د.خالد معالي
الصوم عبادة تقرب الصائم من الله؛ وتقوية المحتل –بشراء منتجاته - فعل يبعد الصائم عن الله، حيث لوحظ ضعف الدعوات لمقاطعة منتجات الاحتلال بعد انتهاء إضراب الأسرى، وهذا لا يصح من شعب رازح تحت احتلال لا يرحم أحدا. الأصل في شهر رمضان؛ أن يرتفع منسوب الإيمان وحرارته؛ وبالتالي ارتفاع منسوب مقاومة المحتل، ولو بأضعف الإيمان، بمقاطعة منتجاته؛ التي تغزو الضفة الغربية وتضعف اقتصادها المنهك أصلا.
تشكل السوق الفلسطينية؛ ثاني أكبر سوق لمنتجات الاحتلال؛ حيث يبلغ حجـم الواردات السنوية الفلسطينية من منتجات الاحتلال قرابة أربع مليارات دولار؛ وهذا رقم صادم ومخيف ولا يصح إطلاقا لشعب يئن من عذابات الاحتلال .
علاقة الصائم الواعي لدينه والحريص على مصلحة شعبه مع محتليه؛ هي علاقة رفض ومقاومة، وإعداد للتخلص منه، لكنسه لمزابل التاريخ؛ وليس علاقة تعايش وقبول له والفوز برضاه، وهي لا تكون فقط بالدعاء عليه؛ بل بخطط وبرامج ممكنة التحقيق، وبخطوات عملية لمقاومته، ومنها المقاومة الاقتصادية.
يلاحظ زيادة من قبل الصائمين في الإقبال على التمور والمشروبات ومشتقات الحليب من منتجات الاحتلال؛ خلال شهر رمضان؛ بحجج ومزاعم هي من وسوسات الشياطين، ولا يجوز أن يكون الشيطان هو من يحدد للإنسان المسلم خطواته ومصيره.
سؤال: ما هو شكل العلاقة المفترضة مع المحتل عبر التاريخ والمنطق!؟ الأصل في العلاقة هي علاقة مقاومه على قدر المستطاع، وضمن المعطيات والإمكانيات المتاحة، وتطويع الظروف للتخلص منه، لا الاستسلام له، وهذا معروف ومعلوم بالضرورة لدى كل شعوب الأرض التي احتلت، وحتى التي لم تحتل.
من المفترض في شهر رمضان الكريم؛ أن ترتفع درجة العطاء وفعل الخيرات، والبعد عن الشبهات، وفعل الخير والبعد عن المعاصي، ويحاول الصائمون البعد عن كل ما يعكر صفو صيامهم لزيادة أجرهم عند الله تعالى؛ إلا أن بعض الصائمين، وهم قلة قليلة من يفسد صومه معنويا ورمزيا دون أن يعلم بتبعات ما قام به.
ماذا نقول عن الصائم الذي يصر على شراء عصير " تبوزينا" ومشتقات الحليب من شركة "تنوفا" وأنواع معينة تمر الاحتلال ومنتجاته، ويفطر عليها في شهر رمضان، فصيامه قد يصل لدرجة انه صيام فاسد؛ لأنه بذلك يدعم اقتصاد العدو؛ بدل دعم الفلاح الفلسطيني البسيط الصامد، والمغلوب على أمره، والمحارب من قبل الاحتلال في قوت أطفاله.
منتجات الاحتلال؛ هي من تتسبب بدرجات متفاوتة من إفساد الصوم؛ فتناول حبات من التمر مع موعد الإفطار؛ أو شرب عصير "تبوزينا"؛ يكون وقتها ليس للصائم - إن أصر على ذلك - من صومه سوى الجوع والعطش، من حيث يعلم أو لا يعلم.
صحيح أن الاحتلال يتحكم بفعل القوة الظالمة التي يملكها؛ في مفاصل كثيرة من حياتنا، ويعد أنفاسنا ويحسبها علينا، ويجثم على صدرونا ساعة بساعة؛ ولكن هناك أمور يمكن الانتصار فيها عليه بقليل من الإرادة؛ مثل ترك منتجاته وعدم شرائها، والتي لا يوجد لها بديل يمكن أن الاستعاضة عنها بمنتجات مستوردة من دول عربية أو دول صديقة مثل تركيا .
سؤال: ألا يعتبر أن إلحاق الضرر كان صغيرا أم كبيرا بالشعب؛ هو خيانة وإثم عظيم، يتجاوز الإضرار بالشخص، ليصل مجموع المواطنين!؟ أذن هل يجوز أن ندعم محتلينا بشراء منتجاته؛ وكأن الأمر هين وبسيط؛ لنلحق الضعف والخسارة لقضيتنا لاحقا!!