الرئيسية / مقالات
ترامب العنصري! بقلم احمد خالد عمار
تاريخ النشر: الأحد 05/02/2017 06:36
ترامب العنصري! بقلم  احمد خالد عمار
ترامب العنصري! بقلم احمد خالد عمار

 في ظل الوضع الراهن في دول الشرق الاوسط و وجود التبعيات التي احدثها ما يسمى ب " الربيع العربي" و تدخل القوى الخارجية في هذه البلدان نرى مكانة الولايات المتحدة و حلفائها تتراجع على عكس عدوتها  اللدودة روسيا التي اعادت امجاد الاتحاد السوفيتي و الذي كان مسيطرا في العقود السابقة حيث ظهر ذلك في الآراء المتضاربة حول الانتخابات الامريكية و  اختلاف التوقعات بفوز الملياردير الاقتصادي دونالد ترامب و بين المحنكة سياسيا هيلاري كلينتون و كل جهة كانت تعمل من اجل مصالحها و بسياسة مختلفة مما اربك بشكل خاص القيادة الفلسطينية التي تتمسك دائما بحلول السلام من اجل انهاء الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي و لا احد يشكك في دور الولايات المتحدة كراعية و متحكمة في مصير السلام المنتظر,هل سيأتي الحل من ترامب المنحاز انحيازا واضحا للكيان الصهيوني و الذي بدوره عبر عن انحيازه هذا في دعايته الانتخابية و وعوده لاسرائيل في حال فوزه.

 
في الواقع فاز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الامريكية بحصوله على 274 صوت و هنا بدأ عهد الولايات الامريكية الجديد بقيادة ترامب الذي وصفه البعض بانه لا يفقه بالسياسة شيئا و انه سيجعل مكانة امريكا تهبط على كافة المجالات و الاصعدة , و لكن ترامب العنصري المكار لم يهتم لما يقال عنه و بدأ بالتهديد ومحاولة تطبيق وعوده التي تخدم اجندة معينة .
 
لا مكان للمسلمين في امريكا في عهد ترامب ولكن باستثناء اليهودي؟
في يوم الجمعة الموافق 27 /كانون الثاني وقع ترامب مرسوم ينص على حظر دخول سكان 7 دول للولايات المتحدة الامريكية  و هي ( سوريا, ايران , العراق ,الصومال , السودان , ليبيا,  اليمن ) حيث قال " لا مكان لهم هنا" واصفا اياهم بالارهابين المسلمين , كل هذا لا يدل الا على فكر هذا الرجل المعجون بالعنصرية اتجاه العرب و المسلمين المسالمين , هذا القرار احدث ضجة اعلامية ضربت اعماق كرامة المواطن العربي و قد يسبب ذلك تنامي التطرف كما اكده الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس .
 
الامر المحير ان الادارة الامريكية اصدرت توضيح يبين امر اليهود الذين ولدوا و يعيشون في المناطق التي ضمنها الحظر حيث تبين ان الحظر لن يؤثر على اليهود الا اذا كانوا يحملون جوازات سفر و ينتسبون لهذه الدول انتسابا تاما اذ يبلغ عددهم 140 الف يهودي يتوزعون على 7 بلدان شملها الحظر.
 
ازداد ترامب تخبطا فاعفى مؤخرا القائمة باعمال وزير العدل سالي بيتس من منصبها و السبب؟ رفضها تطبيق قراره العنصري الذي لا تقبله اي معاير دولية و اتهمها بخيانة وزارة العدل بحجة ان قراره يصب في مصلحة الدولة و مواطنيها .
لا احد يعلم ما يقوم به ترامب فسياسته تعتمد على اهداف خفية بعض الشيء و اهداف اخرى واضحة للجميع  و احدثت ضجة لا احد يعلم نهايتها  كاقامة جدار فصل عنصري بين الولايات المتحدة و المكسيك  و وقع ايضا على مرسوم لاعادة تأهيل عظيمة للقوات الامريكية من الناحية العسكرية  فأين سيذهب ترامب بأمريكا؟ هل ستزيد مكانتها ام ستنعدم ؟.
 
نقل السفارة الامريكية الى القدس ينهي حل الدولتين.
احدى وعود ترامب اثناء حملته الانتخابية هي نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس , و من المرجح ان ترامب حاول كسب اكبر عدد من اصوات الجاليات اليهودية المتواجدة في الولايات المتحدة معبرا في نفس الوقت عن انحيازه لاسرائيل في صراعها في الشرق الاوسط .
 
قرار ترامب الاخير احدث تعاطفا كبيرا مع الفلسطينين و استنكارا دوليا و غربيا عليه  و لعل الادارة التي توجه ترامب في مسيرته السياسية لم يكن في حسبانها وقوف الغرب ضد هذا القرار الذي لم يطبق بعد و ترامب يعلم بأن نقل السفارة سينهي حلم حل الدولتين و ان لا دولة فلسطينية دون القدس الشرقية كعاصمة لها , القيادة الفلسطينية تخوفت من هذا التصرف حيث حذر الرئيس الفلسطيني محمود عباس من ان ذلك سيدمر عملية السلام التي يسعى لها هو والقيادة الفلسطينية بأكملها منذ عقود عدة حيث اعتبرت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي ان هذا القرار يوضح للعالم ان الولايات المتحدة تحولت من موقع حليف استراتيجي و راع لعملية السلام الى شريك واضح يسعى لتعزيز موقع اسرائيل في المنطقة  و في نفس السياق طالب امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور صائب عريقات في زيارة له في العاصمة الروسية موسكو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التدخل لمنع تطبيق القرار لعدم تعقيد عملية السلام و باعتبار القدس احد اهم محاور النزاع الدائر.
 
تعاقبت الآراء على هذا القرار فاعتبرها وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو انها خطوة استفزازية و سينتج عنها عواقب خطيرة ستعكر جو السياسات و العلاقات في المنطقة , ترامب وقع في مأزق فقراره سلاح ذو حدين يجلب له رضا الكيان الصهيوني و يوطد العلاقات الاستراتيجية بين امريكا و حليفتها اسرائيل و على الجهة الاخرى فهو يدمر مكانة امريكا في الشرق الاوسط و يزيد من السخط العربي و الدولي عليها و خصوصا العلاقة مع مصر و الاردن اللتان يعتبرهما ترامب دول حليفة تساعده في التصدي للدول الاسلامية و "الارهاب الاسلامي" كما يدعون و من الجانب المصري عبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاول مرة عن رأيه في هذا القرار حيث اكد ان بلاده منتبهة لهذا الامر منذ زمن مبكر.
 
حقيقا ما يجعل ترامب في حيرة من امره ان هذا القرار يعد خارجا عن عهد امريكا التي وعدت بعدم المساس بالقدس باعتبارها اساس حل الدولتين و قلب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي, فالفلسطينين يطالبون بالقدس الشرقية كعاصمة لدولتهم و الاسرائلين يرفضون التخلي عنها و يتمسكون بالقدس كاملة فهل سيطبق قرار ترامب الخطير؟
لا بد ان اشير الى انه سبق اثارة هذا القرار من قبل فجورج بوش الابن وكلينتون استخدما هذا القرار في حملتهم الانتخابية  و لكن وضعوه في موضع حيز التنفيذ و ما يميزهم عن ترامب مراعاتهم للجوانب القانونية التي تنص على عدم المساس بالقدس الشرقية على عكس ترامب الذي تجاوز ذلك باعتبار القدس كاملة عاصمة لاسرائيل .
 
من الملاحظ انه و بالتماشي مع فوز ترامب بالانتخابات الامريكية ازدادت حركة الاستيطان و ازداد الوحش الصهيوني في بنائه للكتل الاستيطانية في مناطق الضفة الغربية حيث يزيد هذا من التغلغل الصهيوني و يحدث تغير ديموغرافي في المنطقة , نتنياهو يقوم دائما بالضغط على ترامب لتطبيق قراره لنقل السفارة فهل تؤثر ضغوطه على القرار ام ماذا ؟
 
في متابعتي للمقابلات على وسائل الاعلام لاحظت الحيرة لدى ترامب  في مقابلة  له حيث قال تعقيبا على قرار نقل السفارة " احب هذه الفكرة لكن لهذه القضية وجهان و الامر ليس سهلا"
و هنا يتوضح لنا ادراك ترامب لمدى خطورة هذا القرار اذا تم تطبيقه فبدأ بتخفيف حدة التوتر بالتدريج و تراجع عن قراره بعض الشيء.
 
تشير التقارير الى ان الحلول المتوافرة في جيب ترامب متعددة فأما ان يقوم بتطبيق قراره  بنقل السفارة للقدس او ابقاء الوضع الراهن الذي يفضله الجميع في هذا الوقت و هناك حل اخر هو نقل السفارة الى القدس الغربية  و ابقاء القنصلية في القدس الشرقية و تحويلها في ما بعد الى سفارة امريكية بعد اقامة الدولة الفلسطينية  و اعتبار القدس الشرقية عاصمة لها , و الحل الاخير هو ابقاء السفارة في تل ابيب و نقل السفير لوحده الى القدس لمدة محددة و اعلان الشروع في بناء السفارة في القدس فيما بعد.
 
الاحداث التي تحدث حاليا لا تبشر خيرا لترامب فتعتبر ولاية كاليفورنيا معقل للديموقراطين و في الآونة الاخيرة بدأوا يطالبون بالانفصال عن الولايات المتحدة الامريكية و اقامة دولة مستقلة لوحدهم , كل هذه الظروف جعلت من ترامب انسانا متخبطا لا يعلم الى اين يسير و ما هي العواقب المترتبة على ما يقوم به فدعمه لاسرائيل شيء ليس بالغريب اما انهاء حق الفلسطينين في اقامة دولتهم فهنا ترامب قد ذهب بعيدا و انحرف عن مساره الصحيح الذي يضمن بقاء العالم في حل سلمي و حالة استقرار دائم , لقد بدأت الشكوك تدور في مخيلتي حول عقلية ترامب و حقيقة الامر ان ترامب عنصري متعصب و لا يفقه شيئا من الجانب السياسي فالافضل اما ان يفكر جيدا ويعدل مساره و اما ان يتنحى و يعود للقاعدة الاقتصادية الخاصة به كرجل اعمال امريكي يدعم الاقتصاد الامريكي.
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017