معاذ الله أن أكون ضد المصالحة، لكن بعد سنوات الضياع العشر من عُمر الانقسام يحق لأي مواطن فلسطيني أن يستفسر بصوت مرتفع عن مهزلة الانقسام ومشهد المصالحة وتوابعهما، من يتحمل مسؤولية وصمة العار التي أصابت تاريخنا النضالي من أجل تحقيق مصالح أبعد ما تكون وطنية؟
أسئلة كثيرة تعصف في عقل المواطن الفلسطيني دون إجابات ضمن إطار عام، لماذا حدث الانقسام ؟ لماذا بدأت المصالحة الآن؟ وهل استفاد المتقاتلون من المصالحة ؟ أم المستفيدون هم من خارج دائرة حركتي فتح وحماس والشعب الفلسطيني؟ لماذا تتم الآن صفقة المصالحة وبطريقة سلسة وكأن الجميع أصبح حريصا على إتمامها أكثر من الآخر؟
أنا لست متفائلا أو متشائما، لكن العقل النقدي والرافض للمشهد أصبح هو المسيطر بعد حالة الكُفر من واقع الانقسام وما رافقه من مآسٍ، ماذا سنقول للأجيال القادمة في كتب التاريخ عن حقبة الانقسام؟ كيف سنبرر قتل قابيل أخاه هابيل؟ والأخطر أن نترك للغراب مهمة تعليمنا كيف يدفن بعضنا بعضا دون رحمة!!
أصبحنا نخجل من قباحة المشاهد المختلفة التي أصابتنا في مقتل قضيتنا على الصعيد الدولي وخصوصاً في موضوع ارتباطنا بأجندات مختلفة تعزز جبهة الفصائل ضد بعضها البعض، فنصطف تارةً مع الإخوان وتارةً مع الأميركيين وتارةً مع الأتراك وتارةً مع السعودية وتارةً مع قطر، للأسف لم يبق لنا صديق لأننا كنّا نبحث عمن يعزز قوتنا ضد بعضنا البعض، فنبيع ونشتري تحالفات في بورصة المصالح الفئوية البعيدة عن الهدف الرئيسي وهو المشروع الوطني الفلسطيني؛ فتحولنا أعداءً لقضيتنا وأعداءً لمن يقف معنا في كافة المحافل الدولية!!
استناداً لما سبق، هناك حالة من الاغتراب يعيشها الشارع الفلسطيني في مختلف جوانب الحياة السياسية وبالأخص في قضية المصالحة؛ المواطن الفلسطيني لا يكترث بالقضايا التي تم تركها في المرحلة النهائية من اتفاق المصالحة بالقاهرة قبل أيام المتمثل في « منظمة التحرير والانتخابات....» المواطن الفلسطيني أصبح جل اهتمامه هو حقوقه الأولية التي توفر له حياة كريمة.
عند قراءة ما تم تسريبه من نصوص الاتفاق الأخير، تستنتج بأن ما تم الاتفاق عليه هو ليس مصالحة بالمعنى الحرفي للكلمة، ما حدث هو الاتفاق على المجهول، لنحفظ تاريخ التوقيع جيداً 12 نشرين الأول 2017 فهو الإعلان عن نهاية مرحلة الانقسام وبداية مرحلة الاقتسام، والدخول في دوامة جديدة سيحتضنها النظام السياسي الفلسطيني المهترئ.