هاف بوست عربي | عبد الكريم موسى - الرباطتحوَّل نشاط جمعوي في منطقة سيدي بوعلام، نواحي مدينة الصويرة، جنوبي المغرب إلى فاجعة، إثر مقتل 15 امرأة، أثناء توزيع إعانات غذائية على معوزي المنطقة.
مصادر محلية متطابقة، أوضحت لـ"هاف بوست عربي"، أنه بمجرد علم هؤلاء النساء بأن جمعية (غير حكومية) تعمل في مجال التطوع توزع مساعدات غذائية، حتى تهافتت صباح اليوم أكثر من 800 منهن على المتجر، الذي تمت فيه عملية توزيع الإعانات للحصول على سلة تحتوي على مواد غذائية قيمتها حوالي 20 دولاراً، ما أدى إلى تدافع شديد بين النسوة، تسبب في اختناق 15 منهن وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة.
ضحايا فوق الأربعين
مصالح الوقاية المدنية والأطقم الطبية، استمرت طيلة، الأحد، 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في إسعاف المصابات في حادثة التدافع، اللاتي بلغ عددهن خمس نساء بنسب متفاوتة الخطورة، إذ تم نقل 3 مصابات إلى المستشفى المحلي للمدينة، فيما تم تخصيص مروحية لنقل مصابتين إلى المستشفى الجامعي لمراكش (جنوبي المغرب) نظراً لخطورة إصابتهما، كما أكد مصدر طبي ضمن طاقم الإسعاف، رفض الكشف عن هويته لـ"هاف بوست عربي".
المصدر نفسه، أوضح أن النساء اللواتي فارقن الحياة، كلهن فوق سن الأربعين عاماً، مشيراً إلى أن الضحايا توفين بعين المكان وقبل وصولهن إلى المستشفى بسبب الاختناق الناتج عن التدافع.
ردود فعل غاضبة
الحادث أثار الكثيرَ من ردود الفعل في صفوف نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي المغاربة، حيث أطلقوا هاشتاغ "ضحايا الدقيق"، من بين المتفاعلين الصحفي والناشط محمد الموساوي، الذي اعتبر أن فاجعة الصويرة "هي امتداد لخارطة القهر في هذا الوطن"، مضيفاً أن ما حدث "ليس حدثاً عابراً، وليس نتيجة لعدم التنظيم، بل نتيجة لواقع معيشي مزر، نتيجة سياسة قائمة على تجويع الفقراء، وإغناء الأغنياء".
وكتب عبد الإله الخضيري، الفاعل الحقوقي، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان: "إنها جريمة في حق الكرامة، التسول المفضي إلى الموت". مشدداً على أن الأمر "واقع مر، نسعى إلى إخفائه بانتصارات وهمية، في الرياضة وفي الصعود إلى القمر، وفي الاحتفاء بنجوم الفن وصرف المليارات عليهم".
كما طالب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، "بالتحقيق في هذه الجريمة النكراء، من أجل تحديد المسؤولية التقصيرية التي أفضت إلى تدافع المواطنين بهذا الشكل المؤدي إلى موت بريئات".
بدورها علقت المحامية والناشطة الحقوقية، سعيدة الرويسي، على حادث الصويرة بالقول: "إنها كارثة إنسانية، ونكبة تؤكد ارتفاع نسبة الفقراء المنكوبين ببلادنا وتردي مستوى التنمية"، مضيفة أن ناقوس الخطر يدق بقوة "بسبب التردي المعيشي للفقراء المغاربة، الذين أصبحوا يعانون حتى الموت من أجل لقمة العيش، بينما هناك توزيع غير عادل لثروات البلد يحول دون تحقيق العدالة الاجتماعية وكرامة المواطنين".
كذلك انتقد الباحث في علم الاجتماع، يونس الوكيلي "الواقع الذي نخفيه بمساحيق التجميل، الواقع الذي ما زال الناس يموتون فيه من أجل لقمة تسدّ الرمق، الواقع الذي يفضح زيف مشاريع التنمية، الواقع الذي يؤكد أن الثروة والكرامة ليست لجميع المغاربة".
تدخل ملكي وبحث قضائي
مباشرة بعد الحادث دخلت وزارة الداخلية على الخط، لتُصدر بياناً، مفاده أن العاهل المغربي محمد السادس، أصدر تعليماته إلى "السلطات المختصة لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين لعائلات الضحايا وللمصابين إثر حادث التدافع". مضيفة أن الملك قرر "التكفل شخصياً بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهن وبتكاليف علاج المصابين".
كما أكد بيان الداخلية، أنه تم فتح بحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة، لمعرفة ظروف وملابسات الحادث وتحديد المسؤوليات، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية فتحت تحقيقاً إدارياً شاملاً في الموضوع.
كما نشرت وسائل إعلام محلية أن كبار المسؤولين بوزارة الداخلية المغربية قطعوا عطلة نهاية الأسبوع للانتقال إلى مكان الحادث.
وأضافت أنه تم توقيف رئيس الجمعية الخيرية القادم من مدينة الدار البيضاء الذي كان مسؤولاً عن توزيع الإعانات، وهو داعية ديني معروف، وجرى وضعه رهن التحقيق من طرف عناصر الدرك الملكي، بناء على تعليمات من النيابة العامة، إلى جانب أحد الشيوخ الذي كان يرافقه؛ وذلك لغياب ترخيص من طرف السلطات للقيام بهذا العمل الخيري، رغم أنه تعوّد القيام بنفس النشاط بشكل سنوي، حيث يقوم بتوزيع مساعدات للفقراء والنساء الأرامل.