منذ العام 48 و نظر واطماع الحركة الصهيونية الى شطرها الثاني , و بعد الاحتلال و بعد ضم القدس و فرض القانون الاسرائيلي عليها لم يتوقف التهويد و تغيير المعالم و الاستيطان و العبث بالمواطنة العربية , و تكثيف الوجود اليهودي من أجل التغيير الديمغرافي بهدف توسيع المساحة بما يسمى القدس الكبرى و استكمال الضم الفعلي و اعتبارها ( عاصمة اسرائيل الابدية ) , و لكن ما عطل هذا المشروع الشيطاني أمران اساسيان :
الأول الصمود و التمسك بالقدس من قبل أهلها رغم كل محاولات الدمج بالمجتمع و الانصياع للسياسات و المشاركة في الانتخابات ,, أي محاولة تحقيق اندماج و انصهار مجتمعي تحت القانون الإسرائيلي .
و الثاني , وجود واحد من أقدس الاماكن الدينية المقدسة لدى المسلمين و العرب و المتمثلة بالمسجد الأقصى و امتداداته .
و بذلك دأب الاحتلال على العمل المتواصل لتحطيم موانع الدمج فكثفوا السياسات لتفريغ القدس من أهلها و حاولوا اختراق النسيج الاجتماعي بزج المستوطنين بين العرب , و تضييق العيش بإجرائات اقتصادية و ضرائبية و منع البناء و سياسة سحب الهويات و الغاء لم الشمل و غيره الكثير من الإجرائات و في نفس الوقت استهدفوا المسجد الاقصى تارة بالحرق , فالحفريات أسفله ,فالاقتحامات , و إزعاج المصلين و وضع التضييقات و الحواجز لدخول المسجد و غيرها الكثير من الانتهاكات التي شملت السماح للمتطرفين اليهود باقتحامه و الصلاة على حائط البراق و الاحتكاكات اليومية .
اذا هذه هي القصة انه صراع دموي بهدف اقتلاع الفلسطينيين بتاريخهم و تراثهم من أرضهم المقدسة بهدف احلال المستوطنين و التهويد الكامل و ازالة كافة الامور التي تعيق هذا الهدف بالحديد و النار و بانتهاك كافة القوانين و القرارات الاممية .
و في المقابل شعب عنيد واعي جيدا للمؤامرة متمسك بمدينته و أرضه و مقدساته رافضا لكافة أساليب الخداع و فرض الأمر الواقع .
و لذلك كله نجد أن أهل القدس لم يتخلوا عن انتمائهم و ارتباطهم بشعبهم الفلسطيني رغم كل المحاولات المسعورة ,, وقد مرت مواجهات عديدة انتمت فيها القدس لامتدادها ,, و خاضت المواجهات و مقاومة الاستيطان و التهويد و محاولات الهيمنة و تقويض المسجد الاقصى .
و بهذا نفسر المواجهة الأخيرة و التي أثبتت تمسك و توحد المقدسيين عندما يتعلق الأمر في الأقصى و تهديد وجودهم ,, كما أثبتت أن امتداد و ارتباط المقدسيين بأهلهم في كافة أماكن الوجود ,, و ارتباط الشعب الفلسطيني بالقدس و المقدسات و بترابه الوطني من المسلمات و من القواعد التي لا يمكن كسرها .
و صعدت الحكومة الاسرائيلية على شجرة الغرور و الصلف و زرعت البوابات على مداخل المسجد الأقصى بذرائع أمنية و الهدف واضح و يتمثل في فرض الهيمنة الأمنية على مساحة الأقصى و انتزاع الصلاحيات من الأوقاف تمهيدا للمراحل اللاحقة و المتعلقة بالتقسيم الزماني و المكاني بذريعة لاحقة تتعلق ب( اعتدائات ) على مصلين يهود ,,, و استمرارا في هذا النهج حتى الاستيلاء الكامل عليه و حتى الوصول الى التدمير بعد زعزعة الأساسات و البناء تحته ,, تحضيرا لبناء الهيكل المزعوم .
لكن وعي المقدسيين و الشعب الفلسطيني لهذا المخطط وضع الاحتلال في مواجهة كبيرة غير محسوبة ,, و رسالة المقدسيين كانت و بصريح العبارة ,, تريدون التهويد نريد المحافظة على عروبة القدس ,, تريدون السيطرة عبر البوابات لن ندخل من خلالها و سنظل نقاومها ,,, تريدون محو وجودنا ,,نحن صامدون باقون و لو على دمائنا ,, تريدون ان تزرعوا مستوطنيكم بأمن و سلام بيننا ,, لا سلام لمغتصب و سلامة أهل القدس الحقيقيين هي الهدف ,, فاتخذ قرار الصمود و التحدي و المواجهة و أصبح الاحتلال يسعى للخروج بماء الوجه و وضع البدائل ,, و جاء الرد ,,, البدائل ليست مقبولة بأي شكل ، و أن القضية ليست قضية بوابات ان ازيلت نحقق النصر و إن بقيت نعلن الهزيمة ,,, بل هي معركة القدس و مقدساتها قد بدأت .
ستسعى الحكومة الاسرائيلية لوضع البدائل و ستحاول أن لا تهدي فوزا للقيادة الدينية و الوطنية في القدس أو للمقدسيين أو لأي قيادة فلسطينية , بل ستحاول عقد الاتفاقات مع أحدى الدول العربية أو الاسلامية لتمرير الاتفاق على الاسرائيليين دون تحقيق نصر مرحلي للفلسطينيين .
و أيضا جاء الجواب هنا قاطعا ,, لا بدائل و لا تفتيش و لا أي نوع من الهيمنة الأمنية و لن يمر المشروع و لو على الأجساد لأن الجميع وعي الى أنها ليست معركة في القدس ,, بل هي معركة على القدس .
ستسقط البوابات و تسقط الذرائع الأمنية رغم أن العالم العربي و الإسلامي الرسمي لا زال في سبات عميق,, الا أن الشعوب العربية و الاسلامية بل و شعوب العالم تتضامن مع الشعب الفلسطيني و مع قضيته العادلة .
الفلسطيني مسلم أو مسيحي ,, علماني أو قومي ,,يساري أو يميني ,, ملحد أو مؤمن ,,, الكل الفلسطيني يعتبر القدس بمقدساتها قضيته و مستعد للتضحية لأجلها ,, و إذا أردتم أيها المحتلون فتح المعركة على القدس فاعلموا أن الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته جنودا لهذه الحرب .