الرئيسية / مقالات
وداعا أيتها الحاجة المناضلة ام بديع دويكات بقلم تيسير نصر الله
تاريخ النشر: الأربعاء 21/06/2017 14:40
وداعا أيتها الحاجة المناضلة ام بديع دويكات بقلم تيسير نصر الله
وداعا أيتها الحاجة المناضلة ام بديع دويكات بقلم تيسير نصر الله

منذ أن تفتحت عيوننا على العمل الوطني، في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي، ونحن نسمع عن الحاجة ام بديع، وبحكم علاقتنا المميزة مع أبنائها المناضلين فقد تعمقت علاقتنا بها أكثر. كنا نزورها في بيتها الملاصق لمخيم بلاطة من الجهة الشمالية لنستمد منها العزيمة والإصرار والقوة، ولنستمع لحديثها الرزين. ومع استشهاد إبنها جاسر عام 1982 الذي كان القدوة الحسنة لجيلنا، والملهم لنا في مسيرتنا الثورية، وأمام هذا الحدث الجلل باستشهاد هذا الفارس الوسيم جدا رحمه الله، فما كانت أم بديع إلا إمرأة صابرة ومؤمنة بقضاء الله وقدره، وشجاعة في ذات الوقت، تمدنا بالارادة، وتشحن فينا الهمم العالية. كنا وقتها في مقتبل العمر وفي مرحلة الشباب ، فيكفينا رؤية وجه ام الشهيد وهي تودع فلذة كبدها بكل العنفوان والحزن لنتسلح أكثر بالإيمان والكبرياء بأن هذه المسيرة التي خضبها الشهيد جاسر بدمه الطاهر وكل الشهداء ما هي إلا مسيرة صعبة تحتاج لمناضلين اشداء على أعدائهم، رحماء فيما بينهم، تجمعهم المثل العليا، وقيم الرجولة، والتفاني، وحب الأرض والدفاع عنها، وتصهرهم الثورة في اتونها الملتهب.


كانت أم بديع على علاقة طيبة بامهاتنا اللواتي جمعتهن المعاناة، فغالبا ما كن يتعرفن على بعضهن البعض في ساحات المعتقلات وهن يبحثن عن ابنائهن، لقد شكلت أمهات جيلنا نموذجا يحتذى في العلاقات النضالية، كنا نشعر بأننا أسرة واحدة، واذكر فيما أذكر الآن، كيف كان حال الحاجة ام بديع عندما هاجم المستوطنون الأوغاد بيتها في جنح الظلام بعد تحرر ابنها المناضل سرحان في صفقة تبادل الأسرى عام 1985 وكيف هب الشباب والنساء من أبناء مخيم بلاطة والمنطقة المحيطة لحماية البيت وطرد المستوطنين وتشكيل مجموعات من الشباب لحراسة البيت وحمايته، كانت أم بديع، آنذاك، إمرأة عظيمة متماسكة، لم تضعف أو تستكين.
هكذا هي في مسيرتها الطويلة والحافلة بالعطاء متفائلة دوما، وكم سررت وانا اشاهدها على شاشة فضائية تلفزيون فلسطين أثناء التغطية المباشرة لنقل وقائع الانتخابات البلدية والقروية التي جرت مؤخرا في مدن وقرى الضفة الفلسطينية المحتلة، حيث ذهبت للإدلاء بصوتها في إحدى المراكز الانتخابية القريبة من بيتها، وازداد سروري أكثر عندما شاهدتها على الشاشة بالثوب الفلسطيني تجري مقابلة تلفزيونية حول مشاركتها في الإنتخابات. هي نفسها ام بديع التي عرفتها قبل أربعين عاما، كلها ثقة بالمستقبل، ومصدر إلهام لأبنائها واحفادها وللاجيال القادمة.
أشعر بالحزن الشديد على فراقها وانا استذكر لحظات من عمر مسيرة هذه المرأة الصابرة رحمها الله برحمته الواسعة واسكنها فسيح جناته والهمنا جميعا الصبر والسلوان على فراقها. خالص التعازي لأبنائها الأحبة وعائلتها الكريمة. انا لله وانا اليه راجعون.


 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017