الرئيسية / مقالات
حراك في المياه الآسنة
تاريخ النشر: الأربعاء 22/03/2017 18:10
حراك في المياه الآسنة
حراك في المياه الآسنة

 بعد انقضاء ما يزيد على الربع قرن من انطلاقة ما يسمى عملية التسوية السلمية للصراع العربي الإسرائيلي في أعقاب العدوان الثلاثيني على القطر العراقي الشقيق ,وبرعاية مطلقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتلك العملية ,والتي ثبت بالدليل القاطع وبعد مرور كل تلك السنين العجاف سعيها الحثيث لتصفية قضية الشعب الفلسطيني العادلة وحقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967م على أساس قرارات الشرعية الدولية, ليس هذا فحسب بل وتأكد للقاصي والداني خلال مسيرة التسوية تلك انحياز الولايات المتحدة الصارخ لصالح الرؤى الإسرائيلية ومشاريع الاحتلال الاستيطانية والتهويدية,وكذلك تأييدها المطلق للسياسات العنصرية والفاشية والإجرامية التي تنفذها العصابات الصهيونية بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني والدعم الكامل الذي تقدمه في هذا الشأن تسليحا وماديا الإدارات الأمريكية المتعاقبة والتي كان آخرها صفقة( أوبا ما) بمليارات الدولارات وسرب الطائرات فائقة التطور.

 

وفي ظل ما أفضت إليه المفاوضات من طريق مسدود وانعدام كامل لآفاق التسوية السلمية بسبب إنكار حكومة الاحتلال لكل العهود والعقود المبرمة بين الجانبين, ومضيها الجنوني في سياسة القمع والقتل والتنكيل والحصار وتسريع وتيرة الاستيطان ومشاريع التهويد ..تطل علينا اليوم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد (ترامب)والتي أعلنت مسبقا وبكل وضوح وجرأة انحيازها الكامل وتأييدها المطلق لصالح المشروع الكولونيالي ألإحلالي الاستيطاني الصهيوني باتصال هاتفي تلقفه على الفور الرئيس الفلسطيني محمود عباس ممزوجاً بفرحة عارمة بدت على محياه تشي بانفراجة كبيرة في آفاق التسوية المسدودة دفعته للتصريح قبل التدقيق عن حل قريب يلوح في الأفق يمسك زمامه الرئيس الأمريكي الأكثر وضوحاً وتطرفاً وانحيازاً لصالح الاحتلال ومشاريعه التصفوية.

بتقديري إن الحديث في هذه الآونة عن انفراجة جديدة وكبيرة في المنطقة يقودها المعتوه المتصهين (دونالد ترامب) ليست سوى ضرب من الخيال واستخفاف واضح بعقول الوطنيين الفلسطينيين والعرب ,وملهاة جديدة تقود إلى إطلاقةً أخرى للمفاوضات المتوقفة بين طرفي الصراع, تهدف نحو تمرير باقي المخططات الاستيطانية والتهويدية في القدس والأغوار وباقي أنحاء الضفة الغربية ,وكذلك الإفلات من انتفاضة وعي العالم والإنسانية تجاه فلسطين وقضية شعبها ومظلمته التي تتصاعد باضطراد وتأخذ أشكالاً أكثر حيوية وفاعلية ,حيث انطلقت حركات التضامن عابرة القارات محققة الإنجاز تلو الآخر في الضغط على النظام العنصري الإسرائيلي (الابرتهايد )  .

إن البديل المنطقي عن اللهاث وراء سراب الوعود الأمريكية الكاذبة هو الذهاب نحو ترصين الجبهة الداخلية وتوسيع دائرة النقاش حول الإستراتيجية الفلسطينية في ظل المستجدات الراهنة وضرورة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها كافة لتشمل كافة ألأطياف السياسية في الساحة الفلسطينية وتؤول نحو وضع الخطط والبرامج النضالية المستندة للميثاق الوطني الفلسطيني وثوابت الشعب العربي الفلسطيني وقرارات المجلس المركزي الأخيرة مع بعض المقترحات التالية التي تصلح أساسا للمرحلة القادمة:

1-  عدم الوثوق مطلقاً بالجانب الأمريكي كراعي نزيه لعملية التسوية السلمية وأخذ جانب الحيطة والحذر في ذلك على اعتبار أن الولايات المتحدة تقودها مؤسسة متجذرة في العداء للعرب والفلسطينيين على حد سواء وليس شخص ٌ يسير وفق أهوائه ومزاجه .

2-  عدم الولوج في مفاوضات مباشرة مع العدو الصهيوني دون إقراره علنا وبشكل صريح اعترافه بكامل حقوق الشعب الفلسطيني وانصياعه التام لكل القرارات الدولية التي تعترف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على كامل الأراضي المحتلة عام 67م وعاصمتها القدس الشريف وحق العودة لكل اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها وكافة محددات عملية السلام والتسوية السلمية.

3-  وضع سقف زمني قصير ينهي رحلة الانتظار الطويلة لإنهاء الاحتلال وإزالة كافة المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة عام 67م.

4-  التمسك بخيار المقاومة بكافة أشكالها لضمان كنس الاحتلال ومستوطنيه وإجباره على الانصياع لقرارات الشرعية الدولية.

5-    وضع آليات وبرامج مناسبة تضمن إطلاق سراح كافة أسرى الحرية في سجون الفاشية الصهيونية.

6-    العمل على إنهاء الانقسام الداخلي بشتى الوسائل والسبل وتقديم التضحيات الكبيرة في سبيل انجاز الوحدة الوطنية .

7-  توثيق العلاقة بالنظام الرسمي العربي والعمل على استنهاض كل عناصر القوة السياسية والاقتصادية والتجارية والجغرافية في عالمنا العربي بما يخدم مشروع المواجهة مع الاحتلال والقوى الداعمة له ,وكذلك توطيد العلاقة مع القوى والأحزاب الوطنية والقومية والإسلامية المناضلة في الساحة العربية والعمل على تشكيل جبهة عربية قومية إسلامية مساندة ومشاركة في معركة التحرير واسترداد الأراضي المغتصبة.

8-  وقف التنسيق الأمني مع الجانب الصهيوني انسجاما مع مقررات المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة من أجل الضغط على الاحتلال وإجباره على الرضوخ لشروط التسوية السلمية.

           

لقد آن الأوان لوضع حد نهائي لحالة الاستخفاف بمقدرات شعبنا وأمتنا والانتقال مباشرة نحو وضع البرامج النضالية الكفيلة بإنهاء الاحتلال موضع التنفيذ والنصر حليفنا طال الزمن أم قصُر.

 

                                                               بقلم : ثائر محمد حنني

                                                         بيت فوريك – فلسطين المحتلة

                                                                  آذار – 2017م 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017