منتصر حمدان
ما هي الفائدة التي اعتقد صاحب قرار حجب المواقع الالكترونية انه سيجنيها من وراء تطبيقه؟، وهل حقق تنفيذ القرار الفائدة المرجوة اما جاء بنتائج عكسية؟.
من الواضح ان سياسة الحجب التي سعت دول وبلدات وحكومات الى انتهاجها على مدار سنوات طويلة، لم تأت بالنتائج المرجوة بل انها حفزت رغبات المتابعين للمواقع المحجوبة انطلاقا من حالة نفسية واجتماعية وثقافية تستند الى قاعدة ذهبية " كل ممنوع مرغوب"، وبالتالي فان الفائدة التي ارادها صاحب قرار حجب المواقع الاعلامية لم تتحقق بل انها كشفت عن حالة ذهنية وعقلية ما زالت تؤمن بانها صاحب سلطة احتكار المعلومات وبثها او حجبها دون اية اعتبارات للتطور الهائل التي احدثه نظام العولمة على مستوى العالم الذي جعل من الكرة الارضية مجرد غرف صغيرة بامكان اي مواطن فيها النفاذ لغرف عديدة في حال اغلقت غرفة امامه.
ان قرار حجب المواقع الالكترونية خاطئ بامتياز ويتعارض مع ابسط قواعد ومبادئ الحكم الصالح ومساس بحق المواطن في تلقي المعلومات والاراء كما يتعارض مع الالتزامات التي مازالت السلطة الوطنية بكل مكوناتها تكرر التمسك بها بما في ذلك حماية حرية التعبير والحريات الاعلامية، ولا نعتقد انه يحقق اية فائدة حقيقية لمتخذيه بغض النظر عن مستويات تمثيلهم في النظام السياسي الفلسطيني او تمثيلهم في بنية مؤسسات السلطة الوطنية، ما يستدعي الوقوف مجددا عند طريقة واليات التعامل الرسمي مع الجمهور الفلسطيني واجراء مراجعة شاملة لهذه السياسة باتجاه تكريس الشفافية والنزاهة في نشر وبث المعلومات الحقيقة والمواقف والاراء لكل الفلسطينيين بغض النظر عن اماكن وجودهم لان اقصر الطرق للوصول الى عقل وضمير المواطن هو قول الحقائق وعدم خداعه او تضليله، ونرى ان اكبر خدمة يقدمها الاعلام الفلسطيني بمختلف مكوناته، للنظام السياسي الرسمي والاحزاب والفصائل والجمهور هو نقل الحقائق والمعلومات ونشرها وبثها بطريقة مهنية احترافية وليس الفبركة والكذب والتضليل اضافة الى اهمية احترام عقول الناس الذين لديهم الكثير من الوسائل للوصول الى المعلومات وتشكيل رايهم ومواقفهم بناء على درجة ثقتهم بمصادر معلوماتهم.
ان الوصول السهل لعقل المستمع او القارئ او المشاهد يتوقف على مجموعة من الاجراءات والخطوات المدروسة مسبقا والتخطيط الجيد دون التخلي عن المبادئ والقيم الاساسية التي اولها، قول الصدق دون تضخيم او تهويل او مبالغة، ثم طريقة عرض المواقف والمعلومات المدققة بمهنية عالية دون انحياز ، ثم الاهتمام بالمعلومات وطريقة تقديمها للمتلقي بمضمون نوعي وشكل مقبول وتقديم الحقائق وعرضها بمهنية لمساعدة المتلقي في اتخاذ قراراته والاهتمام الجيد بالوسائل المستخدمة في ايصال الرسالة الاعلامية او السياسية او الاجتماعية او الامنية او الاقتصادية للملتقين لانهم يتوقعون الحصول عليها باقل تكلفة واسرع وقت ممكن.
وبما ان الحديث يدور عن قرار رسمي اتخذ بحجب 12 موقعا اعلاميا الكترونيا من قبل النائب العام، فاننا نؤكد معارضتنا لمثل هذا القرار ونقول ان الاهتمام يجب ان ينصب بالاساس على تحسين الاداء في مؤسساتنا الرسمية وتحسين نوعية وجودة الخدمات للمواطنين وتطوير القدرات الاعلامية الرسمية من اجل استعادة ثقة المواطنين بأعلامنا المحلي بكل مكوناته ومضاعفة الجهود المهنية للوصول الى عقل وضمير المواطن عبر المعلومات الحقيقية والاراء والمواقف الرسمية التي لا يجب الخجل من عرضها او الخوف من ردود الفعل عليها، باعتبار ان هذه المواقف الرسمية تمثل المجموع الفلسطيني وليس فئة او جهة بحد ذاتها دون غيرها.
ان المفتاح السحري لمواجهة كل الاصوات والمواقف المعارضة او التي تعمل ضد الصالح الوطني العام يكمن بالاساس في سياسة الانفتاح والشفافية والنزاهة في عرض المواقف الرسمية للجمهور وليس التعامل معه على انه قاصر وغير مؤهل للتعرض لهذه المعلومات والمواقف لان هذا المنهج ثبت بطلانه واكثر ما يدلل على ذلك ما يحدث مع الاباء حينما يحاولون منع اولادهم من مشاهدة الافلام الاباحية بحجب هذه المواقع ومحاولة منعهم من الوصول اليها، فيشجعونهم نحو ابتداع وسائل جديدة للوصول الى مبتعاهم بطرق وسائل تشوه الافكار والمعتقدات والمشاعر والسلوك وتاتي بنتائج اكثر سلبية على الابناء والاباء على حد سواء.
اسوار برس