نابلس:من تسنيم ياسين-اصداء
حين تدخلها يلفتك هدوؤها، تكاد طرقاتها تخلو من المشاة إلا ما ندر، بيوت وادعة عمرها مئات السنوات هجرها ساكنوها وتركوها للزمن، أهلا بك في سفارين.
تقع القرية على بعد 20 كيلومتراً إلى الجنوب الشرقي من مدينة طولكرم، وتبلغ مساحة أراضيها ما يقارب الـ1000 دونمٍ، لكن المساحة العمرانية أقل من200 دونم بعد هجرة أهلها إلى الخارج.
لا يزيد عدد ساكني القرية على الـ 1200 شخص، لكن اللافت هو أن عدد من يسكنون مدينة طولكرم يزيد على ال22 ألفاً، بالإضافة إلى 8 آلاف في الأردن، حسب رئيس مجلس القرية طلال شقور.
ويرجع عيد محمد السفاريني أبو يوسف، رئيس المجلس لسنوات سابقاً، السبب في ذلك إلى قلة الخدمات والتهميش الذي تعانيه القرية، وأيضاً فإن للقرية أراضي واسعة في طولكرم خصوصاَ على طول السهل الشرقي في طريق قلقيلية بالتالي يهاجرون ويبنون فيها ومنهم من لا يعود ويترك بيته.
قلة السكان انعكست على عدد المدارس فهناك ابتدائية واحدة مبنية منذ عام 1922 كانت مقصداً للقرى المجاورة ليتعلموا فيها، بالإضافة إلى المدرسة الثانوية المختلطة التي بنيت بمساهمات الأهالي المغتربين في الخارج الذين بقوا متعلقين في قريتهم، إلا أن هذا النقص لم ينعكس على المستوى التعليمي حيث عرفت بأهلها المتعلمين منذ ثلاثينيات القرن الماضي فكان منهم حامل الدكتوراة والماجستير في وقت كانت الزراعة أكبر عمل لدى الكثيرين.
الشيخ محمد السفاريني، صاحب العقيدة السفارينية، هو من أبرز علماء القرية على مستوى العالم الإسلامي، فكتبه تدرس في الأزهر ومعتمدة في السعودية التي تتبع المذهب الحنبلي، ومن مؤلفاته: غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، وهو شرح لمنظومة ابن عبد القوي المرداوي وهو الشرح المعتمد في المذهب، وشرح ثلاثيات أحمد في مجلد ضخم وشرح نونية الصرصري سماها (معارج الأنوار السنية في سيرة النبي المختار) في مجلدين.
يقول أبو يوسف: "نحن نعاني من نقص الأراضي الصالحة للزراعة لذلك فإن الأهالي منذ سنوات اختاروا التجارة والعمل الحكومي، استثمارنا الأساسي هو في الإنسان، اليوم نحن بحاجة إلى ما يعزز بقاء الإنسان ولا نريد أن تهاجر البقية، نحتاج إلى موارد وخدمات تحيي القرية، الكهرباء متوفرة لدينا منذ أوائل التسعينيات أما الماء فما زلنا نعتمد على الآبار وبعض الخطوط، ولدينا عيادة واحدة من مساهمات الأهالي وكذلك تم تجهيزها من قبل الإغاثة الصحية، نحن بحاجة إلى استثمارات تنمي القرية".
في القرية شواهد تاريخية عريقة من الرومان والبيزنطيين فهناك دار سمارة وكذلك القبة وبرك سليمان، لكنها كما القرية تعاني من التهميش الرسمي والشعبي فلا أحد يوليها اهتماماً أو حراسة، فقد تعرض جزء كبير منها إلى السرقة، فالخنادق الرومانية التي فيها سراديب مليئة بالقطع الأثرية الصغيرة ولكنها تعرضت للسرقة ولم يكن هناك من سائل.
وكغيرها من القرى الفلسطينية لم تسلم القرية من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين وخصوصاً من الطرق الالتفافية التي يتحكم فيها ويمنع الأهالي من المرور عبرها متى شاء.
يصف رئيس المجلس المعاناة قائلاً: "في الوضع الطبيعي الطريق من سفارين إلى المدينة يستغرق دقائق معدودة، لكن حينما يغلقون الطريق نضطر إلى الالتفاف عبر مفرق شوفة الذي يستغرق أضعاف الوقت، كذلك في موسم الزيتون في العادة أحتاج جراراً وسيارة تقلني والزيتون الذي أقطفه، لكن حينما يغلقون الطريق أضطر إلى حملها على الدواب ما يحتاج جهداً ووقتاً أكبر".