د. خالد معالي
كما هي المياه؛ حياة الإنسان؛ فان المسجد الأقصى حياة الروح، وعقيدة دينية؛ فراح الاحتلال يمس بشكل جوهري أهم أساسيات الحياة لدى الشعب الفلسطيني، ولدى مليار ونصف من المسلمين بالعالم؛ بقراره تفتيش كل مسلم يريد الصلاة في المسجد الأقصى.
يتلاعب الاحتلال بمقدرات وموارد ومقدسات الشعب الفلسطيني كيفما شاء؛ حيث درجت سياسة الاحتلال الماكرة منذ عام 1967م على ألا يشبع الفلسطيني ولا يرتوي حتى من مياهه، ويكون حاله ووضعه على الدوام أقرب للعطش وللجوع منه للشبع؛ إلا أن جاء "اوسلو"؛ الذي مكن الاحتلال أكثر فأكثر بحجة الاتفاقيات؛ وهو ما ينطبق على المسجد الأقصى الذي اتبع فيه أيضا سياسة ممنهجة، وبالتدريج وجعل الصلاة فيه بالقطارة وبالتفتيش الالكتروني؛ كما يحصل الآن بحجة منع العمليات.
الاحتلال _وإن كان على باطل_ إلا انه يقوده قادة، يستقون قراراتهم بعد مشورة الخبراء، وأهل الرأي، ويسترشدون بمعاهد بحوث إستراتيجية، أما قرارات القادة العرب ومنهم الفلسطينيون؛ فهي ردة فعل ولحظية سريعة متهورة ودون دراسة وتمحيص ومعرفة الأبعاد والانعكاسات؛ فحتى اللحظة لم يتفق قادة الشعب الفلسطيني على كيفية الرد الأمثل على قرار التفتيش الالكتروني على بوابات المسجد الأقصى.
المياه في الصيف لا بديل عنها للفلسطينيين في الضفة الغربية؛ فراح الاحتلال يتعامل مع الشعب الفلسطيني المحتل بسياسة القطارة؛ فلا هو وصل حد الارتواء حتى الشبع، ولا هو عطشان وجوعان إلى الحد الذي يجعله يثور وينتفض على الاحتلال.
الرد السريع على سياسة القطارة والمس بمكانة المسجد الأقصى؛ لا يكون بالشجب والاستنكار والتهديد والوعيد؛ بل بخطوات كما هي خطوات الاحتلال وهذا ليس بالأمر العسير لمن أراد أن يقدم للوطن ولو القليل.
دولة الهوس الأمني الوحيدة في العالم بامتياز؛ هي كيان الاحتلال؛ لأنها بكل بساطة قائمة على سرقة تاريخ وعقيدة ومقدسات الفلسطينيين، وقتل وطرد وتهجير شعب بأكمله، وتريد أن تسيطر على المسجد الأقصى بأي ثمن وتقسمه بزعم أحقية اليهود فيه؛ رغم أن اليونسكو اعتبرته خالصا للمسلمين.
الأمن؛ كان على الدوام لدى قادة الاحتلال هو جوهر الاتفاقيات، سواء أكانت اتفاقيات مع دول عربية أم مع منظمة التحرير الفلسطينية؛ فلا يمكن أن تقوم أية علاقة مع الاحتلال إلا وفق هذا المفهوم الأمني، بحسب ما يرى قادة ومفكرو الاحتلال؛ ومن هنا فان سياسة القطارة يرى الاحتلال أنها تحقق له الأمن الزائف.
ما يحصل في القدس المحتلة؛ وللرد عليه؛ كان لزامًا على قادة القوى والتيارات الفلسطينية سرعة تقوية الوضع الداخلي بوقف كل ما يوتر الوضع من تراشق إعلامي، أو اعتقالات سياسية، أو زيادة الضغط على غزة، أو غيرها من قول أو فعل؛ والتوحد في مواجهة قرارات "نتنياهو" التي تستهدف عقيدة الأمة جمعاء.
في المحصلة؛ "نتنياهو" بتهوره في القيام بفرض وقائع على المسجد الأقصى؛ يعادي الله خالق الكون، وأحيى العالم الإسلامي وعادي حضارة عظيمة، ومن يعادي الله ويحارب دين الله؛ يكون مصيره الفشل والخسران ومزابل التاريخ؛" فاعتبروا يا أولي الأبصار".