أصداء- خميس أبو النيل- ما إن تدخل قرية فقوعة شمال شرق جنين في مثل هذا الوقت من العام حتى تفاجأ باللون البنفسجي الذي يكسو غالبية أراضيها، هو لون زهرة السوسن التي تميزت بها القرية عن غيرها من القرى الفلسطينية ووضعتها على سلم الرموز الوطنية بعد اعتماد هذة الزهرة رمزاً لفلسطين.
يقول الباحث من القرية مفيد جلغوم إن السوسن نبات طبيعي معمر موجود منذ آلاف السنين في فلسطين لكن سبب ظهورة في بلدة فقوعة بالذات يجهله الخبراء والباحثين الزراعين، مشيرا إلى أن السوسن بحاجه لتربة جيدة التهوية وليست بحاجة إلى تربة غير طينية، ويبدو أن كثرة المناطق الصخرية في فقوعة هي السبب في تواجدها.
أما عن الدور الإيجابي لتواجد النبتة في القرية، يتحدث جلغوم أنه بعد صدور قرار مجلس الوزراء العام الماضي باعتبار السوسن النبتة الوطنية لفلسطين ساهم في التعريف بالقرية وخلق اهتمام أكبر بها، كما أن ارتباط اسم القرية بزهرة يعتبر نقطة إيجابية بدلا من ارتباطها بحدث مؤلم أو سلبية معينة.
وأضاف أن هذا الدور يقود البلدة الى خارج نطاقها الجغرافي في مدينة جنين وبالتالي ذلك يعتبر أمرا مشجعا لوجود برامج سياحية في فقوعة وخاصة السياحة البيئية، ومن المتوقع أن يكون لذلك انعكاسات اقتصادية على البلدة مستقبلا أما الآن هذه الانعكاسات غير ملاحظة بسبب حداثة البرامج السياحية في البلدة التي ما زالت في بدايتها.
ويبين الباحث أن نمو هذه الزهرة مرتبط بأواخر فصل الشتاء وبدايات الربيع ولفترة لا تزيد عن الأسبوعين ثم تذبل، منوها إلى قيام الأهالي بالعديد من المحاولات لزراعة وتشتيل السوسن بالبذور وجميعها باءت بالفشل.
وعن استخدامات السوسن يذكر جلغوم بأن الاستخدام العام والأساسي هو طبيعي وجمالي لكن بعض المتخصصين يقومون بأخذ الرائحة العطرية من جذورها واستخدامها في العطور، بالإضافة لاستخدامه في صناعة مساحيق التجمميل، ومعجون الأسنان، والصابون.
وتحدث عن أهم البرامج التوعوية حول نبتة السوسن، حيث قام عدد من الباحثين والجمعيات المهتمة بالشؤون البيئية بتبني موضع حماية النبتة وتوعية المجتمع بأهميتها وحمايتها بناءً على وجودها في منطقة جغرافية بسيطة، منوها أن الجمعيات والباحثين عملوا على عرض النبتة لمجلس الوزراء وقام المجلس بتبني الموضوع وعلى ذلك اعتبر سوسن فقوعة أحد الرموز الوطنية مثل العلم الفلسطيني و طائر الشمس الفلسطيني.
وطالب جلغوم الجهات الرسمية بوضع نبتة السوسن التي أصبحت رمزا وطنيا داخل إطار توعوي وإرشادي لكافة أبناء المجتمع، وإضافتها الى المنهاج الدراسي ليتم توضيحها بشكل أكبر، علما أنه يوجد حالياُ دراسة لإقامة محمية في فقوعة مساحتها 43 دونم من قبل مجموعة من المهتمين بالشأن البيئي مثل جمعية الحياه الخضراء.
وفي ذات السياق أكد بنان الشيخ أستاذ الطبيعة والبيئة في جامعة القدس أن السوسن أخذت نبتة وطنية بسبب تأصل نموها في فلسطين فقط، حيث أَخذ السوسن الملكي كشعار لقصور الملوك والأباطرة ورمز للكشافة.
وبين الشيخ أن السوسن ينتمي للعائلة السوسنية التي يوجد فيها عدة أقسام مثل السوسن الملكي والتي تعني أنها غير متفرعة من سيقان أخرى فكل زهرة تحتل قمة ساق واحد متفردة فيه.
وأوضح الشيخ أنها مهددة بالانقراض بسبب التمدد العمراني والتصرفات الخاطئة من المواطنين وقيامهم بقطفها، وذكر أن ارتباط السوسن ببلدة فقوعة يعود لتأقلمها وتمسكها في المناخ الجبلي والتربة الحمراء المتداخلة بالصخور.
وأشار إلى أنه في المستقبل سوف يتم عمل محميات لها، لأنها غير قابلة للإنبات بالبذور فهي تنمو من خلال البصيلات فقط.
وطالب الشيخ بالتوعية الصحيحة للحفاظ عليها ومنعها من الانقراض، وعمل دراسات وبرامج سياحية داخلية لتعريف الناس بها، وعدم استخدام المبيدات الحشرية والعشبية لأنها تضر بها، كما ناشد المزارعين الذين يقومون بحراثة أراضيهم بمحاولة الابتعاد عن الزهرة أثناء الحرث. وكان تجوال أصداء قد رصد زهرة السوسن خلال جولة له برعاية مصنع البريق للمنظفات.