الرسالة نت - د.صالح النعامي
أعادت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة تسليط الأضواء مجددا على "صفقة القرن" التي يروج لها بوصفها المسار الذي سيفضي إلى حل الصراع الفلسطيني الصهيوني مرة وللأبد. ومن أسف، فإن الكثير من العرب ومن أجل تبرير الرهان على ترامب، بات يطلق الأحكام جزافا بشأن نواياه و"عزمه" على حل الصراع.
ومن أجل تأمين أكبر قدر من الموضوعية، ولضمان تحييد المواقف المسبقة، فإن كاتب هذه السطور سيعتمد فقط على ما يقوله المقربون من ترامب بشأن حقيقة "صفقة القرن" التي يتم الترويج لها. ففي حال الاستناد إلى ما يقوله السفير الأمريكي الجديد في (إسرائيل) اليهودي المتدين ديفيد فريدمان، فإن "صفقة القرن" لا تعدو كونها تبنيا لمواقف الحكومة الأكثر تطرفا التي تمسك حاليا بزمام الأمور في تل أبيب. ففي مقابلة أجرته معه صحيفة "يسرائيل هيوم" الاربعاء الماضي ينفي فريدمان تماما أن "تكون (إسرائيل) مطالبة بتقديم أية تنازلات" من أجل انجاز تسوية الصراع. ويوضح فريدمان أن التفاؤل الذي استبد بقادة السلطة الفلسطينية في أعقاب اللقاء الذي جمع ترامب برئيسها محمود عباس في البيت الأبيض مؤخرا مبالغ فيه إلى حد كبير.
ليس هذا فحسب، بل إن فريدمان، الذي يعد أوثق مقربي ترامب يطمئن الإسرائيليين مسبقا بأنه ليس في حكم الوارد لدى إدارة ترامب ممارسة أية ضغوط واتخاذ أية مواقف يمكن أن تشوش على مخططات الحكومة الإسرائيلية مواصلة حسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولفت فريدمان الأنظار إلى حقيقة أن ترامب حرص على عدم وصف المستوطنات بأنها "عائق أمام السلام، كما أنه لم يطالب بتجميد الاستيطان، حيث يشير إلى أن كل ما يعنيه أن يتم التوصل مع الحكومة الإسرائيلية لتفاهمات حول المستوطنات"، على حد تعبيره.
ومن الأهمية بمكان التوقف عند قوله فريدمان أنه من خلال اطلاعه على فحوى اللقاء بين عباس وترامب، فإن الأخير لم يتعرض بالمطلق للمستوطنات، حيث يضيف أن أبو مازن "يعي بما لا يدع مجالا للشك بأن الولايات المتحدة لا تطالب بتجميد الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات".
لكن مما لا شك فيه أن أهم ما تضمنته مقابلة فريدمان حقيقة كشفه النقاب عن أن ترامب وصل المنطقة "بدون أية خطة سياسية أو خارطة طريق لحل الصراع".
ومما لا شك فيه أن أخطر ما يعرضه ترامب في "صفقة العرب" هو الدور الذي يتوجب على الدول العربية القيام بها. فحسب ما كشفته قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الجمعة الماضي، فإن الادارة الأمريكية أبلغت الصهاينة بأن ترامب سيطالب حكام العرب بتوفير الظروف أمام تحقيق "صفقة العصر" لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال الموافقة على خطوات تطبيعية بمعزل عن إجراءات وسياسات حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو. ويتضح أن ترامب سيبلغ الحكام العرب بأنه لن يسمح ببحث أية قضية قبل أن ينطلق مسار التطبيع مع (إسرائيل)، حيث أن ترامب سيطالب أولا بتدشين خطوط جوية بين (تل أبيب) والعواصم العربية وسيحث الحكام العرب على رفع الحظر المفروض على سفر الصهاينة للدول العربية إلى جانب السماح بمشاركة الفرق الرياضية والفنية الإسرائيلية في الفعاليات الدولية والإقليمية التي تنظم في الدول العربية".
لكن "اسهامات" ترامب لصالح الصهاينة لا تقف عند هذا الحد. فحسب المعلق الصهيوني أودي سيغل، قرر ترامب تدنيس حائط البراق خلال زيارته للكيان الصهيوني، لكي يرسل رسالة "مفادها أن الولايات المتحدة تعترف بالسيادة اليهودية على هذه المنطقة". ولا يفوت سيغل التذكير بأن خطوة ترامب هذه تكتسب أهمية خاصة لأنها تأتي بعد لقاء ترامب مع العشرات من الحكام العرب والمسلمين".
فهل يستحق ترامب كل هذا الاحتفاء؟