د.خالد معالي
حتى الشياطين تتأفف منها؛ قتل، اغتصاب، تقطيع، وإلقاء الجثة في النار؛ "إنه شيء تأنف الوحوش نفسها ارتكابه؛ لقد أتوا بفتاة واغتصبوها بحضور أهلها، ثم انتهوا منها وعذبوها وقطعوا نهديها ثم ألقوا بها في النار"؛ هذه كانت شهادة احد الصحفيين الذي تابع مجزرة دير ياسين ووثقها.
تباكى "نتنياهو" على مجزرة خان شيخون في سوريا وذرف دموع التماسيح؛ والتي استخدم فيها غاز السارين المحرم دوليا؛ كونه سلاح دمار وقتل شامل، وقتل به الأطفال والنساء والشيوخ؛ ولكنه لم يتباكى على مئات الأطفال الذي قتلوا في الحرب العدوانية على غزة عام 2014، والتي قد تتكرر في أية حرب قادمة.
يا لنفاق العالم المتمدن والمتحضر!! لو أن طفلا يهوديا قتل ولو بالخطأ؛ من قبل المقاومة الفلسطينية؛ وما هي بفاعلة؛ لتمتعها بحيز أخلاقي كبير جدا؛ بعكس "نتنياهو" وزمرته؛ لصارت صوره تملئ الأرض، ولخرج "نتنياهو" على فضائيات العالم باكيا تسيل دموعه، ولاستعطف العالم كي ينصره في دحر "الإرهاب".
بحسب القانون الدولي الإنساني وكافة الشرائع والمواثيق الدولية؛ فان مجزرة دير ياسين تعتبر جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، ومن هنا فان من قام بها هو مجرم ووحش لا يحق له أن يحيا أو يعيش ويجب ملاحقته ومحاكمته وإعدامه.
كيف لكيان غاصب محتل وآخر احتلال في العالم؛ أقيم على مجازر وأشلاء الأطفال والنساء؛ كيف له أن يستمر ويطول عمره؟! ففي التاسع من نيسان (ابريل)، من كل عام تحل ذكرى مجزرة دير ياسين، التي راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والنساء، عقب الهجوم الذي نفذته الجماعتان الصهيونيتان 'أرغون' و'شتيرن'، في نيسان (ابريل) عام 1948 والتي مضى عليها 69 عاما ولا ينساها قرابة 13 مليون فلسطيني.
المجزرة الوحشية؛ تبقى شاهدةً على فظاعة الجرائم التي ارتكبتها هذه العصابات في كيان الاحتلال الإجرامية وقتها، لتهجير الفلسطينيين من أرضهم وطردهم في منافي الأرض لا يلوون على شيء.
ما بين 250 إلى 360 شهيدا فلسطينيا قتلوا بدم بارد خلال المجزرة؛ بعد أن شنت جماعات اليهودية بشن هجوم على قرية دير ياسين، الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، وهو ما أدى لاحقا إلى تكرار مجازر الاحتلال والتي كان آخرها مجزرة استشهاد قرابة 500 طفل خلال الحرب العدوانية على غزة عام 2004 في حرب العصف المأكول، وإعدام أطفال وشبان صغار السن على حواجز لاحتلال.
في تفاصيل أحداث المجزرة؛ فان عناصر المنظمتين (الأرغون وشتيرن) شنتا هجوما على قرية دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، لكنهم تفاجأ بنيران الأهالي التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 قتلى و 32 جريحا؛ وبعد ذلك طلبت العصابات المساعدة من قيادة 'الهاغاناه' في القدس وجاءت التعزيزات، وتمكّنوا من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على القرويين دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.
مراسل صحافي فرنسي عاصر المجزرة قال أن مجزرة دير ياسين كانت عاملاً مهمّاً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة، لما سببته المجزرة من حالة رعب عند المدنيين، حيث يشير البعض إلى أنها كانت الشَّعرة التي قصمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الصهيونية في عام 1948.