باب التوبة مفتوح دومًا بانتظار من يعترفون بذنوبهم ويتراجعون عنها، ومن الذنوب ما له أحكام خاصة في التوبة عنه، ومن ذلك التوبة عن أكل المال الحرام بعد استثماره وتحقيق الربح منه..
يقول الأستاذ المساعد في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية الدكتور عاطف أبو هربيد: "نهى الله سبحانه وتعالى عن الغش، والربا، والربح الحرام، سواء كان هذا الربح محرما لدخول الربا فيه أو لأنه تكوّن عن طريق بيع المحرمات أو أي شكل من أشكال الكسب غير المشروع".
ويضيف لـ"فلسطين": "لو انغمس الفرد في التكسب بهذه الطريقة ثم أراد أن يتوب، فعليه أن يتعامل مع أصل المال والربح الناتج عن استثماره وفقا لما يقرره الشرع، وبالطبع لا بد أن يلتزم بكل شروط التوبة المتمثلة في التوقف عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه والندم على ما صدر منه".
ويتابع: "التوبة واجبة، وعلى الإنسان أن يترك كل ما حرم الله، خاصة فيما يتعلق بالأموال، لأن الله توعد من يأكل المال الحرام، كما في قوله عزّ وجل: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)، وجاء عن النبي أنه قال: (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)"، لافتا إلى أن الشخص يُسأل عن علمه وعمره وجسده مرة واحدة، بينما يُسأل عن ماله مرتين، مرة عن مصدره، ومرة عن طريقة إنفاقه، كما في الحديث الشريف: "لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ".
ويبين أبو هربيد أنه إذا كان تحريم المال يعود إلى أنه من أشخاص آخرين واستولى عليه الفرد بطريقة غير مشروعة، فمن لوازم التوبة أن يرد الحقوق لأصحابها، وإن لم يردّ هذا الحق في الدنيا يُؤخَذ منه في الآخرة.
ويوضح: "لو كان المال ناتجا عن تجارة المحرمات، فعلى صاحبه أن يتخلص منه، وأن يبتعد عن الأكل منه هو ومن يعيل، ولا يكون التخلص من المال بالتصدق به أو استخدامه في أعمال خير كبناء مسجد، وذلك لأن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، وإنما يمكن توجيه المال نحو أعمال تخدم المجتمع كبناء الجسور مثلا".
أما إذا كان أصل المال حراما، وتم استثماره في أمور جائزة، وتولّدت عنه أرباح، فيمكن لمن شغّل المال أن يقدّر ما يستحقه نظير الجهد في العمل، لأنه إن كان موظفا لاستحق أجرة، وهذا القدر فقط هو ما يكون جائزا له، بحسب أبو هربيد.
ويلفت إلى أنه طالما كان أصل المال حراما، فالربح الناتج عنه لا يُعدّ ملكا للشخص، ولذا هو لا يأخذ قدرا من المال على اعتبار أنها أرباح، وإنما يكتفي بما يُقابل جهده.
ويشير أبو هربيد إلى أنه لو اختلط المال الحلال بالمال الحرام، فعلى الشخص أن يتحرى في التفريق بينهما، فيأخذ الحلال ويترك سواه.
نقلا عن فلسطين اون لاين