الرئيسية / الأخبار / فلسطين
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل
تاريخ النشر: الجمعة 14/07/2017 12:11
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل

نابلس:هناء ابو عياش- اصداء
عندما يعيش كبار السن اجواء مراسم الفرح والزواج في المجتمع الفلسطيني في الايام الحالية وتعيد بهم الذاكرو لمراسم الزواج في الماضي سواء فيما يتعلق بالمهر والحفلات، تنتابهم مشاعر استجان وغرابة معا.
ففي الماضي اتسمت هذه المراسم بالبساطة والتجرد من مظاهر الغلاء والبذخ، أما اليوم توشحت الأعراس بالمبالغة المفرطة والإسراف في المهور والانغماس في الترف، حتى أمست علامة للتباهي والتفاخر بين الأهل والأصدقاء.
في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة نابلس يبرز الحاج حسين عبد الله حمادة البالغ من العمر 78 عام من قرية العوجا -عرب أبو كشك- شمال شرق يافا، كأبرز المهتمين لعادات فلسطين وتقاليدها وشاهد عيان على ماضي بسيط وحاضر لا يخلو من التعقيد، يستذكر ملامح الفرح قبيل اكثر من 6 عقود عندما تبدأ بتوجه اهل العريس وكبار العائلة إلى عائلة الفتاه لطلبها من أهلها فيتقدمون لها ويقولون لأهل الفتاه كنوع من المفاخرة:( إحنا جيناكم من بلد لبلد طالبين بنت شيخ البلد).
وأضاف حمادة إلى أن النساء أهل الشاب(العريس) يذهبن لرؤية الفتاة (العروس)، حيث يتفحصن العروس "من رجلها حتى أسنانها"، ويتأكدن من قوة شعرها وأنه ليس شعر استعارة، وتسير الفتاة أمامهم لتأكد من مشيتها بأنها في صحة جيدة، إضافة إلى أنهم يجلبون لها بما يسمى قديماً (طناجر النحاس الكبيرة) ويطلبون من الفتاة بتنظيفها للتأكد من أنها قادرة على تحمل مسؤوليات البيت. واشار إلى أنه قديماً كانوا لا يهتمون ما هي حالة أهل العروس المادية، وذلك لأن (الغنى غنى النفس).
وتابع حمادة "بعد رؤية الفتاة وطلبها من أهلها وقبل الموافقة يتم الاتفاق على المهر، وذلك لأن المهر هو حق مالي خالص للفتاة، فكان المهر قديماً بمقدار ديناراً أي جينية فلسطيني, ولكن توابع المهر تكون عبارة عن ذهب للعروس بمقدار سبع عصمليات-ذهب رشادي- مع ما يتبعه من ملابس أخرى للعروس, هذا بالإضافة إلى أن الزواج قديماّ كان معروف أنه لا يتم إلا بين الأقارب حيث كانوا يقولون أن : (بنت العم لابن عمها).


بعد ذلك تبدأ الاحتفال بمراسم الزواج التي تبقى أسبوعاً كاملاً عدَاً ونقداً، حيث يأتي الضيوف من جميع أنحاء البلد يحملون الخرفان كنوع من الهدايا ويحتفلون بداخل بيت من الشعر أو في ديوان وسط البلد، حيث قال حمادة أن في ليلة الحناء يشعلون النار للطبخ عليها ويرقصون,لاوخلال الاحتفال يقوم رجل من الضيوف بوضع الحناء على يد العريس اليمنى فقط. بينما العروس في ليلة الحناء تتزين في بيتها ويأتي أهل العريس حاملين الحناء على رؤوسهن مع مجموعة من النساء البلد, وخلال مجيئهم من بيت أهل العريس وصولاً إلى بيت أهل العروس يستمروا بالغناء طوال الطريق حيث كانوا يغنون من الأغاني التراثية الفلسطينية التي من ضمنها:
وإحنا ماشينا من بلد لبلد
وإحنا خاذينا بنت بيت شيخ البلد
وإحنا ماشينا من حارة لحارة
وإحنا خاذينا بنت الإمارة
وبعد وصولهم إلى بيت أهل العروس يحتفلن بها ويرقصون، وخلال الاحتفال تقوم إحدى النساء بوضع الحناء على يدي العروس ورجليها. وأشار حمادة إلى أن قديماً العروسان لا يلبسوا خاتم الزواج إنما ما يميز المرأة المتزوجة من غير المتزوجة هو من يديها الموضوع عليها حناء، وذلك لأن قديماّ الفتاه غير المتزوجة لا تضع الحناء على يديها، وأيضاً من المعروف قديماً أن في ليله الحناء الفتيات غير المتزوجات يتباركن من العروس للاعتقاد أن ذلك يفتح نصيبها.
وفي صباح يوم العرس يبدأ جميع أهل البلد بتجهيز أنفسهم للاحتفال بالعرس, حيث يقوم العريس بتجهيز نفسه بلبسه القمباز مع عصبه من الحرير يتحزم بها وحطّه بيضاء على رأسه وعقال مع عبائه حمراء، ومن ثم يأتوا المعازيم لزفاف العريس على الحصان ويمشون به مع الرقص والغناء. بينما العروس تبدأ نساء البلد بتزينها في بيت أهلها مع بقاء شعرها منساباً كنوع من التباهي بالشعر الطويل الجميل ثم تزف على حصان مع العريس. وبعد زفاف العروسان على الحصان وصولاُ بهم إلى (البرزة) أي بيت خاص للعرسان بجانب والديه أو أقاربه لزفافهم به وهي أشبه بما يسمى اليوم (باللوج), حيث يستمر الاحتفال بهم حتى صباح ثاني يوم العرس ولكن في وقت متأخر من الليل مع استمرار المعازيم بالرقص والغناء يأخذ العريس العروس إلى بيتهم الخاص بهم وعند وصولهم إلى باب بيتهم توضع العروس عجينة على باب بيته اعتقادهم بأن هكذا تبقى العروس في بيت زوجها وفي عش الزوجية لأمد الحياة. مستهلاً كلامه قائلاً إلى أن قديماُ كان بيت العروسان مكون من فراش أرضي بدلاً من السرير الموجود اليوم وصندوق مزخرف ومنقوش يوضع فيه ملابسهم.
وفي صباح ثاني يوم العرس الذي أطلق على هذا اليوم قديماّ ( الصباحية العروسان) ، يبدأ أهل العروس بتجهيز أنفسهم للذهاب إلى بيت للعروس ،ويأخذوا للعروسان الزغاليل المحشوة كوجبة غذاء لهم بالإضافة إلى الحلاوة وتوابع أخرى للعروس التي من ضمنها ( لحاف ومخدات وفراش من الصوف) بينما أهل العريس يبدأو بتحضير لذبائح الخرفان وعمل مناسف لإطعام جميع أهالي البلد هذا إلى جانب الرقص والغناء والاحتفال. حيث أشار حمادة بأن الأغاني التي كانوا يستعملوها قديماً هي :
(يا صلاتك يا محمد.. يا خزاتك يا إبليس)
(يا هنا يا أم إلهنا يا هانيه)
(على الدلعونه.. على الدلعونة)
وغيرها من الأغاني التراثية الجميلة التي تعبر عن واقعنا الفلسطيني.

فبين العادات والتكاليف اختلفت المقاييس, وبين أفراح الماضي أفراح الحاضر فرق شاسع طال مناحي الزفاف مادياُ ومعنوياُ. ولهذا نجد كثيراُ في المناسبات اليوم بأن الكثير منهم يبتعدون عن الموروث الشعبي الغنائي الذي شكل حقبة ثقافية للأفراح والمناسبات التي كان حاضراُ فيها.
ويقول الحكواتي حمزة العقرباوي- الباحث بالتراث- بأن بعد موجة الحداثة والتطور المسعور في المجتمع وسياسة الاحتلال الهادفة لخلق بيئة اجتماعيه تنشغل بعيداً البيئة التي تحفظ التراث الغنائي ارثنا الشعب الغنائي غريباً عن الأفراس والأعراس, ولكن من جانب آخر أضاف العقرباوي إلى أن هناك فرق بأن مغنين وحفلات تتعمد لاستحضار الأغاني التراثية وتقديمها بالأعراس لأنها تشعر بسحرها وبقربها من الجمهور أن هناك فئة لا تزال تهتم لهذه الألوان الغنائية. مشيراً إلى أن علينا أن نميز بين التراث الغنائي كفن ومضمون يتم تقديمه؛ فمثلاً بعض الفعاليات الثقافية تقدم نفسها بأنها تراث شعبي والأحق أن مضمون بما تقدمه ليس من التراث الشعبي وإن كان لون الغناء وإطاره العام من الفنون الشعبية.
ويتابع العقرباوي إلى أن هناك مبادرات تحاول الاهتمام بالتراث الشعبي ككل بما في ذلك الغناء الشعبي, ولكي تنجح في ذلك فإن عليها أن تستطيع أن تعيد هذا اللون لجمهوره وبيئته وأن يعود لممارسة الدور الذي وجد لأجله, فحيث أن طبيعة البيئة الحداثية والتطور وتفكك الحياة التي كان يعيشها الفلسطينيون سابقاً وهذه الطفرة الحداثة والانشغال بها والنموذج الغربي والعصري تسهم بلا شك في إبعاد التراث الغنائي عن العودة لموقعه الأصلي.
حيث أن في الأوان الأخيرة تم استخدام بعض الأغاني الأجنبية والعبرية في المناسبات اليوم وهذا لأن العديد فقدوا بوصلة ولم يعدوا قادرين على تشكيل هوية ثقافية تجسد وتمثل هموم وآمال الشعب الفلسطيني.
وأضاف العقرباوي إلى أن بلا شك بأن هناك حالة جديدة ظهرت في الأعراس في السنوات الأخيرة وتمثلت في إقبال المغنين على تقديم أغاني وصحجات تراثية التي تمثل لوناً من الألوان الثرات الشعبي وهي محاولة تنبع من الشعور بالرغبة بالتميز عن التمسك بالهوية التراثية, لذلك نرى عشرات الشباب يسارعون للاصطفاف في حلقة الصحجة أو الدبكة لأن ذلك يجعلهم من جملة المتميزين عن التمسك بهويتهم التراثية. ولكن من جانب آخر هناك حالة ضعيفة وفريدة وخجولة أمام حالة الاغتراب الثقافي وضياع الهوية التراثية الغنائية في أعراسنا الفلسطينية. واستهل كلامه قائلاً إلى أن التراث لا يعبر عن ثقافة هذه الأجيال, الأمر الذي يدفعنا للقول بأن علينا أن نقرأ التراث بشكل جيد ونسهم في دفعه للمضي للأمام في المسيرة التي بدأها من مئات السنين.
لذلك أن اختلاف تقاليد الزواج من بلد لآخر قديماً وحديثاً يعود ذلك بتمييز كل بلد بعادات وتقاليد خاصة بها للاحتفال بزواج, فهناك بعض الاحتفالات التي يحكمها الطابع الديني وأخرى يحكمها الطابع الاجتماعي من أجل إضفاء الشرعية على هذا الزواج. ولكن الشعب الفلسطيني يحاول التمسك بعاداته وتقاليده والحفاظ عليها لأنها روح وذاكرة هذا الشعب.


 

المزيد من الصور
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل
عادات الفرح والزواج لدى الفلسطينيين تراث شعبي يتعرض للنسيان والتبديل
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017