اجتماعات... اجتماع.. لقاءات.. مؤتمر.. جلسة... ما فائدة أي "قعدة" لأي مؤسسة إذا ذات المؤسسة جسداً وروحاً وبنيوياً بانهيار... مُنْهارة!! هل الشكل والاسم والبنية أهم من فعل الجسد المؤسساتي؟! من السهل خلق مسميات ومناصب وكراسيّ... أنت عضو في الجمعية، أنت عضو في المؤسسة، أنت عضو مجلس، أنت عضو وهو عضو وهي عضو، أعضاء الوفد المفاوض، أعضاء وفد المصالحة، عضو في النادي، والبعض تجده عضوا في كل شيء بس لو أنه عضو نشيط... يا دوب 3 حبات زُرُق تخليه نشط!! يا جماعة الخير.. نحن شعب أعضاء ودولتنا أصبحت عضوا.
حاولت النظر الى مفهوم "المجلس" و "العضو" في النظام السياسي الفلسطيني من حيث الدور والمهام والوظائف وعلاقة المجلس بالمجالس الأخرى وخصوصاً أن مجالسنا كثر _والحمد لله_ ما بخفي عليكم بأني تعبت لدرجة ضياعي في مفهوم النظريات الخاصة بالعلوم السياسية التي تختص بالواقعية السياسية، لهذا قمت محاولاً التعرف على حقائق المجالس الفلسطينية كما هي على واقعيتها.
ولذلك فان تحليل الطبيعة السياسية للمجال السياسي في المجتمع بمكوناته التنظيمية الفردية والجماعية ومؤسساته السياسية وعوامل البيئة المحيطة "بالواقع الفلسطيني" لا تفهم إلا إذا أخذت كل العوامل المؤثر والمتأثر بتفاعل وتداخل لكون أن طبيعة هذا المجال تختلف من دولة إلى أخرى.
لكن بقراءة سريعة لعدد من التجارب الدولية الشبيهة نوعاً ما بحالتنا، وجدت أن حل الصراعات التي تدب في داخل المجتمع لأسباب اقتصادية، سياسية، ثقافية.....الخ والتي يفترض إيجاد حلول لها إذا ما أريد للمجتمع أن يستمر بالوجود، يفترض وجود قوة منظمة تعمل داخل مؤسسة ما.
في حالتنا الفلسطينية هناك فائض في المؤسسات والتي تتداخل وتتشابك وتتقاتل في بعض الأحيان فيما بينها سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي. إذن كيف لنا أن نعالج ما يجب علاجه والأدوات التي نعالج بها" المجالس" أكل الدهر عليها وشرب؟! إلا إذا كان المقصود فقط بهذه المجالس هو الشكل أكثر من المضمون.
اسمحوا لي أن أنظر الى المجالس الفلسطينية من خلال عين العم جون لوك، هذه المجالس غير موجودة في الطبيعة، بل هي من صنع الإنسان أوجدها لخدمة مصالحه، وان هذه المجالس في جوهرها هي سلطة الحرية التي تهدف إلى تحقيق سعادة الإنسان.. وتعني هذه الأفكار أن جذور شرعية الدولة تجد سبب وجودها في حاجة الأفراد الذين ولدوا أحراراً لحماية حريتهم وملكيتهم الخاصة ضد ممارسات السلطة التعسفية. لهذا فان المجالس التي وجدت لابد أن تكون سلطة عدل، وهنا عند العم جان جاك روسو، فبالنسبة له أن الدولة تجد شرعية وجودها من خلال التقاسم المشترك لأفراد مجتمع ما للمصالح المشتركة بتفضيل المصالح العامة على الخاصة في تنظيم المجتمع من خلال تقاسم السلطات، حيث تعتبر إرادتهم المشتركة مصدرا للقانون لأنها تمثل سيادتهم التي لا تعلوها سيادة ثانية.
وللتعبير عن هذه السيادة فان فكرة التفويض تترجم عملياً تلك الإرادة الجماعية بحكم المواطنين أنفسهم بأنفسهم من خلال ممثليهم المنتخبين في "المجالس" عندما يفوض هؤلاء بالتكلم عنهم لوضع القوانين وصنع السياسة كتعبير عن الإرادة الجماعية.
وهنا مربط الفرس!! إن أعضاء هذه "المجالس" هرمووووووووا وانتهت صلاحيتهم.. ولا يمثلون المجتمع وربما لا يمثلون أنفسهم، وهنا تسأل المواطن عن وظائف هذه "المجالس" تجده يستغرب من ماهية هذا المجلس؟ وما الفائدة التي يقدمها مجلس "س" له كمواطن!؟ بالتالي أستطيع الادعاء بأن أغلبية أعضاء هذه "المجالس" هدفهم الوحيد الحصول على السلطة بمفهومها الحرفي، وذلك من خلال تبني شعارات ومبادئ قد تكون في بعض الأحيان متناقضة مع وجودها أو مع الأفكار والمبادئ التي تنادي إليها "المجالس" ذاتها، ولإثبات حالة الوجود تجد هؤلاء الأعضاء من فترة الى فترة يخرج لنا بتصريح صحافي ناري، من أجل إشباع الرغبات الذاتية بأنه صاحب سلطة كونه "عضوا" من أجل الحفاظ على مصالحه الشخصية ثم يختفي كأنه في سبات عمييييييييق.
فحالتنا تنطبق على تحليل روبيرتو ميشيل "إن احتلال القيادات مركز الصدارة داخل الحزب يسمح لها أولا الحصول على السمعة الاجتماعية التي تلعب دورا في الحصول على شرعية تواجدهم في قمة الهرم الحزبي، وثانياً التعرف على آراء المنتمين إلى صفوفهم، مما يسهل عليهم العمل باتجاه إشباع مصالحهم والاستجابة لها، وثالثاً الاستفادة من هذا الموقع أيضا في استخدام وسائل الاتصالات الجماهيرية لجلب الأنظار من حولهم وللتلاعب بالرأي العام".
بالنهاية أقولها وبكل قوة أن هذه "المجالس" هي بذمة الله، علينا التجديد والتجدد وضخ دماء جديدة لها، وإعادة هيكلتها من جديد بما يتلاءم مع التغيرات التي تمر بها قضيتنا والتغيرات الإقليمية والعالمية، وإعطاء الشعب حقه المقدس بأن يكون شعباً فقط لا غير.... لهذا على الشعب أن يقوم بإكرام هذه المجالس.