استضاف راديو حياة fm في نابلس ضمن برنامج " بدنا نحكي صح" الذي يقدمه الإعلامي ادهم الخروبي ندوة سياسية حول اتفاق المصالحة الفلسطينية وانعقاد دورة المجلس المركزي الفلسطيني شارك فيها تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني الفلسطيني عن حركة فتح، وبسام الصالحي الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، والدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الفلسطينية، وخالدة جرار عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والشيخ أحمد الحاج علي عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة حماس.
وأبدى المشاركون في الندوة ترحيبهم باتفاق المصالحة الذي وقع في مخيم الشاطئ بقطاع غزة مؤخراً.
نصر الله: تفاؤل بدون افراط
وعبر نصر الله عن سعادته بتوقيع الإتفاق بشكل فاجئ المراقبين، مبيناً أن ذلك دليل واضح على إمتلاك من قاموا بالتوقيع الإرادة السياسية، وأبدى خشيته من عامل الزمن الطويل نسبياً أثناء تنفيذ بنود الإتفاق، داعياً في الوقت نفسه إلى الإسراع في التنفيذ بنفس الإرادة السياسية التي تم فيها التوقيع، لأن المواطن الفلسطيني يريد أن يرى واقعاً سياسياً جديداً يشارك به الكل الفلسطيني بغض النظر عن الإنتماء السياسي والمعتقدات الأيديولوجية وفقاً للقانون الفلسطيني الذي يدعو إلى ممارسة الحريات العامة والتعددية السياسية. وحول الموقف الأمريكي الغاضب من الإتفاق قال نصر الله أن هذا موقف غريب ومستهجن وهو تدخل سافر بالشأن الداخلي الفلسطيني، وكان من الأجدر بالولايات المتحدة الأمريكية أن تدعم الإتفاق لا أن تتبنى نفس الموقف الإسرائيلي الذي جاء مرتبكا من خلال رزمة العقوبات التي أعلنتها الحكومة الإسرائيلية، مؤكداً في ذات الوقت أن هذه العقوبات لن تثني الشعب الفلسطيني وقيادته السياسية عن المضي قدماً في طريق المصالحة وأية خطوات من شأنها الإسراع في التنفيذ، لأن ذلك يصب في المحصلة النهائية في خانة الشعب الفلسطيني. وحول انعقاد دورة المجلس المركزي قال نصر الله أنه يأمل أن تشكل قرارات المجلس شبكة أمان لتنفيذ الاتفاق وان تساهم في تفعيل الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية، والسعي الحثيث لإجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني .
الصالحي: مؤشرات إيجابية لحماية الإتفاق
من جهته أعرب الصالحي الذي شارك في وفد منظمة التحرير الفلسطينية الذي زار غزة عن ترحيبه العميق بما توصل إليه الوفدان، معتبراً ذلك ثمرة جهود كبيرة استمرت لسنوات، شاركت بها مختلف القوى السياسية الفلسطينية بما فيها فئة الشخصيات المستقلة، وبعض الدول العربية. وأكد أن بعض المؤشرات الإيجابية توحي بجدية التوقيع والتنفيذ هذه المرة عن سابقاتها، لعل أهمها وضع إستقالة حكومة الدكتور رامي الحمد الله بيد الرئيس أبو مازن للتصرف بها حين تشكيل حكومة الإئتلاف الوطني، وكذلك إنعقاد دورة المجلس المركزي الفلسطيني والتي ستحمل عنوان المصالحة، لما ستشكل هذه الدورة من تأكيد على وحدة الصف الفلسطيني في مواجهة كافة التحديات التي تواجهه، ودعا الصالحي إلى الإسراع في تنفيذ الإتفاق واختصار البرنامج الزمني بأقل مدة. وردا على سؤال حول تقديم الحكومة المقالة في قطاع غزة استقالتها، قال: الحكومة المقالة ﻻ تحتاج إلى تقديم استقالتها فلقد اقالها الرئيس الذي شكلها منذ عدة سنوات. ودعا إلى توفير كل عناصر الحماية الوطنية والفصائلية لتنفيذ اتفاق المصالحة وردم آثاره السلبية على مجمل الوضع الفلسطيني الداخلي.
البرغوثي: آن الأوان لتطبيق توصيات لجنة الحريات العامة
فيما إعتبر الدكتور البرغوثي أن الضمانة الأكيدة لتنفيذ الإتفاق تكمن في إلتفاف الشعب الفلسطيني حوله، وكل القوى التي وقعت عليه. معتبراً إياه بالخطوة الهامة التي يجب أن تؤسس لما بعدها من خطوات، وقال أنه تم التحضير له لمدة ثلاثة أسابيع أجرينا خلالها اتصالات كثيرة لضمان نجاحه. وقال أن الرهان على المفاوضات مع حكومة الإحتلال الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً نتيجة تعنت الحكومة الإسرائيلية وإستمرارها بمصادرة الأراضي وبناء المزيد من الوحدات الإستيطانية وتهويد مدينة القدس، وحدد البرغوثي أربع نقاط تصب في الإستراتيجية الفلسطينية التي يجب أن يتم التوافق عليها وهي: تعزيز الوحدة الوطنية وتوفير كل مقومات تصليبها من خلال دعم ورعاية اتفاق المصالحة، وتطوير أدوات المقاومة الشعبية وتصعيدها، ودعم برنامج حركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل، والإتفاق على سياسة إقتصادية مدعومة من الحكومة الفلسطينية ضمن معايير تعزز من صمود المواطن الفلسطيني فوق أرضه. وحول تنفيذ بنود اتفاق المصالحة قال البرغوثي أنّ لقاءً جمع لجنة الحريات العامة التي يرأسها مع الرئيس أبو مازن بحضور رئيس المخابرات العامة اللواء ماجد فرج بعد توقيع إتفاق غزة للمطالبة بتطبيق أحد عشر توصية كانت لجنة الحريات قد تبنتها في السابق، وأنّ مسؤولية تنفيذها من صلاحيات السلطة التنفيذية. وقال أن أولى خطوات المصالحة تكمن في توفير المناخ المناسب للحريات العامة، وبعد ذلك يتم تشكيل الحكومة، ودعوة المجلس التشريعي الفلسطيني للإنعقاد لمراجعة كافة المراسيم والقوانين التي صدرت عن الرئيس للبت فيها.
وقال البرغوثي في وصفه للوضع الذي شاهده في قطاع غزة مؤخراً أنّ وضع القطاع بائس وهناك نزيف لا يتوقف نتيجة الحصار الخانق الذي يتعرض له القطاع منذ عام 2006 وحتى الآن، حيث يلاحظ إنقطاع دائم للكهرباء، وتدفق للمجاري، وإغلاق للمعابر مما يؤثر سلباً على الوضع المعيشي والإقتصادي لسكان القطاع.
جرار: الفصائل جزء أساسي من إتفاق المصالحة
ورحبت جرار بالإتفاق واصفة إياه بمثابة خارطة طريق لإنهاء إنقسام حقيقي عصف بالساحة الفلسطينية ضمن جدول زمني، آملين تنفيذه بشكل عملي وسريع، ونحن حريصون على الإلتزام بذلك ومواجهة التحديات الداخلية التي من الممكن أن تعترض سبيل التنفيذ، أما التحديات الخارجية المتمثلة بمواقف الإدارة الأمريكية وحكومة الإحتلال الإسرائيلية فيجب مواجهتها بموقف فلسطيني موحد.
وحول دور الفصائل الفلسطينية في إتفاق المصالحة قالت جرار أنّ الفصائل لم تكن مراقبة وإنما كانت شريكة وجزء أساسي من العمل في إنهاء الإنقسام، وبذلت جهوداً كبيرة، ونزلت إلى الشارع عندما كان الأمر يقتضي ذلك، وعندما توفرت الإرادة السياسية لدى كافة الأطراف تم التوقيع على المصالحة بغضون عدة ساعات، والمطلوب الآن هو تطبيق الإتفاق، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ليس على أساس المحاصصة وإقتسام المواقع، بل على أساس برنامج وطني ينهي الإحتلال الإسرائيلي ويضمن عدم العودة للمفاوضات.
الحاج علي: التفاؤل فريضة
وقال الحاج علي أن الشعب الفلسطيني عصي على الكسر والتهميش والإندثار، ولقد اثبت ذلك منذ ما يقارب مئة عام، أي منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917 ونحن نعاني من النكبات والنكسات دون أن تلين لنا قناة، أو نستسلم، ووصف الإنقسام الذي حدث عام 2007 بالوجع الفلسطيني المؤقت والطارئ نتيجة ما رافقه من أحداث مؤسفة، ولكن علينا أن نعمل من أجل إنهاء هذه الإنقسام ومعالجة كافة تبعاته وآثاره السلبية على مجتمعنا، للإستعداد لمواجهة ما يخطط لنا من قبل المؤسسة الإسرائيلية بشكل موحد، ودعا إلى تفعيل دور المجلس التشريعي الذي يقع عليه دور كبير يجب أن يلعبه في المرحلة المقبلة.
وحول العقوبات التي فرضتها سلطات الإحتلال الإسرائيلي فقال أنّ ذلك كان متوقعاً منها، فهي الخاسر الأكبر من وراء المصالحة، ولكن علينا أن نتحمل هذه العقوبات وأن نصبر أمامها دون أن نقدّم أي تنازل لها، ودعا إلى التفاؤل الذي إعتبره فريضة.