الرئيسية / مقالات
استعدوا ,, فقد بدأ العد العكسي
تاريخ النشر: الجمعة 14/04/2017 07:24
استعدوا ,, فقد بدأ العد العكسي
استعدوا ,, فقد بدأ العد العكسي

 الجزء الأول : تحويل السياسي الى رياضي .

اعجبني ما قاله لي احد الأصدقاء ,, قال : أتدري ما حالنا ؟ حالنا كغرفة التعليق على المباريات في فضائية رياضية ,, يجلس المحللون ,, يقيمون فيها أداء اللاعبين ,, من سجل الأهداف و ما الأخطاء ,, يقيمون لاعب الهجوم و لاعب الدفاع و حارس المرمى ,, يرقبون أداء الجميع حتى حراس الخط و الجمهور ,, لكن كل ذلك لا يؤثر في المباراة ,, فالمباراة لعبت و النتيجة ظهرت و فاز من فاز و خسر من خسر ,, و هذا حالنا كعرب ,, نتابع الأحداث بشكل جيد في العالم و الإقليم و نكتفي بالتعليق على الأحداث دون المشاركة او التأثير فيها ,, فلا يفيدها تعليقنا و لا يفيدنا أدائها ,, و أضيف ,, اذا ما شاركنا في احدى المباريات فإننا نرقب أداء الخصم بذهول و مرمانا يتلقى الهجمات و الأهداف و نخسر المباراة ,, مع اننا نصر اننا فزنا لولا تحيز الحكم !!
و الحقيقة اننا اليوم في ختام مباراة لم نفلح فيها بالهجوم و لم نتمترس بالدفاع ,, و حارس المرمى الأول متكيء على القائم اليمنى و الثاني على اليسرى في غفوة ازلية ,, و الحكم بالتأكيد منحاز ,, و لكن انحيازه ليس السبب الوحيد في خسارتنا بل ان أدائنا لم يحرج الحكم فازداد انحيازا ,, نحن في نهاية المباراة ,, فلا وقت إضافي و لا ضربات ترجيحية ,, وقد يكون هناك فرصة لمباراة الإياب ,, فهل سنستسلم او نعترف بالهزيمة ,, أم نعيد رباطة الجأش و نستعد للدفاع باعتباره خير وسيلة للهجوم ,, أم سنحضر لمباراة الإياب ؟
و كي لا اتهم انني انتقد التعليق على الأحداث و أمارس الطقوس ذاتها فسأذهب الى تقييم منهجي و بالمنطق الرياضي و اقدم دراسة موجزة و مختصرة أقيم فيها الحالة الدولية و الإقليمية من حيث ,, الخصم أو الخصوم ’’ و الحكم أو الحكام ,, و أرض الملعب ,, و أمكانيات صد الهجوم و الدفاع ,, و أخيرا مدى جاهزيتنا و قدرتنا ,, و الأهم من ذلك كله ,, وعينا لأن المباراة مصيرية و حاسمة .
تعريفات رياضية سياسية :
- ارض الملعب : منطقتنا العربية .
- المرمى و الهدف : فلسطين .
- رأس الهجوم : أمريكا و ( إسرائيل ) .
- خط الوسط : تركيا و بعض الدول الاوروبية .
- خط الدفاع : بعض الدول ( العربية ) .
- حارس مرمى الخصم : الخليج العربي .
- الجمهور : بقية العالم .
- حراس الخط : دول موالية للغرب ودول مؤيدة لنا منها دول أمريكا اللاتينية التي تتابع بحرص شديد انحياز الحكم .
- الحكم : مجلس الأمن المسيطر عليه من الخصم .
- فريقنا : الكل يلعب في الهجوم و الدفاع و بفوضوية و على ملعبنا و لكن لا أحد يتقن الأداء .
- هدفنا غير واضح .. داعمينا لا نستفيد من دعمهم ,, نتوه بين الدفاع و الهجوم و حراسة المرمى فلا نتقن أيا منهم .
الجزء الثاني : إعادة الرياضي الى التحليل السياسي .
دراسة الخصم : رغم ان الرئيس الأمريكي رونالد ترامب سبق توليه الحكم مواقف تتصف بالغرابة و التخبط الا انه سرعان ما بدأت ملامح التوجه السياسي في المنطقة بالوضوح بعد توليه الحكم ,, نعم هو يتمسك بأن التورط الأمريكي ليس بدون ثمن ,, تريدون تحقيق مصالحكم أيها ( القادة العرب ) افتحوا خزائنكم ,, تريدون النتائج بدون تعب او ألم لا تحلموا بذلك ستدفعوا بكل ما يطلب منكم و ستمضون معنا ضمن لعبة المصالح ,,, و للمترددين فان العصا في جيب و الجزرة في الجيب الأخرى .
و انطلقت السياسة الامريكية الجديدة - و هي بالمناسبة ليست مرتبطة بشخصية ترامب بل تتعداه في ظل منظومة الحكم - فتعاملت مع الحكومات و الدول المعنية كل حسب نقاط قوته و ضعفه :
- مصر,, في زيارة الرئيس المصري للولايات المتحدة بحثت ملفات عدة و منها إعادة ترتيب العلاقة مع السعودية و تخفيض التعاون مع روسيا و تجلت خلالها الازمات الأمنية و الاقتصادية ,, لينتج عن كل ذلك علاقات مميزة تصبح فيها مصر و رئيسها في مقدمة العلاقات و المصالح المشتركة مع أمريكا في المنطقة .
- تركيا ,, إعادة نسج العلاقة بما يسمح بضمان المصالح التركية في قيادة ( السنة ) و المصالح التركية الإقليمية في سوريا و العراق و التعاون على اسقاط الدولة السورية .
- دول الخليج و خاصة السعودية ,, وضع النقاط على الحروف ,, تريدون تحديد العدو بايران و حلفائها سوريا و حزب الله عليكم تعزيز العلاقة مع ( إسرائيل ) و فتح خزائنكم و تعميق التبعية و الا فالوضع الاقتصادي و الأمني في مهب الريح .
- الأردن ,, الاعتماد على الوضع الاقتصادي و الأمني باستعمال سياسة العصا و الجزرة من اجل تغيير الحقائق على الحدود الجنوبية لسوريا .
- ايران ,, إعادة فتح الملف النووي و التهديد بالعقوبات و التراجع عن الاتفاقات المبرمة في عهد أوباما .
- أوروبا ,, حسم الأمور باتجاه اكثر صرامة اتجاه سوريا و على الصعيد الفلسطيني طمس المبادرات الأوروبية للتسوية و عودة الانفراد الأمريكي في الحل .
- فلسطينيا ,, تحسين اللهجة حول الحل السلمي و استدراج للمفاوضات المباشرة مع اشتراط حسم الموقف تجاه غزة و حركة حماس قبل التحرك ,, و التطمينات المزيفة حول الاستيطان ,, و أيضا استعملت العصا و الجزرة في موضوعي الأمن و الاقتصاد .
- روسيا ,, مناوشات و شد أعصاب و العض على الأصابع و سجالات في مجلس الأمن و بالونات اختبار و جس نبض ,, و قد جوبهت بموقف روسي أكثر تشددا مفاده أن لا تخلي عن سوريا و المصالح في المنطقة مهما كلف الأمر .
- سوريا ,, الإصرار على تغيير الحكم و الدعم المباشر للمعارضة مع رسائل التقسيم باتجاه روسيا و تركيا .
- العراق ,, الاستمرار في التدخل خدمة للمصالح مع المحافظة على منع التواصل بين الحكم في سوريا و العراق .
- الصين ,, المحافظة على لعبة المصالح لتأمين مسافة فاصلة عن الموقف الروسي و تحييد موقف الصين .
هذا هو الحال و التوجه ,, هجوم منظم تستعمل فيه كافة الأسلحة ,, يتطلب افتعال الاحداث داخل سوريا و محاصرة المقاومة في لبنان و ( ترويض) حركة حماس و تخييرها بين القبول بالموقف السياسي و بين تصعيد العقوبات مع المراهنة على التذمر الشعبي الداخلي ,, و الضغط بكافة الاشكال على السلطة الفلسطينية و الاعتماد على النعرات الإقليمية و الطائفية و عسكرة التوجهات ,, و النتيجة تقسيم و فكفكة الدول و الجيوش و رهن واقع و مستقبل الشعوب العربية بالمخطط و التوجه المرسوم نحو فوضى عارمة في منطقة تعتبر ارض مواجهات دموية بضغوطات اقتصادية ,, و الهدف النهائي مصالح دولة الاحتلال و الضحية الكبرى فلسطين .
اخواني و اخواتي ,, هذه المباراة التي نخوض غمارها ,, مباراة من طراز قاس دموي تستعمل فيها المحرمات ,, يتجاوز فيها عدد اللاعبين المسموح به قانونيا ,, و أداة اللعب ليست كرة قدم بل كرة لهب متدحرج تستعمل فيها كافة الأسلحة و الأدوات ,, الحكم منحاز و الجمهور اما موجه او مغيب و الحلفاء يحاصرون ,, و مرمانا الفلسطيني عليه حارسان ضفاوي و غزاوي و لكنهما يديران ظهرهما للهجوم و يتقاتلان على كرة هلامية غير ملموسة .
لم ندرب الفريق و لاعبي الاحتياط بين الوجوم و القلق ,, و حراس الخطوط تعبوا من تراجعنا اكثر من المتابعة ,, و صافرة الحكم تجهز لتعلن انتهاء المباراة بالحسم , و الحكم يصدر الأوامر و الإنذارات دون تنفيذ .. و حاضنة فريقنا و داعميه في اقتتال داخلي ,, و الرهانات على النتائج بلغت المليارات و كل يحول الحفاظ على استثماراته ,, فهل وعينا اننا نواجه اللحظة المصيرية و اننا نقترب من مرحلة ان نكون او لا نكون ,, هل وعينا خطورة مرحلة لا ينفع فيها مهادنة على حساب المباديء و لا استجداء الحق بل تثبيته ,, و هل وعينا اننا لن نفوز في المباراة الا اذا توحدنا و تكاتفنا و حددنا الحلفاء و الداعمين و تجاوزنا الخلافات و صمدنا ,, و ربما في هذه الحالة نخسر هذه المباراة و لكن بالتأكيد سيكون هناك مباراة إياب فهل سنستعد لها ,,, نعم الاستعداد لما هو قادم ليس تهويل و لا ترجيف بل استعادة الوعي و التركيز نحو الهدف لأن العد التنازلي حقيقة قد بدأ فعلا ,,
سامر عنبتاوي 
14-4-2017
 
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017