تمر علينا هذه الايام الذكرى المئوية الاولى للوعد المشؤوم الصادر عن الوزير اللئيم في حكومة المملكة المتحدة(بريطانيا)حيث اعطى من لا يملك لمن لا يستحق من خلال ذلك الوعد الذي قطعه على نفسه وزير خارجية مملكة الشر المتحدة حينذاك اللورد ارثر بلفور لدهاة الحركة الصهيونية وكان ملزما لحكومة صاحبة الجلالة ذات الارث الاستعماري الطويل والقاضي بتمكين يهود العالم من انشاء وطن قومي خاص لليهود في فلسطين ،وقد عكفت حكومة الجلالة منذ توليها انتداب فلسطين على تحقيق الحلم الصهيوني من خلال السماح بتكثيف الهجرات اليهودية المتواترة باتجاه الاراضي العربية الفلسطينية والاستيطان فيها متجاهلة عن عمد وسابق اصرار وجود شعب جذوره ضاربة في اعماق التاريخ والحضارات الانسانية وارضه عربية اسلامية خالصة وهي بالاساس جزء لا يتجزء من الوطن العربي الكبير. وفي معرض الحديث هذه الايام عن وعد بلفور لابد من الاشارة هنا الى انه لم يكن محض صدفة او نزوة تصدر عن شخص معتوه او حتى مافون بل كان تعبيرا مكثفا عن حجم المصالح الاستعمارية المتبادلة بين راس الامبريالية الاستعمارية من جهة والحركة الصهيونية العنصرية الفاشية من جهة اخرى انما تستهدف الوطن العربي برمته وثرواته وكذلك تعطيل مسيرة النهوض والتحرر الخاصة بالامة العربية وليس فلسطين وحدها حيث الخيرات الجمة والثروات النفطية الهائلة التي انكشفت توها تحت رمال الصحراء العربية، وكذلك الارث
الحضاري الرسالي الذي تمتلكه الامة ويمكنها مجددا من ريادة الامم والتقدم عليها ،اضافة للموقع الجغرافي المتميز لفلسطين التي شكلت حلقة الربط بين مختلف القارات. وهنا ايضا لابد من الاشارة الى تسبب هذا الوعد في وقوع اعظم جريمة عصرية عرفتها البشرية جمعاء متمثلة بحجم الكارثة والماساة التي تعرض لها الشعب العربي الفلسطيني من قتل وفتك وصل حد الابادة الجماعية وتشريد وتهجير بلغ مستوى جرائم التطهير العرقي الممنهح ونزوح واقتلاع طال نصف الشعب الفلسطيني الذي طرد بعيدا عن ارضه ووطنه ومسكنه وترك هائما على وجهه تتلقفه الاقدار والنوائب بعضهم استقر في خيام ومخيمات تفتقر لادنى مقومات العيش الادمي وبعضهم واصل المسير في قوافل المهجرين العابرين للحدود والاسيجة الملغمة ، ناهيك عن اعمال القمع والتنكيل والحصار وقتل الاطفال بل واحراقهم وهم احياء ،ومسلسل الحبس والتعذيب حيث زج بما يقارب ثلث الشعب في غياهب السجون الصهيونية ومدى انعكاس ذلك نفسيا وحياتيا على المواطن الاسير ومسيرته العلمية والحرفية والاقتصادية وحرمانه من ممارسة شؤونه الحياتية كباقي شعوب الارض ، بالتزامن مع استمرار النهج العنصري البغيض والمقيت الذي مارسه الاحتلال طيلة سبعين عاما خلت من الكارثة والضياع التي حلت بالشعب الفلسطيني منذ نكبته عام 1948م حتى يومنا هذا وتجلى بابشع صوره حتى تفوقت الحركة الصهيونية على مثيلها نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا. والانكى في كل ما تقدم هو تلك الاستعدادات التي تجريها الحكومة البريطانية الحالية للاحتفاء بالذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم وذلك عوضا عن اعتذارها للشعب الفلسطيني عن حجم الماساة والكارثة التي كانت سببا رئيسيا في تشريد الملايين من ابناء شعبنا ، وقتل مئات الالاف من الشيوخ والاطفال والنساء ، وحبس قرابة المليون فلسطيني في سجون تشبه اوشفتزات النازية وباستيلات الفاشية ، وهدم عشرات الالاف من البيوت ومساكن الفلسطينيين وسرقة ومصادرة الاراضي التي شيدت عليها المستوطنات الاستعمارية ، وكذلك حرمان الشعب الفلسطيني من ابسط الحقوق الادمية وخصوصا حقه في تقرير المصير والعودة واقامة دولته المستقلة وممارسة شؤون حياته الاعتيادية كباقي شعوب العالم ومنها حقه في البناء والتعليم والصحة والتقدم والازدهار ..مما يتطلب منا فلسطينيا وعربيا تكثيف الضغط على الحكومة البريطانية وبشتى الوسائل والطرق لاجبارها وارغامها على الاعتذار والتعويض ومساعدة شعبنا وتمكينه من استعادة كامل حقوقه في ارضه ووطنه.
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك - فلسطين المحتلة
تشرين ثاني - 2017