د.خالد معالي
تحزن القدس المحتلة وتدمع عيناها كل ساعة؛ فالمستوطنون يستبيحون المسجد الأقصى المبارك في شهر رمضان، متحدين امة المليار ونصف؛ وكأن شيئا لم يحدث؛ ودون أن تخرج ولو مظاهرة واحدة من ملايين المدن والعواصم الإسلامية منددة بهذا التدنيس، والمس بأكثر الأماكن قدسية وطهارة لدى الأمة الإسلامية جمعاء.
بالمقابل؛ منظر عشرات ومئات آلاف المصلين من القدس المحتلة وفلسطينيو أل 48، وهم يملئون باحات المسجد الأقصى، ويصطفون بسلاسة ورتابة ونظام دقيق؛ برغم توجيه مئات البنادق نحو صدروهم، يغيظ الاحتلال الذي يتمنى أن تبتلعهم الأرض، ولا يرى العالم هذا المنظر المتميز للفلسطينيين وهم يصلون ويرابطون في المسجد الأقصى.
لا يختلف اثنان على أن مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى؛ بات مكبلا وحزينا، فغزة والضفة غير حاضرة في باحاته؛ لترد هجمات المستوطنين الذين يستبيحونه ويدنسونه حتى في الشهر الفضيل، متحدين ومستخفين بمئات الملايين من العرب، وأكثر من مليار ونصف من المسلمين.
تشكل الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وخاصة في شهر رمضان؛ أمنية لا تطال ومحط أنظار للفلسطينيين؛ فالمصلين من الضفة وغزة ممنوعين من الصلاة في الأقصى؛ وهو ما يشكل انتهاك وخرق فاضح للقانون الدولي الذي يمنع المس، أو انتهاك حرية العبادة؛ بينما يدنسه المستوطنون صباح كل يوم رمضاني بحماية الشرطة والقوات الخاصة.
أجر الصيام يكون عاليا؛ وحتى يكتمل لكل مسلم ولا يكون ناقصا، عليه أن يقدم شيئا لمدينة القدس المحتلة وتعزيز صمود أهلها. أضعف الإيمان الدعاء بالصبر والثبات لأهالي القدس، وتسليط الأضواء على معاناتهم، من تهويد للمقدسات، وتهجير وطرد، وهدم للمنازل، وملاحقة حتى أطفالهم وسجنهم جهارا نهارا، وتدنيس المسجد الأقصى، وغيره الكثير.
أمنية الصلاة وخاصة صلاة الجمعة في أروقة وساحات وباحات المسجد الأقصى؛ بالكاد تطال من قبل أهالي الضفة، ومستحيلة لأهالي غزة، ومغامرة خطرة للشبان من مدن وقرى الضفة الذين يخاطرون بحياتهم في سبيل تحقيق أمنية الصلاة في القدس؛ عبر القفز عن الجدار وتخطيه تحت وابل من الرصاص أحيانا.
مقارنة صارخه؛ فيهودي واحد يدعم الاستيطان في القدس بالملايين؛ بينما لا تدعهم امة المليار ونصف مسلم القدس؛ إلا بالخاطبات والتصريحات.
تتحسر غزة على زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى، وشبان الضفة كذلك، دون حواجز أو عوائق أو تفصيلات وممنوعات وتقسيمات للأعمار فوق أل 40 وتحت ال40، وحسب مزاج الجندي أو المجندة على الحواجز المحيطة بالقدس المحتلة.
النفحات الإيمانية في باحات المسجد الأقصى؛ والصلاة فيه ليس أمرا يسيرا؛ فيجب أن يحصل الفلسطيني على تصريح لها، وكذلك الفلسطيني في الضفة الغربية صار بحاجة لتصريح في كل شيء، حتى لتسير أمور حياته اليومية، ولحاجاته الإنسانية العادية.
وجب عل كل مسلم؛ أن يزيد من أجر الصيام بدعم القدس وأهاليها بكل الطرق والإمكانيات المتاحة، الذين يستصرخون الأمة الإسلامية صباح مساء، وأوجب منه أن يدعم العرب القدس المحتل بالأفعال لا بالأقوال؛ ف"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".