وفي 1957، تعهدت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول بنلوكس (بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج) «إقامة أسس اتحاد يسعى دائما إلى تقارب أكبر بين الشعوب الأوروبية».
لكن جنتيلوني قال قبل مراسم توقيع الوثيقة «توقفنا، وهذا أثار لدى الرأي العام أزمة رفض، وأحيا النزعات القومية التي خلناها باتت طي النسيان». ورغم ذلك «لقد استخلصنا العبرة، والاتحاد اختار الانطلاق مجدداً».
ويؤكد الأعضاء الـ27 في الإعلان أن «الاتحاد واحد لا يتجزأ ولا ينفصم»، في رد واضح على «بريكست».
وحذر الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بهذا الصدد في إعلان صحفي «سنتصرف بحيث لا يتم (بريكست) على حساب أوروبا»، مؤكداً أن لندن «ستدفع حتماً ثمن عواقب» انفصالها.
|
وباشر حوالي 30 ألف شخص من معارضين أو مؤيدين للاتحاد الأوروبي، التظاهر في شوارع روما فيما أغلقت قوات أمنية مكثفة وسط المدينة، وهي تخشى بصورة خاصة أن يندس بين المتظاهرين مئات الناشطين من مجموعات «بلاك بلوكس» من الفوضويين أو المستقلين.
وبعدما بدأ مسيرته بست دول فقط بهدف إعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، يواجه الاتحاد اليوم أسوأ أزمة في تاريخه، فهو أمام تحديات «بريكست» وأيضاً موجات الهجرة والتباطؤ الاقتصادي، فضلاً عن الاعتداءات والتهديدات الإرهابية والانغلاق على الهوية الوطنية.
وقال يونكر «يجب ان تشكل قمة روما بداية فصل جديد من أجل أوروبا موحدة من 27 دولة».
من جانبه، قال توسك «اليوم في روما، نجدد التحالف الفريد لدولنا الحرة الذي أطلقه أسلافنا قبل ستين عاماً».
لكن في معزل عن هذه التمنيات، لم ينج «إعلان روما» أمس من الانقسامات في صفوف الأوروبيين، لا سيما بين دول الغرب ودول الشرق.
وتعهدت الدول الـ27 «التحرك بالتوافق، وبوتيرات مختلفة إذا اقتضت الحاجة وبكثافة مختلفة، مع التقدم في الاتجاه ذاته، مثلما فعلنا في الماضي، طبقاً للاتفاقيات، مع ترك الباب مفتوحا أمام الذين سيرغبون في الانضمام إلينا مستقبلاً».
وهي فقرة صيغت بعناية فائقة لمحاولة طمأنة بولندا والدول الأخرى المتمنعة التي تخشى استبعادها من «النادي الأوروبي» بسبب معارضتها المتكررة مشاريع بروكسل، لا سيما في ما يتعلق بسياسات الهجرة.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام الصحفيين ساعية للطمأنة: «إن أوروبا بسرعات متفاوتة لا تعني إطلاقاً أنه ليس هناك أوروبا مشتركة للجميع».
من جانبه، دعا وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل بلاده إلى إبداء مراعاة أكبر لمصالح الدول الأصغر داخل الاتحاد. وكتب جابريل، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، في مقال لمجلة دير شبيجل: «خلال السنوات الماضية كانت الدعوة الموجهة إلينا بلعب دور ريادي لبلادنا بمثابة سم حلو بالنسبة لنا نحن الألمان».
وأوضح جابريل أن أوروبا أكبر وأكثر تنوعا من ألمانيا، وقال: «يتعين أن تنظر إلينا الدول الأصغر كألمان ودودين وليس كألمان واعظين».
ودعار جابريل إلى مواجهة إغراءات بكين أو موسكو أو واشنطن، الراغبة دائماً في التحدث مع الألمان فقط، من خلال التوضيح أن ألمانيا تود القيام بدور مهم وتحمل المسؤولية، مع الإشارة في الوقت نفسه إلى أن «أوروبا أكبر بكثير من ألمانيا، وأن علينا القيام بالأمور على نحو مشترك».
آلاف المتظاهرين في لندن ضد «البريكست»
لندن (أ ف ب)
قبل أربعة أيام من بدء إجراءات الطلاق مع الاتحاد الأوروبي الذي أحيا أمس الذكرى الستين لتأسيسه، سار عشرات الآلاف في لندن أمس للتعبير عن رفضهم الخروج من الاتحاد وتجمعوا أمام البرلمان. وفي طقس مشمس وتحت شعار «متحدون لأجل أوروبا» و«أسمعوا صوتكم، أوقفوا بريكست»، تظاهر 80 ألف شخص حسب المنظمين، في شوارع لندن رغم الإجراءات الأمنية المشددة.
ورفع المتظاهرون العلم الأوروبي الأزرق مع نجوم مذهبة ولافتات عدة كتب عليها «غدا الأحد عقارب الساعات تعود ساعة إلى الوراء، والأربعاء تعود 40 عاما إلى الوراء» و«الإرهاب لن يقسمنا، بعكس بريكست» و«عمري 15 عاما، أُريد أن تعيدوا لي مستقبلي» و«لسنا خائفين».
ووقف المشاركون دقيقة صمت أمام مبنى البرلمان حدادا على الضحايا الأربع لاعتداء الأربعاء الذي خلف أيضا خمسين جريحا. وقال زعيم الديموقراطيين الأحرار تيم فالون مخاطبا المتظاهرين «الديموقراطية مستمرة» مضيفا «نحن هنا رغم هذا الهجوم». وقالت خوان بونز الممرضة الإسبانية التي تعيش منذ 17 عاما في المملكة المتحدة وتعمل في جهاز الصحة العام (اتش ان اس) «جواز سفري يشير ربما إلى أنني إسبانية لكن قلبي بريطاني».
وقال المنظمون الذين كانوا فكروا في إلغاء التجمع إثر اعتداء الأربعاء، ثم عادوا وأكدوه «لن نخاف وسنكون متحدين ومتضامنين. وسنتظاهر من قلب ديموقراطيتنا ونستعيد شوارعنا تكريما لمن قتلوا».
وتزامنت المسيرة مع الذكرى الستين لبدء تبلور الاتحاد الأوروبي التي يحتفل بها في روما، حيث من المقرر أن يجتمع المسؤولون السياسيون للدول الأعضاء الـ 27 لإعداد مفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد. وستعلن رئيسة الحكومة البريطانية الأربعاء رسمياً بدء آلية الخروج من الاتحاد ما يمهد لعامين من المفاوضات الشاقة.