mildin og amning mildin creme mildin virker ikke"> mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
إضراب الأسرى ألقى لنا طوق النجاة من حالة الغرق في تغذية المشهد الانقسامي. رهان جديد على إسهام الإضراب في تنقية صورة الفلسطيني من شوائبها، بعد أن بدت مؤخرا حالة لصيقة لها مواصفات التأبيد. رسالة الأسرى التي أطلقها المناضل مروان برغوثي واضحة ومتعددة الوجوه والمقاصد.
عدا أهداف الإضراب الاشتباكية مع سياسة الاحتلال العنصرية ومطالبها الإنسانية، تبدو الرسالة كمّن يصحح مسار واتجاه البوصلة الفلسطينية، أولويات النضال الوطني ضد الاحتلال، بديلا للحالة السيريالية التي نعيشها، تغليب الثانوي على الرئيسي، في الوقت الذي يوظف فيه الاحتلال كل إمكانياته وطاقاته ووقته، في العمل على تصفية القضية الفلسطينية، مستهدفا الفلسطيني؛ لأنه فلسطيني، وجوده وهويته.
الاحتلال لا يقف مكتوفا، أمامه مهمة إحباط وكسر الإضراب، ويسعى جاهدا إلى تقويضه من داخله: نشر الإشاعات المغرضة لكسره وإحاطته بالشبهات وإفشاله. تشويه مقصود عبر تظهير الأبعاد والاعتبارات الخلافية الداخلية على الإضراب، وتصوير المبادرة كأحد أشكال الصراع الداخلي. بينما البعض منا يقف ضده؛ ولو بشكل مبطَّن، متذرعا بحجج شتّى: التوقيت والشخصنة.
فالاحتلال يعلم علم اليقين؛ أن الشارع الفلسطيني مهيأ لتلقف الحكايات والإشاعات، المغرضة والسلبية على وجه الخصوص، بسبب الحالة العامة وفجواتها المعروفة. لذلك، فإنْ كان من هدفٍ نبيل أمام الحريصين والغيورين لإحباط مساعي الاحتلال، لا بد من تركيزه على إنجاح إضراب الأسرى كمبادرة تخدم استعادة المشروع الوطني الفلسطيني. بناء السياج الحامي حول الإضراب وصفاء سريرته، كفعل موجه ضد الاحتلال من جانب، واعتباره فرصة سانحة أمام الجميع، لقطف ثمار إيجابية ونتائج مركزية أخرى، من جانب آخر.
الإضراب فرصة أمام الجميع: التقاط اللحظة وبدء الصحوة المنتظرة، التحاق الفصائل غير المشاركة. فمع مرور الوقت وازدياد المخاطر على حياة المضربين، لا بد من اتساع حجم المشاركة وامتداده ليكون شاملا، القوى السياسية والسجون.
الإضراب يوفر فرصة غنية للعمل المشترك في الميدان، للحركة الأسيرة داخل السجون والحركة الوطنية: عبر التحاق جميع الأسرى في الإضراب، التوحُد ضد العدو الخارجي وإحباط مساعيه. بهذا المعنى يصبح الرهان على الاستفادة من استنهاض الشارع في خدمة إسناد الأسرى والتضامن معهم؛ فرصة أمام ممكنات الخروج من مسرح الانقسام العبثي، من الفصل المظلم.
الإضراب فرصة أمام جميع الفصائل. إعادة علاقتها مع الشارع، استعادة ثقته وردم الفجوة القائمة بينهما. فرصة أمام النشطاء الشباب لأخذ دورهم الطليعي على الأرض، وتطوير أنشطتهم واستعادة دورهم الريادي الذي بدأ مع هبتهم ووصل ما انقطع. فرصة لتجديد انتفاضتهم واستعادة دورهم واستقطاب قطاعات جديدة، فرصة لتحويل هبتهم إلى هبة جماهيرية وحراكهم إلى حراك مستمر؛ بالشكل الموضوعي الذي يفرزه الواقع واحتياجاته وتطورات الإضراب والهجمة الاحتلالية على الأرض.
الإضراب فرصة أمام المخذولين والمستبعدين عن مركز القرار والفعل والتأثير، بالانتخابات وغيرها. فرصة أمامهم لاستعادة دورهم وتأثيرهم من خلال الانخراط في حركة الشارع وزيادة زخمه. وهذا لا يعني اختزال هدف الانخراط في حراك الأسرى وتحويله إلى هدف ذاتي وشخصي، أو ردّ فعل على إجحاف مسّهم هنا؛ أو ظلم وقع عليهم هناك، بل دعوة للوجود في الميدان الرئيسي للصراع، والخروج من الأزمات والمآزق عن طريق الفعل والتأثير الإيجابي في استنهاض المجتمع.
الإضراب فرصة للقضية: نقطة تحول نضالية، تحقيقها منوط بنجاح الإضراب كأداة للنضال والوحدة الداخلية. فرصة تضعنا أمام امتحان الصمود، وتوفير متطلبات الانتصار. فرصة أمام الجادين في استعادة الشارع لدوره المقرر، تأدية الدور المطلوب في إيصال الرسائل بهمة وإبداع، تشكيل الجدار المتين لحماية الأسرى والالتفاف حولهم، في ظل حكومة إسرائيلية عنصرية متطرفة.
الإضراب فرصة أمام استكمال التوجه نحو تدويل قضية الأسرى، توسيع دائرة الاشتباك مع الاحتلال، العمل السياسي والدبلوماسي، مطالبة العالم بإسناد ونصرة مطالب الأسرى المشروعة والممكنة التحقيق. الإضراب فرصة أمام الحركة الأسيرة لتطوير أدواتها، الإمساك بمطالبها وتسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال، لفت الأنظار إلى ممارساته العنصرية المتعاكسة مع ما يوفره القانون الدولي الإنساني، وتحقيق المطالب.
كما في كل الحكايات الفلسطينية، يوجد أبطال حقيقيون، إنهم أبطال المقاومة والكرامة وأبطال الانتصار على الجوع. إنه إضراب تخطي المصاعب، فلنعدّ إضرابهم فرصة لنا جميعا، فلا تخذلونا وتخذلوهم، إنهم بحاجة إلى إرادتنا.