الرئيسية / مقالات
أبطال خلف الأسوار
تاريخ النشر: الخميس 13/04/2017 09:37
أبطال خلف الأسوار
أبطال خلف الأسوار

 لا أعرف عدالة كقضيتهم ، ولا بذلاً كتضحياتهم ، ولا رسوخاً كثباتهم ، ولا شموخاً كرجولتهم ولا نقاءً كطهارتهم، ولا سمواً كأخلاقهم، ولا رفعة كسلوكهم.

إنهم يتحملون أشد أنواع الأذى في الأقبية والزنازين، ويصبرون على قسوة السجان وثقل الأغلال، وسلب الحرية، وتعطيل الطاقات، فإذا ظهروا أمام الإعلام في الجلسات وغيرها بالغوا في توزيع الابتسامات حتى لا نحزن، وأظهروا معالم السرور حتى لانبكي، وتعانقوا داخل الأقفاص حتى لا نفترق،  في الوقت الذي لا عمل لبعض من هم خارج الأسوار إلا نشر مايؤلمهم، وفعل مايحزنهم، وإشاعة مايفت في عضدهم، ويشمت فيهم عدو الله وعدوهم!! أفلا نتعانق من أجلهم ونتوحد لأسعادهم ، ونتغافر لإثلاج صدورهم!!

إنهم يتجرعون أشد أنواع المرارة والألم ، فإذا خرجوا إلى العلن تهللوا حتى لايدب اليأس إلى القلوب ، أو يتسلل القنوط إلى النفوس، في الوقت الذي يتفنن البعض بأقواله وأعماله في نشر كل دواعي اليأس، ودوافع  القنوط ، ولا يتورع عن  مضاعفة آلامهم بسوء فعله، ووضاعة قوله، ودناءة نفسه!! أفلا نتعلم منهم صناعة الآمل، وحسن الظن بالله تعالى!!

حتى لا يشمت عدو

إنهم يعانون الحرمان من أبسط  متطلبات الحياة، فإذا خرجوا للعلن اجتهدوا في اصلاح هندامهم، ورسموا الضحكة على وجوههم، حتى لا يشمت عدو، ولا يبتأس حبيب ، في الوقت الذي يتفنن البعض خارج الأسوار في عمل كل ما يُشمت الأعداء،  بتنازع وضيع، وفشل ذريع، ، وتصرف رقيع ، ونشر كل معالم السوء، ومخازي الطباع!! أفلا نتعلم منهم الصبر والمثابرة، أفلا نتعلم منهم كيف يكون الجلد حسبة لله تعالى ، ويقيناً فيما عنده سبحانه !!

إنهم يرفضون كل أنواع الضغوط للتنازل عن مبادئهم، او التحول عن قضيتهم ، فإذا سنحت لهم فرصة سريعة للظهور رسموا بأصابعهم  شعار قضيتهم، في الوقت الذي يتنازل بعض من ينعمون بالهواء الطلق عن ثوابت قضيته، ومنطلقات نهضته، بالخنوع والخضوع، أو بالمداهنة والاستكانة، أو بالعيش في إطار الأوهام والأحلام، أو بالانشغال بقضايا فرعية، أو نزاعات شخصية، أفلا يجدر بنا أن نتضافر لإنهاء محنتهم، واستنقاذ أرواحهم، وصيانة دمائهم !!

انهم آمنوا بعدالة القضية، وضحوا من أجل وطننا وحريتنا وهويتنا ، وصمدوا في وجه الباطل بكل ما أوتوا من قوة ، وعرّضوا أنفسهم وأموالهم وأسرهم لأشد المخاطر وأصعب التحديات ، وحافظوا على وحدة صفهم ، فهل من الأمانة أن تُضيع حقوقهم، وتُنسى قضيتهم، وتُعاني من الفاقة أسرهم، ويتاجر  البعض بمحنتهم، ويتلاعب بحقوقهم!!

حقهم علينا

 إن آلام المعتقلين لا ينبغي تجميلها بمزاعم الصمود الأسطوري، فتلك نفحات رب لطيف بعباده لا دخل لنا فيها، أما نحن فلهم علينا حقوق يجب مراعاتها، وواجبات يجب آدائها .

ـ حقهم علينا  أن نترفع عن خلافاتنا، وأن نتعالى على تطلعاتنا  ، وأن نوحد من أجلهم صفوفنا،  لتسعد بتلك الوحدة قلوبهم ، وتشرأب للفرج أعناقهم. وأن نبذل كل غال وثمين لاستنقاذهم.

ـ حقهم علينا  السهر الدائم، والسعي الدائب لفك أسرهم، وبذل كل جهد لإسعادهم ، واستثمار كل وسيلة لنشر قضيتهم، وتعريف العالم بمحنتهم، والعمل على كل مسار من شأنه أن يساهم في تعجيل خروجهم، وتفريج كروبهم!

ـ حقهم علينا: أن نقوم على شؤونهم بتوفير متطلباتهم ، وقضاء حوائجهم، ونشر علمهم، وتذكير الناس بفضائلهم، وتفقد أخبارهم.

ـ حقهم علينا أن نرعى أسرهم، وأن نتفقد أبناءهم، وأن نخلفهم بخير في أهلهم، فيحرم شرعاً على الجميع  أن يجوع أحدهم فلا يجد قوته، أو يمرض فلا يجد دواءه، أو تدخل عليه المناسبات دون إدخال السرور عليه، أو تٌصادر أموالهم فلا يجدون من يسد خلاتهم، ويستر عوراتهم، حتى يخرجوا بإذن الله أعزة سالمين، كراماً مجبورين.

فإن لم نقم بواجبنا فليس أقل من أن نُمسك عنهم أذى نفوسنا، وسوء أخبارنا، ولنصمت حتى لا تؤذيهم أقوالنا ، ولنتوارى حتى لا تخجلهم مواقفنا، ولنتحسس خطواتنا حتى لا نكون خنجراً  تُطعن به ظهورهم ، فإن لم تكن مفتاحاً للخير ، فعلى الأقل كن مغلاقاً للشر.

 وغداً ياتى الفرج ، ويفرح المؤمنون بنصر الله

 

 

نقلا عن الجزيرة مباشر

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017