سلفيت
تتحسر المزارعة الفلسطينية عطفة اشتيه"أم ابراهيم"( 57 عاما)على ما آل اليه حال ارضها المكونة من عشرات الدونمات لمصانع استيطانية تتبع مستوطنة "اريئيل" غرب سلفيت؛ وتندب حظها العاثر بذهاب ارضها التي كانت يوما ما تدر سمنا وعسلا.
وتتحدث عطفة عن ماضيها في الأرض وتقول:" صادر المستوطنون منا هنا في منطقة بطن الحمام وظهر المشيد أكثر من 20 دونم؛وهي أراضي زراعية ورعوية كانت تشكل له دخلا وفيرا وكنا سعداء وفي حالنا؛ الى ان جاء المستوطنون وحولوا المنطقة كله إلى مصانع استيطانية ضخمة تتبع مستوطنة "اريئيل" الصناعية".
وتضيف:"كنا قرابة عشرين عائلة نسكن حول منطقة مصانع "اريئيل" كلها طردت وهجرت ولم يبقى لاحقا الا أسماء جابر ام حسن وتركتها مؤخرا الا قليلا، وهي تناشد دعم صمودها وتواجدها في منطقة يبتلعها الاستيطان، وهي آخر من تبقى من العائلات حتى الآن".
ووسط المشاعر الجياشة والمتضاربة؛ تقول:" كانت حياتنا بسيطة ونعيشها بكل بهجة وسعادة كنا نفلح هذه الأرض في المنطقة والأراضي التي حولها ونرعى الاغنام؛ ونزرع اغراس الزيتون؛ إلى أن جاء المستوطنون وشرعوا بتجريف المنطقة من صخور وتربة وأشجار حرجية ومراعي، وهم الان يلوثون المنطقة بفعل غازات المصانع، وبفعل المياه العادمة والمجاري التي يسكبوها في وديان محافظة سلفيت.
وعن تفاصيل حياتها الزراعية قبل مجيئ المستوطنون تقول:" كنا نزرع كل انواع النباتات تقريبا؛ فقد كنا نزرع العدس والقمح والشعير والفقوس والبامية وغيرها؛ وكنا نجمع العسل من الجبال وكنا لا نفارق المنطقة على مدار السنة، وكنا نجمع الخروب والعجوب والشومر ؛ وألان لا نقدر على الوصول لما تبقى من ارضنا؛ فكلها أصبحت مصانع تتبع لشركات ضخمة ومستثمرين يهود ومصانع اخرى تتبع لجيش الاحتلال.
وعن اعتداءات المستوطنين على المنطقة تقول "أم إبراهيم"بان كثرة المصانع وتوسعها وبناء المزيد مناه بين فترة واخرى؛ سببت بتقليص المناطق الزراعية والرعوية في المنطقة؛ التي لم يبقى منها سوى قطع صغيرة من الأراضي تحيط بها طرق كثيرة قام المستوطنون بتجريفها تمهيدا لمصادرتها لاحقا .
وتؤكد "أم إبراهيم" أن منطقة بطن الحمام والكفايف وظهر المشيد كانت منطقة رعي خصبة لرعاة الأغنام والماشية من منطقة سلفيت وقرى بروقين وحارس وكفل حارس وقراوة وبديا وسرطة؛ والان ممنوع دخول ما تبقى من تلك الاراضي .
وتعتب"أم إبراهيم" على كثرة الضجيج حول تغول الاستيطان؛ وقلة الدعم في مواجهة التوسع الاستيطاني المتسارع على مدر الساعة؛ وتقول:" من الواجب دعم المزارعين في هذه المنطقة من الجميع لحماية ما تبقى منها؛ إلا أن المناشدات لا تلقى الصدى المطلوب الا ما ندر من بعض المؤسسات التي تكتفي بقليل من الدعم".
وتخشى "أم ابراهيم" ان يقوم المستوطنون لاحقا بتجرف ما تبقى من خربة قرقش حيث تقول:" لا تبعد خربة قرقش المنحوتة في الصخر عن مصنع الحديد في مصانع "اريئيل" سوى عشرات الامتار وفي حالة السكوت عن الاستيطان فانه لا يستبعد تجريف الخربة الاثرية؛ حيث سبق وان جرف الاحتلال الكثير من الابنية الاثرية في المنطقة".
بدوره يشير الباحث د. خالد معالي الى ان منطقة مصانع "اريئيل" الغربية يتبع جزء منها لأراضي الأوقاف الإسلامية وكان فيها بعض البرك والأبنية الأثرية من الحجارة، ومعاصر قديمة محفورة على الصخر؛ تم تجريفها جميعا لصالح إقامة مصانع عديدة وضخمة تتبع مصانع "اريئيل".
ولفت معالي ان المادة 52 من اتفاقية جنيف الرابعة تمنع التأثير السلبي على حياة السكان الواقعين تحت الاحتلال، او المس بمصادر عيشهم وحياتهم اليومية، الا ان حكومة "نتنياهو" تضرب بعرض الحائط كافة الاتفاقيات والشرائع الدولية.