الرئيسية / الأخبار / فلسطين
في السنوية الثالثة لرحيل والدتي بقلم الأسير عاصم الكعبي
تاريخ النشر: الجمعة 28/07/2017 09:45
في السنوية الثالثة لرحيل والدتي بقلم الأسير عاصم الكعبي
في السنوية الثالثة لرحيل والدتي بقلم الأسير عاصم الكعبي

أمي الحبيبة، تمر ذكراكِ بثقل سنواتها الطوال؛وأنا مازلت منذ ذلك اليوم في حوار مع الموت وقد خاطبته: ماذا أبقيت لي من هذه الحياة؟ هل أبقيت لي أملا حزيناً يحترق الآن رويداَ رويداً من شغف الانتظار، وقد خطفت مني لمسة الحنان، واللهفة، والخوف،وخطفت مع نجمتي الدمعة والحس الصادق المختبئ عمراً في قلبها. ما زلتُ أتذكركِ يا قلبي وياروحي في كل موقف، وكل حكاية، وكل مكان وزمان.
أتذكركِ وأنتِ تحرسين دربي يا شريكة الرحلة الصعبة الشاقة والمعاناة المستمرة؛ حين كنتِ ترافقيني من سجن إلى أخر تحملين لي في كل زيارة البسمة والتفاؤل والسعادة والأمل لتقولين لي امضى يا حبيب القلب دون توقف، ولا تلتفت إلى الوراء فما زال النرجس المذبوح يتطايرعبيره ويتراقص بمواجهة المستحيل وأمام إرادة الحياة، تعلميني يا حبيبتي كيف يكون العزم والثبات في أغنية الصبح التي تبشرنا في اللقاء.


أودعتك الأرض حلمنا الجميل حين كنتِ تعلمينا أننا خلقنا في الحياة لنكون نحن لا غيرنا، أودعتك القلب بكل ما يحمل من جروح وأهات،أسالك أيتها الرياح برق مقدس؛ أن توصلين بيننا أناشيد الوفاء فحتى في الموت كنت أكثر وفاءً يا حبيبتي .آهٍ كم تمنيت بأن تسير الجنازة إلى بوابة السجن لا إلى القبر؛ كي أُقَبّل يديكِ الطاهرتين! خبئيني يا حبيبتي من قهر السجن وقسوة السجان، ما أسوئك يا أيتها الحرب عندما تنسفين الأحلام، وتموت الذاكرة خجلا من رصاص الطغاة .
أمي يا مشيئة الله يا روح الحياة لماذا كان رحيلك مبكراً؟ لمن أضيء شمع الصبر بعد الآن؟ أصبح كفننا الصمت وقبرنا الكلام حين قتلت أيها الموت في قلبي الأمنيات.
سلامٌ عليكِ يا حبيبتي، سلامٌ على روحكِ الطاهرة وأنتِ تغزلين ثوب السعادة من خيوطِ صَبرك. سلام عليك تحت التراب، ونحن فوقه، في السجنِ، يدفننا سادة المال والمنتفعين المغمسين في الذل والخنوع..وننتصر.
إبنك المشتاق عاصم


سجن النقب الصحراوي
28 تموز 2017

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017