الرئيسية / مقالات
ماذا سنكسب من المصالحة؟ ياسر أبوبكر
تاريخ النشر: الثلاثاء 17/10/2017 11:02
ماذا سنكسب من المصالحة؟ ياسر أبوبكر
ماذا سنكسب من المصالحة؟ ياسر أبوبكر

ينظر الانسان السوي للعلاقات بين البشر نظرة ذات طبيعة اخلاقية قيمية ترتبط بمفهوم الاتصال وبناء العلاقات وما يجلبه ذلك من ثقة وتفاهم وبالتالي إحداث التقارب، وفي الشخصيات أوالعناصر الانتهازية تصبح العلاقات بعيدة عن الوعي القيمي الانساني لتتخذ البعد المصلحي الأناني.

لا يمكن أن نفصل طبيعة العلاقات الانسانية عن تلك التنظيمية داخل الفصائل السياسيةأو فيما بينها، وبنفس النمط نريد ان نعكس المعادلة على المصالحة بين حركة “فتح” و”حماس”.

فالنظرة الوطنية العامة تفترض وضع الأولوية للهدف الجامع والتوحد في مقابل العدو الذي يحتل الأرض ويستعمرها ويسلبها ويمارس كل الجرائم بحق شعبها، أما النظرة الحزبية المصلحية الضيقة فتعمل على تعظيم المكاسب المصلحية الحزبية المرتبطة بالسلطة والأنا والمركز والميزات ما يؤدي لتشكيل دوائر ضاغطة في كل تنظيم تناهض أي تغيير في المسار من المصلحي الحزبي الى الوطني العام.

إن عشر سنوات عجاف من الانقسام الذي جاء نتيجة انقلاب “حماس” على غزة عام 2007 هي سنوات ضاعت فيها البوصلة الوطنية خاصة من الانتهازيين والمتسلقين على هامش الحركة الوطنية والذين شكلوا دوائر نفوذ وقرار حول القيادة، وتعملقت لدى هؤلاء الأهداف الحزبية المصلحية والذاتية وتلك المكاسب السلطوية على حساب الهدف الأكبر، وعلى حساب الهدف الجامع،و كل هذا اليوم نراه تغير، او هكذا نظن، فهل نحن متفائلون ؟

إن قيمة الثبات في المصالحة بغض النظر عن طول المسافة التي قطعتها منذ البدء الى النتيجة النهائية، وبغض النظر عن العوامل السلبية الذاتية في كل فصيل، والاقليمية التي اسهمتفي استمراره كما نعلم جميعا من تداخل مصالح بعض الدول والجماعات على حساب مصالحنا، يقتضي هذا الثبات لقرار المصالحة من حركة فتح ومن حماس ومن كافة الفصائل العمل على صيانة الاتفاق بالانتقال للخطوات العملية وبالتدرج الذي يتم احترامه عبر فكفكة الالغام التي سيزرعها المعوِقين للمصالحة خاصة ممن تكسبوا على حساب الانقسام والافتراق.

تقتضي المصالحة الوطنية لتصبح فعلا ناجزا لا رجوع عنه أن يتم توسيعثلاث مساحات بين الاطراف أولاها مساحة التفهم المشترك، فكلما ازدادت هذه المساحة بعدم اقتصار الحوار على المؤقت أو الخلافات بل تحوله لسياسة جامعة والتي بدورها تؤدي لتوسيع مجال الثقة التي تبنى شيئا فشيئا بعد خطابات القطيعة والاقصاء والفكر الذي لا يعترف بالآخر خاصة ضمن معسكر حماس المتطرف الذي لا يرى الآخر الا في الخندق المناوئ .

ان اتباع منطق التفهم المشترك لا يعني الاندماج للأطراف بقدر ما يعني امكانية التصل للجوامع الوطنية المشتركة مع أحقية كل فصيل أن يتميز او ينقد أو يراجع ويخالف، ولكن سياسة او منطق الحوار يقرب المسافات ويجعل من الهدف الجامع مغلبا على ذاك الحزبي المصلحي وقد يزعج هذا الكثير من التيارات داخل كل فصيل، رغم أن الوصول له يحتاج لصبر وتكريس لثقافة الديمقراطية والحوار.

أما ثالثا فإن مؤشر الشراكة يرتفع استنادا للتفهم والثقافة فينتقل الطرفان الى وضع الأسس الوطنية للنضال المشترك، وهو ما نأمل حصوله وهذا هو المكسب للشعب الفلسطيني وخسارة لأعداء هذا الشعب.

ان المصالحة الوطنية التي سارت في عمليات تعثر تعدت السنوات العشر وعملية التقارب التي أخذت وقتا أطول يجب أن تتم رعايتها بمنطق التغليب للهم الوطني وبمنطق التغليب للداخلي على الانصياع للمحاور الخارجية أي أن استقلال الارادة والقرار الوطني الفلسطيني له الاسبقية وان كان هو في النطاق العربي العام بكل تأكيد، وذلك ما يجعلنا لا نتساءل السؤال الذي قد يشتم منه رائحة المصلحية الذاتية وهو السؤال القائل بل والقاتل:ماذا سنكسب من المصالحة؟.

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017