تخيل معي أخي القارئ أن الاحتلال التزم باتفاقية"اوسلو" - على مساوئها- منذ 24 عاما؛ وأقيمت الدولة الفلسطينية على أل 67؛ بحدود مستقلة ومطار وميناء؛ معنى هذا انه كانت لن تجري ثلاث حروب طاحنة على غزة، ولم يجري تقطيع الضفة لكانتونات مفصولة ومنعزلة عن بعضها البعض بحواجز عسكرية؛ وتغول الاستيطان، وزيادة في عدد المستوطنين من 100 ألف مستوطن إلى 800 ألف مستوطن في الوقت الحالي، ولم يجري ما جرى من استباحة يومية لأراضي السلطة الفلسطينية.
نقطة الخلل الاستراتيجية الكبرى التي حصلت في اتفاقية"اوسلو"؛ هي أن التفاوض والتوقيع كان بين طرفين غير متكافئين في القوة؛ فالسلطة الفلسطينية هي الطرف الضعيف من ناحية القوة؛ اللهم؛ إلا من قوة الحق المتمثل بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
الطرف الثاني؛ كان هو كيان الاحتلال القوي بالدعم الغربي، والقوي عسكريا بالدعم الأمريكي، فهو يعرف نفسه جيدا ومحيطه العربي والإقليمي؛ بانه بغير القوة العسكرية لا وجود له، كالسارق يبقى خائفا على سرقته ويحوم حولها.
إذن كان الخلل منذ البداية؛ ونتج عنه لاحقا كل أنواع الخلل والمشاكل المستعصية على الشعب الفلسطيني، ف"اوسلو" من تنكر له هو الاحتلال؛ ومن يخترقه كل يوم هو الاحتلال؛ ومن لا يريد إعطاء دولة فلسطينية هو الاحتلال؛ بحكم إمساكه بزمام الأمور.
الإدارة الأمريكية خرجت بطرح جديد؛ لحل القضية الفلسطينية بعد 24 عاما على التفاوض؛ وهي إعطاء الفلسطينيين حكم ذاتي موسع بدل الدولة الفلسطينية؛ فأمريكا ليست عادلة ولا نزيهة، وهي تسير أمور العالم بما يتماشى مع مصالحها؛ وليس قيم الحق والعدل والخير.
في كل الأحوال"اوسلو" ثبت فشله، ويخنق الشعب الفلسطيني، وبات شوكة في حلق جزء من الشعب الفلسطيني لا يستطيع لفظه ولا يستطيع بلعه وواقعا مرا؛ وكله بفعل تنكر الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني.
سيبقى قادة الاحتلال ومن بينهم "نتنياهو" ؛ هم فقط من يتحملوا وزر الدماء التي ستسال مستقبلا؛ كونهم لا يتعظون من التاريخ ولا يقرؤونه جيدا؛ كعادة طغاة العالم عبر التاريخ، ولا يريدون إحقاق الحق بإعطاء الشعب الفلسطيني حريته.
في كل الأحوال؛ على قادة الشعب الفلسطيني أن يتوحدوا بعد كل هذا الإخفاق في "اوسلو"؛ ويجب دعم ما يجري في القاهرة الآن؛ نحو تحقيق الوحدة والمصالحة، وطي صفحة الانقسام، فالوقت يمضي سريعا، ولا يرجع للخلف، والقائد الفذ والمتميز الذي يذكره التاريخ بخير؛ هو من يوحد ولا يفرق، وفي زمنه استطاع توحيد الجهود والطاقات نحو العدو المشترك؛ فهل يفعلها قادة الشعب الفلسطيني هذه المرة!؟ نأمل ذلك.