د. خالد معالي
أصيب الفلسطينيون ومعهم كل أحرار وشرفاء العالم؛ بالدهشة والصدمة من تصريحات وزير خارجية السعودية عادل الجبير، والذي دعا فيها دولة قطر؛ لوقف دعمها لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تقاوم الاحتلال فقط؛ باعتبار مقاومة المحتل؛ حق مشروع كفلته كافة الشرائع والمواثيق والقوانين الدولية.
هناك من قد يتفهم الضغوط التي تقع على السعودية من قبل الإدارة الأمريكية، ولكن منذ متى كانت الدول التي تحترم نفسها وشعبها؛ تخضع للضغوط الخارجية؛ كونها بذلك تصبح أداة طيعة للقوى الخارجية الطامعة فيها، ولا يمكن لها أن تنهض بعد ذلك أبدا، أو أن تقوم لها قائمة، ويعلوا شانها بين الأمم لاحقا.
تصريحات "نتنياهو" و"ليبرمان" حول الحلف الجديد الذي يتشكل في المنطقة يعتبر صادما؛ إن صح؛ فهل يعقل أن تتحالف دول عربية وإسلامية مع عدو يغتصب مقدساتها، ويحرمهم من زيارتها والتعبد فيها، ويسوم الشعب الفلسطيني الذي هو جزء من الأمة العربية كل أنواع العذاب وبناء المزيد من الاستيطان!؟
أليست حركة حماس وقوى المقاومة الفلسطينية الأخرى؛ تدافع عن أرض الإسراء والمعراج، وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين!؟ إذن لماذا هذا الاصطفاف العجيب والغريب مع العدو المركزي للعرب والفلسطينيين!؟
تحاول دول بعينها نقل أزمتها للخارج؛ ولكن هذا لن يحل مشكلتها وأزمتها؛ فالمأزوم تتضاعف أزماته باصطناع أزمات هنا وهناك، والأجدر والأولى انه كان عليه أن يحل أزماته بدل تصديرها للخارج؛ فهل سمعتم يوما أن ترحيل وتصدير المشاكل والأزمات؛ اوجد حلولا لهاّ!؟
وضع عربي مأزوم، ووضع إسلامي أيضا مأزوم، والأزمات تتفاقم في عاملنا العربي؛ لغياب القادة الذين لا يملكون القدرة، أو لا يريدون أن تكون لديهم القدرة على عدم الانصياع لأوامر ترمب.
الأحداث تدفع بعضها بعضا؛ ونسي أو تناسى بعض القادة العرب أن سنن الله غالبة، وأن من يحارب الله يخسر على الدوام، أوليس ترمب يحارب الله وسننه الكونية؛ بعربدته وإصداره الأوامر لإشعال الخلافات والحروب في المنطقة؛ كي ينعش مصانع أسلحته ويوجد ملايين الوظائف لشعبه الأمريكي على حساب دماء ومقدرات الشعوب العربية المغلوبة على أمرها بحكام لا يقدرون على مخالفة أوامر أمريكا.
هل يعقل أن يكون ثمن حماية عروش العرب هو سرقة ونهب مقدراتها وخيراتها!؟ هل يعقل أن لا يكون هم الحاكم العربي هو فقط حماية عرشه!؟ وكان العرب أصبحوا خارج السياق التاريخي وصاروا عبئ على الحضارة الإنسانية وتقدمها ورقيها.
من أنتج الإرهاب هو من زرع بذور الكراهية والفوضى الخلاقة في المنطقة، ولو كان الحكام منتخبون من شعوبهم بكل حرية وارداه حقه؛ لما تجرأ المتغطرس ترمب على القيام بخطواته العدوانية - جهارا نهارا - ودون مواربة،مستخفا بأكثر من 400 مليون عربي؛ وكأنه لا وجود ولا وزن لهم في العالم.
أزمة المأزوم تتفاقم بسبب طريقة تفكيره الغير صحيحة وقيامه بخطوات سلبية مثل حصار هذه الدولة أو تلك؛ فكان الأولى أن يتم الرد على ترمب؛ بوحدة واصطفاف عربي وخليجي وإسلامي؛ ضد مطالبه التي تفرق العرب، وتجعلهم يتقاتلون فيما بينهم إرضاء لجنون عظمته، وبلطجته، ومطامعه التي لا حدود لها، وطلباته التي لا تنتهي.
في كل الأحوال؛ لن ينتصر ترمب، ولن ينتصر بعض القادة العرب الذين يتبعون أوامره ويخشونه من دون الله؛ لان الله غالب، وأقوى منهم جميعا؛ "ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله"؛ ولكن هذا يتطلب جهودا جبارة من قبل كل المخلصين والشرفاء، وإعداد الخطط المحكمة وتوحيد الجهود؛ لمواجهة شيطنة ترمب؛ الذي همه الأول والأخير هو مصلحة أمريكا على حساب العرب والمسلمين؛ "فاعتبروا يا أولي الأبصار".