الرئيسية / الأخبار / عناوين محلية
ظريفة أبو قاسم: "القدس المفتوحة" ساعدتني في تقبل طفلي المصاب بمتلازمة داون الأم المكافحة التي أصيبت بشلل رباعي لتنهض أكثر قوة
تاريخ النشر: الأثنين 09/01/2017 12:30
ظريفة أبو قاسم: "القدس المفتوحة" ساعدتني في تقبل طفلي المصاب بمتلازمة داون  الأم المكافحة التي أصيبت بشلل رباعي لتنهض أكثر قوة
ظريفة أبو قاسم: "القدس المفتوحة" ساعدتني في تقبل طفلي المصاب بمتلازمة داون الأم المكافحة التي أصيبت بشلل رباعي لتنهض أكثر قوة

 رام الله-دائرة الإعلام

تستذكر ظريفة حسن أبو قاسم (43 عامًا) من قرية عين عريك غرب رام الله، حياتها قبل ستة أعوام، قبل أن تصاب على إثر حادث سير بكسر في عنقها نتج عنه شلل رباعي بنسبة (80%)، عانت بسببه الأمرين، فبعد أن كانت امرأة مستقلة منخرطة في التعليم أمست عاجزة تتنقل بين المشافي، وأوشك أملها ينفد حين أجريت لها عملية في محاولة أخيرة هدفها إنقاذ حياتها فقط، ونجحت العملية وعادت بعد عناء إلى حياتها الطبيعية بعد أن اضطرت لتعلم كيفية تحريك أطرافها والاعتماد على نفسها من البداية.

تقول ظريفة: "على الرغم من اليأس الذي خيّم على حياتي، وعلى الرغم من أن الأطباء استبعدوا شفائي وعودتي إلى ما كنت عليه، فإنني نجحت في النهوض، ثم تمكنت من أن أبدأ بالتأهيل والعلاج الوظيفي والطبيعي".

لم تمر ظريفة بهذا العجز فحسب، فابنها يامن المصاب بمتلازمة داون كان دافعًا آخر لها للعمل بشكل متواصل ثم الانتصار على الأوضاع الصعبة التي عانتها. ها هي تلتحق بجامعة القدس المفتوحة، وتقترب من التخرج بتفوق، لتنهي دراستها الجامعية بستة فصول دراسية (ثلاث سنوات) وتنوي استكمال دراساتها العليا في مجال التربية الخاصة أو علم النفس الخاص بالعائلة، وما يحفزها على ذلك هو الافتقار إلى تلك المؤسسات التي تعنى بعائلات الأطفال ذوي الإعاقة، إضافة إلى استغلال بعض مراكز التأهيل الخاصة المنتشرة في الأســــــــــــــــــــواق لعاطفة الأهل تجاه طفلهم المعوق فيضطرون لدفع مبالغ باهظة ثمنًا للتأهيل الذي يفتقر بالأساس إلى الأخصائيين ذوي الكفاءة المؤهلين للقيام بهذه المهمة، تتابع: "وأستثني من حديثي هذا المؤسسة الفاضلة الرائعة، جمعية الياسمين، التي تستحق لقب رائدة التأهيل في رام الله والبيرة".

 

وتقول: "إن الموضوعات التدريسية تركز على الأطفال المعوقين وتهمل عائلاتهم، فثمة مشكلة تتمحور في أن دور المؤسسات يقتصر على الاهتمام بالطفل المعوق فيما تجهل تلك المؤسسات ما يريد الأهل وكيف يتقبلون أطفالهم ويتعاملون معهم، وكيف يفكرون بابنهم المعوق الذي هو بحاجة لرعاية خاصة".

ظريفة التي اقتربت من التخرج حصلت على معدل (88%)، وهي الثانية على دفعتها في فرع "القدس المفتوحة" بمحافظة رام الله والبيرة، تضيف: "حصلتُ على دبلوم في برمجة الكمبيوتر بعمّان، وعملت في مجال التدريس في المدارس الحكومية لسنوات، ثم تركت عملي إثر إصابتي بشلل رباعي بعد حادث سير". لكنها عادت للدراسة في "القدس المفتوحة"، التي فتحت أمامها آفاقًا للحصول على معلومات أكثر في علم التربية الخاصة، وفي هذا تقول: "التربية الخاصة علم يشترك مع جميع العلوم، وأهم ما دفعني له حالة طفلي يامن المصاب بمتلازمة داون، الذي يبلغ من العمر حاليًا تسع سنوات".

وتبين ظريفة أنها استطاعت التأقلم مع طفلها المصاب، ونجحت في خلق بيئة آمنة له، تقول: "لو لم تتعامل الأم بشكل طبيعي مع الطفل المصاب بهذه المتلازمة فسيرفضه إخوته وعائلته وسيرفضه الآخرون، ولولا الدراسة في "القدس المفتوحة" لما تمكنت من الوقوف إلى جانب طفلي المصاب بهذا المرض بالطريقة الملائمة".

وتبيّن ظريفة أن مفاهيمنا تجاه الأطفال ذوي الإعاقة سلبية جدًا، الأمر الذي يوجب تغيير التفكير في بهذا الخصوص، مبينة أن التغيير يبدأ عند الأم والأهل والأسرة، فعليهم جميعًا أن يعوا ما يدور في البيت، وهذا ما يجعلنا في حاجة ماسة لبرامج تنظم العائلة وتعينها على استيعاب أطفالها المعوقين، وبخاصة أن كثيرًا من العائلات ترفض أطفالها ذوي الإعاقة، ولو كان ذلك على صعيد نفسي فقط.

الأمر الذي زاد من ترابط ظريفة مع ابنها يامن هو أنها عايشت الإعاقة بنفسها حين أصيبت بالشلل الرباعي بعد حادث سير مبينةً أنها عادت للحياة من جديد بعد علاج دام ثلاث سنوات، تقول: "تجربتي جعلتني أشعر بمعاناة ابني وجعلتني أتقبله وأحاول أن أخلق له بيئة آمنة، وقد نجحت في ذلك. أما مسيرتي في "القدس المفتوحة" في مجال التربية فقد كانت نقطة محورية في تقديم أفضل تعليم لابني، وأطمح بالحصول على ماجستير من أجل الوقوف إلى جانبه وكل نظرائه من الذين هم بحاجة لمساعدة في المجتمع الفلسطيني".

 

  نجحت ظريفة من خلال شخصيتها القوية في تكوين علاقات أسرية مع العائلة الكبيرة ومع المجتمع، وهذا كله انعكس على البيئة المحيطة بطفلها وعلى اندماجه بالمجتمع، مؤكدةً أن تجربتها يمكن أن تسقط على فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع الفلسطيني.

وتتعجب ظريفة أبو قاسم من عدم توفر تعليم وتأهيل مجاني وإلزامي للأطفال ذوي الإعاقة المصابين بإعاقات مختلفة، لأن التأهيل وتكاليفه باهظة، ما يضيف عبئًا اقتصاديًا يثقل كاهل الأسرة بسبب محدودية الدخل، وهذا يزيد من عدم تقبل الأسرة لطفلها المعوق، تتابع: "نرى الأسر المهتمة والمعنية والقادرة اقتصاديًا هي التي تستطيع أن تأخذ بيد طفلها بإلحاقه بمراكز التأهيل المحدودة جدًا، فتشعر بالالتزام تجاه طفلها وتحاول أن تبذل الغالي والنفيس من أجل توفير احتياجاته ومتطلباته التي تكبر معه، ولكن السؤال الذي يقفز إلى الأذهان: إلى متى تستطيع الأسرة أن تستمر في ذلك بدون دعم مادي  ونفسي ومجتمعي؟! لذا يجب توفير تعليم للأطفال ذوي الإعاقة أيضًا، فهم بحاجة إلى أماكن رعاية خاصة بهم، فالأسرة لا تتقبل الأطفال ذوي الإعاقة كذلك المجتمع، وأنا أخشى على مستقبل طفلي ومستقبل الأطفال الآخرين المصابين بهذه المتلازمة وغيرها. أجل، نحن بحاجة لتوفير مؤسسات تعليمية تعنى بتأهيل هؤلاء الأطفال، فالمؤسسات الموجودة غير كافية وغير قادرة على توفير ما هو مناسب".

وتوضح حفيظة أيضًا أن المراكز التي تعنى بهذا الشأن في الوطن يقتصر اهتمامها على الأطفال ذوي الإعاقة البسيطة، بينما لا تهتم كثيرًا بالإعاقات الصعبة والتوحد وغيرها من الإعاقات، وفي هذا تقول: "إن التأهيل ليس مسؤولية الأسرة وحدها بل هو مسؤولية مجتمعية وحكومية؛ لأن الأسرة عندما تجد من يؤازرها في العناية وتأهيل طفلها من حيث العبء المادي المرهق وتقديم الفرصة والوقت للأم كي تشعر بأن هناك من يساعدها ويدعمها ويخفف عنها، فإن ذلك يكون من موجبات التقبل للطفل المعوق من قبل أسرته".

وإيمانًا منها بدور الأم في عملية التقبل، فقد اختارت ظريفة "الأم" موضوعًا لها في مشروع التخرج يحمل عنوان: "مدى تقبل الأم الفلسطينية لطفلها ذي الإعاقة".


تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017