بعد سقوط نظام علي عبدالله صالح في عام 2012، تلقى اليمن العديد من المساعدات الخارجية، وبخاصة من السعودية وبعض دول الخليج، ولكن هذه الأموال طالتها يد الفساد، ولم تسهم بشكل فعال في إنقاذ اليمن من أزماته الاقتصادية.
وما يؤكد صحة هذه النتيجة أن اليمن يتراجع ترتيبه على مؤشر الفساد منذ عام 2012 وحتى الآن، فبعد أن كان اليمن يحقق 23 نقطة من إجمالي 100 نقطة على مؤشر الفساد في عام 2012، حقق 14 نقطة فقط في عام 2016 على نفس المؤشر.
ويمتلك اليمن سجلًا غير مشرف في مجال مكافحة الفساد، حيث أدرج في عام 2016 ضمن أفسد عشر دول على مستوى العالم، وذلك وفق تقويم التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2017، فمن بين 176 دولة شملها التقرير أتى اليمن في الترتيب 170، بنحو 14 نقطة من إجمالي نقاط المؤشر البالغة 100 نقطة.
وهو ما يعني زيادة معدلات الفساد، وهو أمر طبيعي في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني التي عاشها اليمن منذ عام 2011، وكذلك دخوله في الحرب الأهلية منذ عام 2015، وكذلك غياب مؤسسات الدولة من برلمان وأجهزة رقابية أخرى.
وحسب تصريحات الرئيس اليمني هادي منصور المنشورة مؤخرًا عبر وسائل الإعلام، فإن السعودية رصدت 10 مليارات دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة من قبل القوات التابعة للمقاومة اليمنية، وسوف تخصص هذه الأموال بواقع ملياري دولار لدعم احتياطي النقد الأجنبي بالبنك المركزي، وتوجيه بقية الأموال لأعمال البنية الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والكهرباء ومياه الشرب وغيرها من الأعمال الضرورية،
وإن كان الرئيس اليمني لم يبين زمن الحصول على هذه الأموال، أو طبيعة العقد الخاص بها، هل هي مساعدات أم قروض.
وحتى لا تنسي الأحداث بعضها بعضًا فمن الضروري إظهار أن الفساد كان أهم مظاهر فشل هادي منصور وحكومته في إدارة الحياة باليمن بجوانبها المختلفة سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، بل إن الفشل الاقتصادي وتبديد المساعدات الخارجية، كان مقدمة طبيعية لتوقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي بموجبه تم تخفيض الدعم عن السلع الضرورية بشكل كبير، ومن بينها الوقود.
ومن هنا وجد الحوثيون لأنفسهم مدخلًا للانقلاب على السلطة في اليمن، ثم عاش اليمن فيما بعد الحرب الأهلية، وتدخلت دول الخليج بقيادة السعودية والإمارات لمواجهة الحوثيين، ولم تنته الحرب بعد.
مما يؤسف له أن من ينتظر أن يديروا ملفات إعادة إعمار المناطق المحررة باليمن، هم من ترعرع في عهدهم الفساد، ولم يُحاسبوا على المنح والمساعدات الخارجية التي حصلوا عليها بعد إزاحة علي عبدالله صالح في عام 2012، ويتطلب الأمر في بلد يصنف على أنه من أشد دول العالم فقرًا، أن توضع ضوابط تضمن أن تذهب هذه الأموال إلى مشروعات تنموية حقيقية، وأن يستفيد منها بالدرجة الأولى النازحون داخل اليمن، والذين هجروا قسرا من بيوتهم نتيجة الحرب الأهلية. وثمة مجموعة من الضوابط يمكن أن تبعد شبح الفساد عن أموال إعادة الإعمار منها:
ليس من قبيل المبالغة القول بأن حصول اليمن على 10 مليارات دولار لإعادة الإعمار، هو فرصة كبيرة فتكلفة الحصول على تمويل لإعادة الإعمار من مصارف أخرى ستكون عالية، سواء من المنظمات الدولية، أو عبر برامج المساعدات من جهات أخرى، أو الاقتراض من المؤسسات التجارية، أو أسواق المال.
نقلا عن الجزيرة مباشر