memantin iskustva memantin kosten memantin wikipedia
"> memantin iskustva memantin kosten memantin wikipedia ">بقلم :مادلين فقها
شبابٌ لفحت وجوههم شمسَ الصحاري في نفحة والنقب، وهم بنفسِ اللحظة أسرى الأمعاء الخاوية في عسقلان ومجدو وعوفر، هؤلاء خُلقوا من رحم أمهات ٍأرضعن أبنائهن لبن الحرية ليتم الزجُ بهم في هداريم و هشارون ومقبرة الرملة، أشبال بددت قضبان الحديد والأغلال براءة طفولتهم المسلوبة، هو ليس كغيره من الشباب في السجون الصهيونية، شاب لم يكدْ يبلغُ من العمر 23 عامآ، بدأ يدافع عن قضيته بالقلم والصورة، ويرسم معاناته و أهله بمشاهد تظهر عنجهية الاحتلال وممارساته البغيضة، فربما ألفُ قذيفةٍ لا تعادل كلمة واحدة من تعبيرات يكتبها القلم وينشرها لسانُ الإعلام.
طالب الصحافة في جامعة النجاح الوطنية "معاوية نصار" اقتادته قوات الاحتلال الصهيونية من بيته في قرية مادما جنوبي نابلس قبل نحو أسبوع من الآن، وصادرت أجهزته الخاصة من ذاكرة الكاميرا وهاتفه الشخصي، بعد مداهمة المنزل والعبث بمحتوياته، وذلك ردا على انه كان يصور فيلمآ يكشف فيه عنجهية الاحتلال والمستوطنين في ثلاث قرى جنوب نابلس المحتلة مادما وعصيرة القبلية وبورين، ويُظهر في فيلمه الذي أسماه "قرى تحت النار" معاناة الفلسطينيين في هذه القرى الثلاث، في حين أن هذا الفيلم الذي تم تصويره كان لمشروعه التخرج الذي شارف على الانتهاء، وما لبثت يد الغدر إلا وأن اعتقلته قبل أن ينهي تعليمه الجامعي في كلية الإعلام.
أما والدته أم معتصم والتي تُخفي حرقة الألم في حنجرتها فتقول: " نحو ثلاثين جندي إسرائيلي دخلوا المنزل ولم يبقى زاوية منه إلا وتم العثور بها وتفتيش للأجهزة الخلوية وتدقيق في الهويات الشخصية، وقاموا باصطحاب معاوية معهم بكل برودة أعصاب".
وتضيف" أتمنى أن يخرج معاوية من المعتقل في أقرب وقت ممكن لكي يقدم امتحاناته النهائية، والفرج القريب له ولجميع الأسرى في سجون الاحتلال".
الاحتلال الإسرائيلي يضرب بعرض الحائط القوانين الدَولية التي تنص على حماية الأسرى الفلسطينيين، فمعاناة الأسرى في السجون الصهيونية تبدأ مع بداية رحلة العذاب للأسير الفلسطيني منذ لحظة أسره، ومجيء عشرات الجنود لنقله من بيته أو جره من الشارع أو المؤسسة التي يعمل بها، لزنازين التحقيق الكئيبة المجرمة، فينتقل من نعيم مسكنه ومنزله الآمن إلى مثوى الظالمين المستكبرين في الأرض، الذين عاثوا ويعيثون الفساد في كل مكان من بقاع فلسطين، فتبدأ عملية تعصيب العينين بقطعة قماش، وتصفيد اليدين والرجلين، و تنهال وجبات التعذيب اليومية المتواصلة ليلا ونهار حسب طبيعة التهم الموجهة للأسير.
وبعيون غارقة بالدموع يعبر معتصم نصار الشقيق الأكبر لمعاوية عن لحظة الاعتقال ويقول:" تم تطويق المنزل من قبل الجنود بحثا عن شقيقي معاوية بالإضافة إلى العبث بمحتويات البيت ومصادرة ذاكرة الكاميرا التي يقتنيها معاوية، فهو حاول من خلال الفيلم الذي صوره لمشروعه التخرج فقط أن يبرز المعاناة التي يعانيها أهالي القرى القابعة تحت المستوطنات الصهيونية".
ويتابع:" تم اليوم تمديد توقيفه من مركز التحقيق في بتاح تكفا ونأمل أن يخرج معاوية بأسرع وقت وان لا يؤثر ذلك على دراسته، خاصة وأنه يتخرج هذا الفصل، فهو دائمآ متفوقآ في جامعته، ونتمنى له الفرج القريب إن شاء الله".
قلق يخيم على بيت الأسير معاوية نصار يتساءل هو وغيره من الأسرى أين نحن من قضايا الشعب الفلسطيني؟
أحمد ومعاوية جمعتهم المحبة وفرقتهم السجون الإسرائيلية، بهذه الكلمات بدأ الشاب أحمد زيادة وهو الصديق المقرب من معاوية، يروي لنا قصته مع صديقه ويقول:" نحن أصدقاء منذ الصغر ومعاوية بالنسبة لي ليس مجرد صديق فقط، انه الأخ المفضل ولا دخل له في شيء، اعتقلوه و كاميراته فقط لأنه كان يصور مشروعه التخرج ليبين للعالم ما يفعله بني صهيون من ممارسات بحق أبناء الشعب الفلسطيني وأتمنى من الله أن يفك قيده ويجمعنا به عما قريب.
هذا هو حال نصار وغيره من أسرى فلسطين، فتعمل السياسة الصهيونية الظالمة على مطاردة وملاحقة جميع الشباب، ولا يهمها إن كان صحفيا أو عاملا بإحدى المؤسسات أو حتى مواطنا عادي، فهي لا تفرق بينهم، فيتم احتجازهم في غياهب السجون الملعونة، وبعد الانتهاء من فترة الاعتقال للمحكومين أو المعتقلين، تعمل على التعذيب النفسي والجسدي للأسير وذويه.
وحسب بعض الإحصاءات الرسمية وشبه الرسمية الفلسطينية فقد دخل في سجون الاحتلال الصهيونية قرابة مليون فلسطيني، على فتراتِ اعتقالٍ بسيطة أو مدى الحياة، فمنهم من قضى نحبه، في الزنازين وغرف التحقيق النازية الفاشية الصهيونية القذرة، وآخرون من هم أصحاب المؤبد، أو غيرهم، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا .
وعلى الرغم من ذلك نبقى على يقين من أن الأسرى ومعهم نصار لم ييأسوا ولن ينال الإحباط من نفسيتهم لأنهم أبطالٌ بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتبقى مسألة الاهتمام بهم خلف القضبان الصهيونية غيرَ كافية، ولا يمكن إيفاء هذه الفئة الفلسطينية المجاهدة من الرعاية الكاملة، فمثلا بمقارنة بسيطة بين الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني المطالبين بالحرية، والسجناء المدنيين اليهود في السجون الصهيونية، نجد المفارقة عجيبة وغريبة، فالسجناء اليهود يزورهم أهاليهم فترات طويلة، ويجلبون لهم الأطعمة و الأشربة والملابس دون معيقات، ويتمتعون بحق الدفاع والترافع القضائي عنهم أمام المحاكم المدنية الصهيونية، حتى وإن كانت جرائمهم سياسية أو عسكرية.
حال الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بشكل عام لن يختلف كثيرا عن سابقه، لا سيما الإداريين المضربين عن الطعام، فما تتناقله وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة عن أحوال الأسرى المضربين لليوم السادس عشر على التوالي، يقوي من روح عزيمتهم وإصرارهم على نيل الحرية التي لا بد وان تتحقق في يوم من الأيام.
فجُلَ الأسرى بالسجون يعانوا من نقص النظافة وسوء الرعاية الصحية والحرمان من ابسط الحقوق، إضافة إلى سياسة العقاب العنيفة التي تتبعها إدارة المعتقلات في حق السجناء المخالفين لأبسط تعليمات الإدارة والتي تصل إلى حد العقاب الجماعي، وبعض المعتقلين والأسرى يُمنعون من رؤية الضوء مطلقا وتُمنع عنهم المياه وتُقدم إليهم الأطعمة الفاسدة لدرجة أن بعضَهم أصابته الأمراضُ المزمنة وبعضهم مات من شدة التعذيب، فالاحتلال يتفنن في تعذيب الأسرى فيما يسمى ب"الاعتقال الإداري" لدرجة الاستهتار في حياة الأسير، فلو كان هذا الأسير أمريكيا أو إسرائيليا لقامت الدنيا ولم تقعد، أم أن أسرانا لم يعد يصنفوا من فئة البشر؟
هذا ويحذر الأسرى من اتخاذ خطوات تصعيدية لإضعاف إدارة مصلحة السجون و إرضاخهم لنيل الحرية، فبالأمس تم نقل ما يقارب ثلاثين أسيرآ إلى ما يسمى ب"مقبرة الرملة" نتيجة الإضراب الذي خاضوه جميع الأسرى في السجون الصهيونية، فهم ضحوا بأجمل سنين عمرهم ليعيش باقي أفراد شعبهم كباقي الشعوب الأرضية، ولا يمكن لأي كلام مهما عظُم أن يوافيهم ولو جزءٍ بسيط مما عانوه، فمهما عمل الاحتلال فهو كاذب حتى من كذبه أصبحنا نسمع بعض العباراتِ التي تمجد الديمقراطيين، والذين يراعوا حقوق الإنسان، ولكن هذه هي طبيعتهم فهم مجبولين بالدنيئة وبدولتهم الدخيلة على فلسطين.
دوامةٌ من القلق تسيطرُ على عوائل الأسرى في الضفة المحتلة وقطاع غزة، وفي الداخل الفلسطيني المحتل، الكل ينتفض من أجلهم ويتضامن معهم، ونأسف أننا لم نرى لحد اللحظة أيُ مسؤولٍ أو رئيسٍ يَخرجُ ويتضامنُ مع الشعب بكل فصائلهِ وأطيافه، وبالتزامن مع التغني بالوحدة الوطنية والمصالحة، عذرآ أسرانا فهم مشغولين عنكم بقضايا، الكل يعلم أنها لا تجدي نفعآ فلا حول لهم ولا قوةَ.
فالحرب بيننا وبينهم سِجال وهذه محطاتٌ لا بد وأن نقوم بمواجهتها، فأين الفصائل الفلسطينية من قضية الأسرى؟ ولم يبقى سوى أن نتساءل إلى متى سيبقى هذا الجيل راضخ لمطالب الاحتلال؟ أين الشعب الفلسطيني بالشتات وبداخل الوطن ليعلن كلمته من المعركة المصيرية هذه، والتي يخوضها هؤلاء الأسود الذين دوخوا العدو وأذناب العدو؟ فلو وقف الشعب يدآ يبد وبكل مكان من أرضنا لكي يردَ لهؤلاء المضربين عن الطعام ولو قطرة ماءٍ في محيطهم الكبير، فمهما كان البكاءُ كثيرآ فهو قليلْ وجميع الأسرى الآن في حالةٍ لا يعلمُها إلا الله.