د. خالد معالي
دموع سخية وغزيرة يلحظها كل من يزور المسجد الأقصى المبارك ويصلي فيه؛ فعيد الفطر السعيد؛ جعلته ممارسات الاحتلال من تفتيش مهين، وعيون جاحظة حاقدة ترقب كل من يدخل من بوابات المسجد الأقصى للصلاة فيه، والسير تحت بنادق الجنود وعلم الاحتلال؛ جعلته عيدا حزينا على المسجد الأقصى وكل القدس المحتلة.
عيد منقوص الفرحة والبهجة؛ فالاحتلال يستكثر على الفلسطينيين؛ أن يفرحوا كبقية الشعوب والدول في أعيادهم ومناسباتهم السعيدة، ويحرمهم من صلاة العيد في المسجد الأقصى المبارك؛ لكن الفرحة وإن بدت منقوصة؛ فهي ما يغيظ الاحتلال الذي لا يريد أن يرى أي فلسطيني يفرح ويبتهج ويبقى مرابطا فوق الأرض الفلسطينية؛ رغم كل وسائل الطرد والتهجير الممنهج سواء قصير أو طويل الأمد.
موت البطيء؛ فالآثار السلبية المميتة للجدار والاستيطان، وحملات الاعتقال المتواصلة في القدس وبقية مناطق الضفة؛ مع مرور الوقت؛ تقتل الضفة أكثر فأكثر؛ ولا تكاد ترى الفرحة أو البسمة على وجوه مواطني القدس والضفة؛ إلا تصنعا من أجل فرحة الأطفال الصغار والذين لا يدعهم الاحتلال أن يفرحوا كبقية أطفال العالم.
عيد الفطر السعيد؛ هو سعيد على العالم الإسلامي قاطبة؛ إلا على أهل فلسطين المحتلة، والشعوب التي تتعرض للقصف والتهجير؛ فكيف يفرح ويبتهج من هو واقع تحت الاحتلال وفقد أرضهم ويتعرض للإذلال والاهانة على حواجز الاحتلال.
كيف يفرح من هو واقع تحت أشرس وامكر احتلال، ظالم متغطرس!؟ وكيف تفرح القدس والمسجد الأقصى؛ والضفة ولها قرابة 6500 أسير من بينهم أطفال وقاصرين وفتيات ونساء، وأمهات فقدن حلاوة وبهجة العيد داخل أربع حيطان وأسلاك شائكة وسجان لا يرحم.
في المسجد الأقصى والقدس المحتلة؛ تفتقد الفرحة التي تحل محلها أحزان متعددة لأحوال متراجعة ومتردية، حيث يتجرع أكثر أهالي القدس المحتلة؛ مرارة الاعتقال والملاحقة والهجير والطرد وتحويل القدس لثكنة عسكرية على مدار الساعة.
في القدس؛ جدار يلتهم أخصب أراضيها ويقطعها؛ ويحولها إلى معازل وكانتونات يتحكم بفتحها وإغلاقها جندي صهيوني أتى من دول شتى؛ وزعم زورا وبهتانا أن هذه الأرض له منذ آلاف السنين تحت منطق القوة الغاشمة القاهرة في غفوة وغفلة من العرب والمسلمين.
ليس الجدار وحده يدمر ويخرب حياة ونمو القدس وبقية الضفة، ويمنع المصلين من الضفة من الصلاة في المسجد الأقصى؛ فالحواجز حول القدس والبلدة القديمة، وبوابات المسجد الأقصى؛ تذل وتقهر الفلسطينيين قاتلة بذلك فرحة العيد؛ ومضيفة مزيدا من الحقد والكره وانتظار ساعة رحيل الاحتلال بكل قوة وشوق وحنين.
منظر المستوطنات تملئ القدس وتحيطها من كل جانب؛ ومنظر المستوطنين وهم يدنسون باحات المسجد الأقصى؛ يضيف حزن في العيد وغصة في القلب لما وصل إليه حالنا من هوان على قطاع الطرق والعصابات من الاحتلال.
في المحصلة؛ قضت نواميس الكون والقوانين الإلهية؛ أن الظلم لا يدوم؛ سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول والحضارات، فالكون وجد على أساس ميزان دقيق في كل شيء وخاصة في تحقيق العدالة؛ والتي تتحقق ولو بعد حين؛ ولن يطول وقت عودة الفرحة الكاملة بعيد الفطر السعيد، وسط أفواج وأمواج هادرة؛ من المصلين داخل المسجد الأقصى؛ ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله".