الرئيسية / الأخبار / فلسطين
قصر القاسم...ماض يروي حكايته
تاريخ النشر: الجمعة 29/09/2017 13:47
قصر القاسم...ماض يروي حكايته
قصر القاسم...ماض يروي حكايته

تقرير عروب ابوعيشه "الوزني" 

ما أن تطأ قدماك قصر القاسم في قرية بيت وزن حتى تستنشق رائحة الماضي، فحجارته تشهد على قدمه وأصالته، فكلما نسير بين غرف القصر وأزقته نرى الإبداع في إنشائه، فكل زاوية منه تشهد على حضارة عريقة كانت فيه.
فهو من أجمل قصور قرى الكراسي من حيث معماريته الداخلية، بما يحويه من زخارف وحجارة و العديد من النقوش والأقواس التي تملأ القصر، بينما بنائه الخارجي لا يتسم بالفخامة التي يبدو بها من الداخل فهو يتميز بالطابع الدفاعي الذي كان يلائم بنائه في ذلك الزمان.
ويعتبر قصر القاسم المبنى الأكثر أهمية في قرية بيت وزن الواقعة جنوبي غربي مدينة نابلس، وقد شيد من قبل الشيخ قاسم الأحمد في سنة 1820، ولهذا فهو يعرف إما بقصر "القاسم" أو قصر "الشيخ، وهو بناء تم تشييده في عهد الدولة العثمانية حيث كان مركزا لأحد الولاة العثمانيين.
ويحتوي القصر على ثلاثة طوابق، الطابق الأرضي يتكون من غرف للضيوف وغرف للحرس، ويشتمل الطابق الأول على مقر إدارة الحكم وغرف النوم، أما الطابق الثاني فهو كان يحتوي على تسعة غرف لعائلة الشيخ وغرف صيفية مفتوحة، والطابق الثالث هو ما يعرف ب"علية الشيخ".

يقول حارس القصر ياسر خليل: أن القاسم كان من المشايخ الإقطاعيين، فقد بنى هذا القصر من قوت الناس بالقوة والظلم، وقد استخدم الزيت والشيد في بنائه بدلا من الماء، فكان يأخذ الزيت من الناس رغما عنهم، ويعاقب من يدخل غلة لبيته بدون إذن وعلم الشيخ، ولا أحد يستطيع الرفض لأن الحاكم لديه كل الصلاحيات في ذلك الزمان، من استعباد الناس ومعاقبتهم بشتى الوسائل كالتعذيب أو الإعدام، إضافة إلى ارغام النساء على ملأ الماء من إحدى ينابيع القرية، وعملهن في الطواحين وغيرها من الأعمال الشاقة، فكان يستغل الناس بشتى الوسائل بس جبروته وقوته وظلمه.
ويضيف خليل كان يسكن في القصر العديد من العائلات في القرية، ولكن القصر ترك بعد فترة فكل عائلة قامت ببناء بيت خاص لها.


"وقامت جامعة النجاح باستغلالها عن طريق ترميم القصر، ودعمت مؤسسة السويد هذا المشروع، وعملت مؤسسة رواق على تنفيذه، وبالمقابل قامت الجامعة باستئجار القصر لمدة 99 سنة، فأصبح القصر لجامعة النجاح واستغلتها" يقول خليل.

ويتلقى طلاب من جامعة النجاح من قسم الهندسة والآثار محاضرات داخل القصر، إضافة إلى إقامة ورشات عمل ومخيمات صيفية ومعارض.
ويقول الدكتور علي عبد الحميد من جامعة النجاح الوطنية "هذا المبنى يمُثل العمارة العثمانية الفلسطينية، فهو كان مقراً للشيخ قاسم الأحمد، وسكناً له ولعائلته، إن أكثر ما يُميز قصر القاسم هو الغرفة السماوية، والتي كان عن طريقها يشرف على القصر ويراقب ما يحصل فيه.
ويضيف: قامت جامعة النجاح بترميم القصر عام 2003، وأصبح مركزا للدراسات الحفاظ وللتخطيط الحضري والإقليمي، ويستخدم كوحدة للتخطيط الحضري والإقليمي التابع للجامعة.

ويقول محمد أبو عيشة أستاذ متقاعد من قرية بيت وزن: أتذكر ونحن أطفال كنا نأتي إلى القصر وكان مأهولا بعدد كبير من السكان من أهل القرية، وكان هناك عربات فخمة للخيول نلعب بها، وكان أهل القرية يعتبرونه مكان للاستجمام والترفيه .
ويتابع حديثه قائلا: لكن كل هذه الأشياء اندثرت، وكان في هذا المبنى العديد من التشققات، وأرضيته مفروشة ببلاط قديم متهالك، فهو في حالة سيئة، أما بعد ترميمه فقد أصبح مكانا للتخطيط الحضري والإقليمي على مستوى الضفة الغربية، وهو من المباني التاريخية المشهود لها، ففيه آيات من الفن الهندسي البديع والتخطيط المتقن.
ويوضح الدكتور مازن عبد اللطيف في قسم السياحة والآثار بجامعة النجاح الوطنية أن قصر القاسم يعود إلى الفترة العثمانية وهو كباقي القصور في تلك الفترة، فهذه القصور كانت تعبر عن الحياة السياسية والاجتماعية، وكانت تعرف بقرى الكراسي فكانت أسر معينة تحكم في منطقة وما يجاورها من مناطق، فكان كل رئيس يقوم ببناء قصر له كمقر للحكم من جانب، أو للتعبير عن مدى الثروة والجاه الذي يتمتع به وللتفاخر بين الآخرين من جانب أخر.


وسادت هذه القصور في العديد من قرى فلسطين، حيث ساد النظام الإقطاعي في تلك الفترة الذي بثته الدولة العثمانية للسيطرة على مناطق واستقطاب أصحاب النفوذ والجاه، يبين عبد اللطيف.
ويضيف الدكتور مازن عبد اللطيف: أن قصر القاسم من ناحية النمط المعماري هو أشبه ما يكون بالقلعة المحصنة ويحتوي على معظم العناصر الفنية، من أقواس ودعامات وزخرفة ونقوش والأقواس المتقاطعة والأسقف الجملونية والقباب وغيرها من المظاهر العمرانية فيه.
 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017