الرئيسية / الأخبار / فلسطين
عندما يقارن كبار السن بين ايام العيد في الماضي والحاضر
تاريخ النشر: الأحد 25/06/2017 15:20
عندما يقارن كبار السن بين ايام العيد في الماضي والحاضر
عندما يقارن كبار السن بين ايام العيد في الماضي والحاضر

تقرير ايناس سويدان واثير باسم
بعيونه الزرقاوين، وعصاه الخشبي، وعقاله الشامخ فوق رأسه، ودمايته الفلسطينة المقلمة التي أرّخت تراث بلد عريق، تاه الحاج التسعيني أبو طلعت في عبق ذكرياته، وأيام ماضيه التي سطرت قصص وتاريخ وتراث جيل كامل وشعب مترابط.
"ساق الله على أيام زمان" بهذا بدأ الحاج أبو طلعت باسترجاع ذكرياته في أيام العيد بين عائلته وأهل قريته وجيرانه قبل أكثر من 60 عاماً.
سرح بذهنه قليلاً، ثم تابع "الناس كانوا يحبون بعضهم أكثر من هذا الأيام، وكانوا يجتمعوا على الحزن قبل الفرح، اليوم الناس يا دوب يزوروا ويعيدوا على بناتهم وخواتهم مش مثل أيامنا".


تحدث أبو طلعت عن أهم العادات التي كانت متوارثة قديماً في أول أيام العيد، ويقول "كانوا كل أهل البلد يجتمعوا بمسجد واحد، يصلوا فيه العيد ويسلمو على بعض واحدا واحد، وبعد ما نزور المقابر ونترحم على موتانا، كانت كل حمولة تزور وتعيد على الحمولات الثانية بالبلد في ديوانهم، كنا نصالح المتخاصمين ونشوف حبابنا بهذا اليوم، وطبعاً كنا نزور المريض الغير قادر على اداء صلاة العيد، ونعيد عليه بديوان حمولته، حتى الناس يلي كانوا فاقدين كانوا أهل البلد يزوروه ليلة العيد ويواسوه ويخففوا عنه، هاذا ليوم كان كفيل يجمعنا كلنا ويخلينا أقوى وإيد وحدة مع بعض".
كان أفراد العائلة الواحدة تجتمع في بيت العائلة بعد ذلك، ويضيف أبو طلعت "كان العيد فرحة ويوم مهم عند الناس، حتى إنه الناس يلي عندهم فرح أو مناسبة يأجلوه ليوم العيد مشان تكون الفرحة فرحتين، ولأهمية هاد اليوم عندهم".
ويكمل "صحيح الناس اليوم يزوروا أرحامهم وبعيدوهم بس مش مثلنا، أيامنا كنا نزور بشكل جماعي، ويكونوا كل أهل البلد مجتمعين، وما يضل حدا ما يعيد الثاني ويسلم عليه، مش مثل هاي الأيام الناس بزورو بعض بشكل فردي، وكل واحد يا دوب يزور أقرب الناس عليه، إمه وخواته وبناته، حتى العيدية بتختلف، اليوم بعيدو نقدي بس أيامنا كانوا يعيدو مونة وأغراض بالإضافة للنقد، كل واحد وقدرته".
وحدثتني جدتي الثمانينية "أم أمين"، في نفس الموضوع عن ليلة العيد وأجوائها في قريتنا قبل أكثر من خمسين عاماً، كانت تجلس في ظل دالية العنب في ساحة بيتها، وهي تشرب الشاي بميرمية كما اعتدنا أن نشربه معاً دائماً خلال رواياتها لي لقصص وأخبار الأيام التي تمنيت لو أعيشها في كل مرة كانت ترويها لي وأنا أرى الشوق واللمعة في عيونها لهذه الأيام.
قالت بصوت منخفض لنفسها "كانت أحلى أيام"، ثم نظرت لي وابتسمت وتابعت" بمجرد ما كان الشيخ يبدأ بالتكبير ويعلن التكبيرات بالبلد، الكل يصير يكبر معه، الكبير قبل الصغير، وكل الصغار يطلعو عالشوارع ويبدو يكبروا وهم مبسوطين، وإحنا كل نسوان العيلة والجيران نجتمع مشان نعمل كعك العيد والمعمول، كل يوم نجتمع عند وحدة فينا نساعدها بمعمولاتها، ويا محلا لمتنا وجمعتنا كانت، كنا نضل نغني ونضحك طول الجَمعة، هاد عيد الله وفرحته كانت تفرض حالها علينا شو ما كانت ظروفنا".
ثم عادت لتتحدث بصوت منخفض، وقالت لي "أيامها كان الواحد عنده ثوب ولا لبسة وحدة مرتبة يلبسها بكل مناسباته، كان يعرف قيتمها ويخبيها منيح"، ثم ضحكت وقالت "مع إنه يكون العيد الرابع على الأقل يلي لابسها فيها غير الأعراس والمناسبات الثانية بس مع هيك بكون إلها طعم خاص".
وأضافت جدتي "كانوا الرجال صباحا الصبح يتوجون للصلاة ، والنساء يجهزن أولادهن، والقهوة العربية التي تكون ريحتها مفحفحة بكل الجو، غير عن ريحة كعك العيد والتمر، وبعدها يحضر الرجال يستقبلوا كل أهل الدار على الباب، يعيدوا عليه ويقبلزا إيده وهو يعيدهم".
ثم أردفت "كان الصغير يروح يعيد على الكبير بين الأخوة، والصحيح يروح يعيد على المريض، والناس تعيد على الفاقد والزلام يعيدوا على النسوان وعلى أرحامهم، وكان الواحد إذا عنده بنت أو رحم ببلد ثاني يأجلوا زيارتها لثاني يوم العيد".


ثم تنهدت جدتي وعدلت متكأها، وختمت الجلسة ببضع كلمات "الله يرحم أيام زمان لو ترجع، كان الواحد يستنى العيد من السنة للسنة، من كثر ما كانت لمة الحبايب والأهل حلوة وبترد الروح، هسا كل الأهل والناس يلي منحبهم صاروا تحت رحمة ربهم، مشان هيك يا ستي انبسطوا بأيامكم مع أهلكم وحبايبكم، ويارب تجعل أيام المسلمين كلها أعياد وفرح، ونعيد العيد الجاي بأراضينا بيافا ونصلي العيد بالأقصى يا ستي إن شاء الله".

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017