تزامنت الهجمة الاحتلالية على الإعلام الفلسطيني بإغلاق مؤسساته، بعد المصالحة الفلسطينية وطرح الاحتلال سبعة بنود لتركيع الفلسطينيين وسحب سلاحهم، في محاولة بائسة ويائسة للخروج بمكاسب لصالح الاحتلال على حساب الفلسطينيين، والظهور بمظهر المتحكم بالأحداث تحت غطاء القوة المتجبرة الغاشمة.
أتذكر قبل نحو عام من الآن عندما وجهت سلطات الاحتلال لي تهمة غريبة من نوعها خلال التحقيق، وهي التشكيك بصحة ورواية إعلام الاحتلال لصالح الإعلام الفلسطيني، حيث يريد الاحتلال أن يتبنى الفلسطيني روايته ورؤيته للأحداث في غطرسة وتبجح ليس لها مثيلا عبر التاريخ.
لم يتوقف الاحتلال يوما عن محاربة الفلسطينيين في مختلف نواحي حياتهم، خاصة الإعلام منه، فصباح يوم الأربعاء 18\10\2017 قام بإغلاق عدداً من مقار شركات إعلامية في الضفة الغربية المحتلة، لمدة ستة شهور بدعوى التحريض، وهي: "ترانسميديا وبالميديا ورامسات"، في محافظة الخليل ورام الله ونابلس وبيت لحم وصادروا معداتهم وعبثوا في محتوياتها.
يلاحظ أن الشركات المغلقة تقدم خدمات إعلامية لعدد من الفضائيات الفلسطينية والعربية، أبرزها قنوات: فلسطين اليوم والأقصى والمنار وروسيا اليوم والقدس والميادين.
ما حصل من إغلاق مؤسسات إعلامية فلسطينية، وملاحقة الإعلام الفلسطيني بشكل عام، يستدعي منا نحن الفلسطينيين سرعة توحيد ودعم وتطوير الجسم الصحفي والإعلامي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والحرص على عدم إهدار طاقاته في مناكفات حزبية جانبية لا يستفيد منها غير الاحتلال.
لا يختلف اثنان على أن الاحتلال يسيطر ويضغط على أكثر وسائل الإعلام قوة وانتشارا في العالم لينقل وجهة نظره فقط والمشوهة للحقائق، ويحجب ويمنع وجهات نظر الآخرين وخاصة الفلسطينيين خشية فضح أكاذيبه، لكن ومع ذلك ولكثرة ممارسات الاحتلال الإجرامية يقع الاحتلال في قبضة العدالة أحيانا بفضح إجرامه المتواصل بسب بغطرسته وتبجحه، فالقوة أيضا لها حدود مهما بلغت.
تحدي إعلام الاحتلال والرد على أكاذيبه وفضحها يستدعي مواجهة غير عادية، فجميع الطواقم الصحفية والإعلامية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا تعادل ميزانيتها جزء يسير من ميزانية الإعلام لدى الاحتلال، وبالكاد تستطيع الصحافة الفلسطينية مواجهة أكاذيب الاحتلال وهجومه الإعلامي بحق قضيتنا وتشويهها.
ما يدمي القلب عندما نرى جزء من الجسم الصحافي والإعلامي الفلسطيني متفرق ويتصيد أخطاء بعضه البعض، ويقوم بتهويلها في صراعات داخلية تنعكس سلبا على قضيتنا الفلسطينية التي فيها ما يكفيها من التعقيدات والمشاكل، مما يشوه صورتنا لدى الدول والشعوب.
بعد مجزرة الحريات الإعلامية والهجمة الاحتلالية على المؤسسات، آن الأوان لبث الروح من جديد في الجسم الصحفي والإعلامي الفلسطيني وتوحيده وتطويره عبر أسس علمية حديثه، وسرعة انجاز المصالحة وعدم التلكؤ، وآن الأوان أن يستفيق من غفوته الحالية في المناكفات الضيقة، وليعمل ويجد ويجتهد أكثر لتعويض إغلاق وملاحقة مؤسساته، ولا مجال للإحباط أو التراخي أمام احتلال يستكثر حتى على الفلسطينيين أن يكون لهم منابر ومؤسسات إعلامية، خشية فضحه وتعريته.