عادة ما يرتبط مفهوم مسابقات ملكات الجمال بمعايير متعلقة بالمظهر أو الجسد، أو اختيار الملابس، أو حسن الملامح، إلا أن صعيد مصر ثار على ذلك المفهوم من خلال إطلاق مسابقة لملكات جمال المجتمع، لتكون هي الأولى من نوعها، التي اختلفت في معايير التقييم.
فجمال الشكل ليس المعيارَ في المنافسة، أو الوصول للفوز بلقب المسابقة، ويكفي أن تكون المتقدمة لديها فكرة يمكن أن تؤثر وتفيد المجتمع، لتكون ضمن المتنافسات على اللقب.
كان الدليل الأبرز على عدم اعتماد المسابقة على عامل الجمال، هو وجود فتاة منتقبة، لا تظهر تفاصيلها الشكلية ضمن المتسابقات، الأمر الذي لفت انتباه وسائل الإعلام، حيث رفضه البعض من وجهة نظر دينية، وعدم مشاركة فتاة منتقبة في مسابقة لملكات الجمال.
الجدل الدائر حول مسابقة Queen دَفَعَ محمد سيد، أحد أعضاء The Team -الجهة المنظمة- لتوضح طبيعة المسابقة على الصفحة الرسمية على فيسبوك، حيث أوضح أن المسابقة لا تصطدم مع قيم المجتمع.
مدير المسابقة وصاحبة فكرة انطلاقها، رحاب الحسيني، أوضحت أن فكرة المسابقة تعدُّ الأولى من نوعها على مستوى صعيد وجنوب مصر بشكل عام، ومحافظة المنيا بشكل خاص، وتركِّز على الجانب الفكري والتنموي بشخصية الفتاة الصعيدية، بعكس ما هو معروف عن مسابقات ملكات الجمال المعتادة، التي تُركِّز على الجمال الشكلي.
تقول الحسيني لـ"هاف بوست عربي": "الصعيد لا يَلقى الاهتمام والنصيب الكافي من المشروعات الاستثمارية أو التغطية الإعلامية لقضاياه، وكان هذا أحد الدوافع لإطلاق المسابقة".
وأضافت المعلمة الثلاثينية، أن مسابقات ملكات الجمال التقليدية التي تركز على الجوانب الشكلية قد لا تلقى قبولاً في المجتمع الصعيدي، ووفق ذلك لا يمكن اختزال المرأة الصعيدية كشكل فقط، بل في ظل وجود فكر وكيان من الأولى أن يحظى بالاهتمام.
البداية مع 130 فتاة مشاركة
بدأت المسابقة التي شاركت فيها 130 فتاة من محافظة المنيا بالمرحلة الأولى في 10 أبريل/نيسان الماضي، واستمرت التقديم للمشاركة حتى 20 أبريل/نيسان، وتمت التصفية وبقيت 17 فتاة للمرحلة الثانية.
ومن المقرر أن يتم اختيار 5 فتيات اليوم للمرحلة نصف النهائية، قبل اختيار الفائزة بلقب ملكة جمال المجتمع وتتويجها خلال حفل يقام 25 مايو/أيار الجاري، بالتنسيق مع شركة The Team المسؤولة عن التنظيم.
الأعمال التطوعية والتنموية ووجود حلم أو فكرة تخدم المجتمع كان شرطاً أساسياً للقبول بالمسابقة، وأن يتراوح السن بين 18 وحتى 35 سنة، بالإضافة إلى أن تكون الفكرة جديدة، أو تحمل إضافة للمجتمع، وهو ما يعد معياراً هاماً تقوم عليه المسابقة، مثلما يعد معيارُ الشكلِ والجمال أساسياً بالمسابقات التقليدية.
تقول الحسيني: "واجهنا معوقات وهجوماً شديداً في بداية الإعلان عن المسابقة بالصعيد، ظناً بأن المسابقة تختص بالجمال، وهو ما يلقى تحفظاً بالمجتمع الصعيدي، وقد يتعارض مع عاداته وتقاليده، قبل أن نوضح أن المسابقة لم تضع في معاييرها شرطَ وجود حتى نسبة من الجمال في المتقدمات، باعتبارها تركز على الجانب الفكري".
وتتبنَّى جمعية رجال الأعمال بمحافظة أسيوط، وبعض رجال الأعمال الفكرة، والفتاة الفائزة بلقب أول ملكة على مستوى المحافظة، بالإضافة لعرض بعض الشركات والجمعيات والمبادرات، لدعم تنفيذ الأفكار التي تصل إلى مراحل المسابقة النهائية.
وصَفَتْ سارة عصام، 23 سنة، خريجة كلية العلوم وإحدى المسابقات مشاركتها خلال حديثها لـ"هاف بوست عربي": "تقدمت بمشروعين للمسابقة، هما التصوير والأزياء، وأُعد أول مصورة بمحافظة المنيا والصعيد بشكل عام، وهو ما واجهتُ بسببه العديدَ من الانتقادات".
وأضافت المتسابقة: "فكرة ممارسة التصوير كفتاة لم تكن يسهل تقبلها من عائلتي قبل المجتمع، ولكني مُصرَّة على تحقيق حلمي، ولم تكن فكرة المشاركة بالمسابقة مقبولة من العائلة، ظناً أنها مسابقة جمال تقليدية".
هاف بوست عربي