثه بعبارتين: "أقاوم السرطان حتّى أتذوّق طعم الحياةـ، وأقاوم الإحتلال حتّى أتذوّق طعم الحريّة والنصر."

 

 

إنَّ الذي يهبُّ لإسعاف الآخر في الوقت الذي يكُن به يُواجه الموت بابتسامة، قادر على هَزم المرض، لأنّه يَمنح جُلّ حياته للآخر، فيبقى ليستمرّ في العطاء وإنَّ اليَد التي تُعطي لا تموت أبدًا.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017