كتبت إباء إدريخ
وسط ضجيج المارة وبين أصوات محركات السيارات في مجمع بلدية نابلس, طفلان بعمر الورد يجلسان على مقعد خشبيّ، غالبهم النُعاس من شدة الإرهاق والاستغلال المبكر للعمل، فغزا عيناهم إلى أن استسلمتا للنوم، نائمين يحضن كل منهما الآخر تأخذهم أحلامهم الوردية لخيال جميل بعيد عن واقعهم الصعب.
ملابس مهترئة وأجساد منهكة هدها التعب, وجوهٌ يغطيها السواد بعيونٍ ذابلة وقلوبٌ متعطشة للفرح، تحن لهم مقاعدهم الدراسية التي هجروها طوعاً من ذويهم وجهلا منهم تاركين خلفهم أحلاماً مكبلهٌ بقيودٍ محبوكة بدقة.
أطفالُ الشارع وليس أطفالٌ في الشارع
الصحفي سامر خويرة الذي قام بنشر صور الطفليّن على مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) مساء تلك الليلة ثم ما لبثت أن ثارت الصور سخطا اجتماعيا حول الوضع المأساوي الذي يعاني منه الأطفال قال عبر برنامجه الصباحي في إذاعة حياة عن تخوفه من هذه الظاهره لأنها أصبحت منتشرة بكثرة، وأن الخوف الآن أن يصبح بالمجتمع الفلسطيني أطفال الشوارع وليس أطفال بالشارع.
فاقد الشيء لا يعطيه ...
المحاضر والمدرب في قضايا الطفولة والإعاقة الأستاذ ماهر الريشة قال: "إن ظاهرة استغلال طفولة الأطفال في العمل ليست ظاهره جديدة وهم ضحايا لتقصير العائلات في رعاية أبنائهم".
وناشد الريشة جميع المؤسسات المسوؤلة عن حماية الطفل والاهتمام بالطفولة للالتفات لهؤلاء الفئات الضعيفة وحمايتهم من المخاطر المحيطة بهم ممثلهٌ بالتحرش الجنسيّ والاتجار بالمخدرات.
وأشار المدرب في قضايا الطفولة والإعاقة إلى تزايد ظاهرة الأطفال المتسولين في شوارع المدن مضيفا :" إذا كنا لا نستطيع حماية الأطفال من العمل فعلينا حماية الأطفال في العمل داعماً الاباء إلى التوجه إلى دورات تدريبيه لكيفية الرعاية بالأطفال وهذا لايعني الفشل وإنما تجنباً للفشل في رعايتهم".
أما مدير شرطه محافظه نابلس العقيد طارق الحاج أكداً أن الشرطة الفلسطينية ستعمل على حماية هؤلاء الفئات بشكل كامل وتوفير الرعاية لهم، و أشار العقيد الحاج أن هذه الظاهرة تتواجد في العالم اجمعه وليس في الوطن العربي ومدينه نابلس فقط .
الحاج أضاف أن هذه الحالة بالذات لهؤلاء الأطفال كانت تتم متابعتها شخصياً لمحاوله معرفه الأمر أما بالنسبة لمصير الأب فرفض العقيد الإفصاح عنه مؤكداً أن الأطفال في أمان تام موجهاً رسالة إلى جميع الاباء و الأمهات بعدم استغلال أبنائهم وأتاحه المجال لهم للعيش في طفولة خاليه من علامات الاستفهام .
وبعد الرأي العام الساخط على قضية هذين الطفلين والتفات المؤسسات والجهات المسؤولة إلى قضيتهم أكد مدير مُديرية التنمية الاجتماعية السيد عزت ملوح على متابعة ملف الطفلين بشكل مكثف.
مشيرا إلى أنه سيتواصل مع الشرطة وجميع مؤسسات حماية الطفولة، لإنهاء أو التخفيف من هذه الظواهر حتى لا تودي بالأطفال إلى أخطار أخرى تودي على المجتمع بآثار سلبية وتهدد استقراره.
