وجد نفسه فجأةً وسط نيران العدو، تاه عنه زملاءه وفقد المقربين منه بالكتيبة، قبل أن يعاني الأمرّين بعد أن نجح في الانسحاب من ميدان الحرب، أحداث حولته إلى شخص يشعر بالخيبة الحسرة على فقدان «أرض الفيروز»، إلا أنه استعاد عافيته وأعد نفسه مجددًا، حتى استرد سيناء بعد 6 أعوام.
في 5 مايو 1965 انضم البسيوني أحمد فرج بندق، المولود في قرية دنوشر بالحلة الكبرى، إلى القوات المسلحة لقضاء فترة تجنيده، وخدم في الكتيبة 288 مدرع من اللواء 12 مشاة الفرقة الثانية.
وحسب «المجموعة 73 مؤرخين» تواجد «بندق» وقت النكسة في منطقة «أم قطف» على الحدود مع العدو، حينها فوجئ بالطيران الإسرائيلى فوقه، والذي استهدف المواقع المصرية، إلا أنه كان يشتبك مباشرةً مع أي آليات خاصة بقواتهم البرية.
تعرضت دبابته لهجوم شرس أفضى إلى تدميرها، بجانب إصابة جميع زملائه باستثنائه هو، ذهب بعدها لركوب دبابة أخرى، لكنه وجد كتيبته مدمرة بالكامل، وجميع الجنود يتحركون دون أية تعليمات.
نتيجة بحث الصور عن حرب 67
قطع «بندق»، مع زملائه في الكتيبة، مسافة 70 كيلومترًا مشيًا للعودة، بعدها عثر عليهم العدو في منطقة بئر لحفن بالقرب من العريش، ما أجبرهم على العدو مجددًا رغم الإرهاق، وتمكن من إصابة بعض المتتبعين لهم من خلال رصاصات طبنجته.
20 يومًا قضاها دون طعام أو شراب حسب روايته، إلى أن وصل إلى لبئر العبد بالقرب من القنطرة، هناك قابل بعض الأعراب وأبلغوه أن شيخ قبيلتهم أمرهم بجمع كل من جدوهم من الجنود، لإرسالهم إلى مصر، ومن خلالهم نقلوه إلى محافظة بورسعيد.
بعد أيام توجه إلى معسكر الشهيد أحمد جلال بالهايكستب، وفور وصوله قرر التوجه إلى منزله سرًا لرؤية والدته، والتي عاشت أسوأ لحظات حياتها بعد إبلاغها بأن ابنها استشهد، إلى أن زارهم بنفسه مطمئنًا إياها.
في أكتوبر 1967 عاد إلى القاهرة وانضم إلى الفرقة الرابعة اللواء الثاني مدرع الكتيبة 209، وتفوق في الرماية حتى حصل على لقب «رامي درجة أولى»، ومكافأة 7 جنيهات.
نتيجة بحث الصور عن حرب 73
يقول «بندق» إن التدريب بعد النكسة تطور عما قبلها: «لم نقم بضرب أية طلقة ثقيلة، ولكن بعد 67 نجد أنه بعد كل أسبوع تدريب نقوم بضرب 3 أو أربع طلقات يكلفون الدولة الكثير والكثير، أصبحنا محترفين بعد الخوف من ضرب طلقة ثقيلة أصبحت تعرف كيف تضربها وكيفية توجيهها وكيفية تنسيق الدبابة».
قبل معركة العبور تدرب مع كتيبته على العبور مرتين في منطقة برقاش، عند ممر مائي مشابه للقناة، إلى أن شعر هو ورفاقه بتحركات غير عادية في أوائل أكتوبر 1973، حتى علموا بموعد الحرب قبل شنها بـ 15 دقيقة.
ظل «بندق» وزملاءه في الضفة الغربية من القناة حتى يوم 18 أكتوبر، ورغم توقعاته بالعبور إلى الجانب الآخر فوجئ بتلقيه أمر بضرورة التوجه إلى منطقة الدفرسوار، وهي التي تعرضت للهجوم من 6 دبابات للعدو بقيادة آرييل شارون.
بعد يومين اشتبك «بندق» وزملاءه مع العدو لمدة ساعتين، ويروي: «كانت المعركة شديدة، واستطعت تدمير عدد كبير من دبابات العدو، وكأني بفقس بيض، فجأة أُصيبت دبابتي، خرجت ونظرت حولي وجدت الجبل من حولي قد تهاوى، والطلقة التي جاءت بدبابتي أصابت التنكات والعدد الاحتياطية، وجهاز الأشعة تحت الحمراء، والجنزير مقطوع».
يتابع «بندق»: «تم الضرب حولي في الجبل ضربًا كثيفًا جدًا، ولكن بتوفيق الله والآية التي تقول: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ)، تجسدت معنى تلك الآية في المعركة، ودمرت 19 دبابة».
نتيجة بحث الصور عن حرب 73 دبابات
أردف: «فنيًا ضربي لكل هذه الدبابات أعتقد أنها معجزة من الله، قمت بالضرب على مسافة 2 كيلو و200 متر، وآخر الطلقات كنت أقوم بضربها بالاشتباك الأعمى، وهذا في المسافات القريبة».
ترك منطقة الدفرسوار بعد قرار وقف إطلاق النار، وذهب إلى الكيلو 101 على طريق السويس، ولم يسقط أحد من الكتيبة سوى الشهيد ثابت بشاي سعد.
عقب انتهاء إجازته الخاصة أرسل إليه قائد الكتيبة، المقدم محمد عبدالله كريم، سائقه الخاص، وقال له: «اترك الطابور للي بعد منك يدوره، والبس وتعالى علشان عايزينك»، ليخبره فيما بعد قائد اللواء بأنه سيقابل الرئيس محمد أنور السادات.
في الـ 19 من فبراير 1974 قابل «بندق» الرئيس، وحصل منه على نوط الجمهورية من الطبقة الأولى، إضافةً إلى مكافأة، تقديرًا لشجاعته في تدمير 19 دبابة.
نقلا عن العربية نت