عند الحديث عن ياسر عرفات فإن القلم يسيل لدرجة قد لا تستطيع معها أن تلاحقه فحيثما وليت وجهك أو حروف سطورك يبرز منها الختيار في الثقافة والسياسة ومع الجماهيرز
وما بين المسافات البعيدة والقريبة وفي القلب والمعتقلات يظهر ياسر عرفات مسيرة او ظلا، وحين يتراقص الحجر بيد المقاتل وفي نفس الثائر ونحيب الامهاتز
بل إنك لتكاد تراه بين سطور كل كتب التاريخ الفلسطيني الحديث، ولعلك لا تحيد عن الحقيقة حينما تذكر أنك رأيته للمرة الأولى منذ آلاف السنين عندما كانت رجل العربي الكنعاني تخوض في مياه أنهر فلسطين ووديانها .
قال ياسر عرفات من على منبر المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر بخطاب اعلان الاستقلال الشهير: "على أرض الرسالات السماوية إلى البشر، على أرض فلسطين ولد الشعب العربي الفلسطيني، نما وتطور، وأبدع وجوده الإنساني والوطني عبر علاقة عضوية، التي لا انفصام فيها ولا انقطاع بين الشعب والأرض والتاريخ.
بالثبات الملحمي في المكان والزمان، صاغ شعب فلسطين هويته الوطنية، وارتقى بصموده في الدفاع عنها إلى مستوى المعجزة؛ فعلى الرغم مما أثاره سحر هذه الأرض القديمة وموقعها الحيوي على حدود التشابك بين القوى والحضارات، من مطامح ومطامع وغزوات كانت تؤدي إلى حرمان شعبها من إمكانية تحقيق استقلاله السياسي، إلا أن ديمومة التصاق الشعب بالأرض هي التي منحت الأرض هويتها، ونفخت في الشعب روح الوطن، مطعماً بسلالات الحضارة، وتعدد الثقافات، مستلهماً نصوص تراثه الروحي والزمني، واصل الشعب العربي الفلسطيني عبر التاريخ تطوير ذاته في التوحد الكلي بين الأرض والإنسان، وعلى خطى الأنبياء المتواصلة على هذه الأرض المباركة، أَعْلَى على كل مئذنة صلاة الحمد للخالق، ودق مع جرس كل كنيسة ومعبد ترنيمة الرحمة والسلام.
ومن جيل إلى جيل، لم يتوقف الشعب العربي الفلسطيني عن الدفاع الباسل عن وطنه، ولقد كانت ثورات شعبنا المتلاحقة تجسيداً بطولياً لإرادة الاستقلال الوطني."
ولا تبتعد عن الحقيقة حين تقرأ خطاب الاستقلال الفلسطيني بعزيمة وتصميم أبوعمار- الذي ظل يحلم ويحلم ويعمل حتى عاد للوطن واضعا قدمه على أرضه مقبلا لترابها- أن تقول أنك رأيت فيه الفلسطيني واليبوسي من قبائل العرب منعكسا على صفحة كل البحيرات بل وفي وديان وجبال فلسطين حتى تتحق العودة والنصر.
ياسر عرفات في نفس الثائر وفي المعتقلات وفي إعلان الاستقلال هي النقاط الثلاثة التي أراها تتصل ببعض وبسيرة الختيار.
فالثائر بين طريد وشهيد وأسير وحيث كانت الحياة في الظلمات يظل الثائر أسيرا أو الأسير ثائرا ولأن الثورة لا تسير على خط البارود بعشوائية أو تخبط فإنها تتعملق عندما يكون الهدف واضحا وهو ما جعل من ياسر عرفات الأسير لطموحات شعبه الثائر لتحقيق أهدافه الوطنية يقوم ويقعد ويمشي ويصعد باذلاً كل الجهد والحلم لا يفارق محياه.
كانت حياته وحلمه في فلسطين التي لم يفرق فيها بين حيفا والناصرة وغزة والخليل وبئر السبع ورام الله ولكنه المطل من عتبة الوعي على المحيط المستحيل كان يسعى للممكن وإن كان الحلم يظل كامنا إلى أن تتوفر عوامل النقلة من حالة الحلم إلى حالة الهدف.
ياسر عرفات الذي ثار مع رواد البدايات على الصمت والسكون والفساد والاحتلال والعنصرية ظل طوال عمره يسعى للاستقلال الوطني فكان إعلان الاستقلال في مسيرته تتويجا حقيقيا لثورة بساط الـريح وتتويجا للانطلاقة في الـ65 وانتفاضة 1987 وفي الجزائر بلد الثورة والشهداء والنضال الدائم كان الاعلان.