في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من متغيرات وتجاذبات ساخنة وتطورات متسارعة ومتواترة في شتى الميادين السياسية والـأمنية والأقتصادية,وكذلك حالة الإنهيار الشامل في النظام العربي الرسمي الذي توالت فصوله منذ اليوم الاول لغزو العراق الشقيق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ودول التحالف ,وكانت نتيجتها المباشرة تدمير منظومة الامن القومي الإستراتيجي وإضعاف دول المنطقة وتسييد المد الطائفي المقيت على المشهد العربي وهو إحدى نتاج ما تفتق به العقل الصهيوني الإمبريالي وما سموه الفوضى الخلاقة التي استهدفت إعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم المصالح الإمبريالية والمشروع الصهيوني العنصري عشرات السنين القادمة.
ولا شك أيضاً أن الجهد الامريكي خلال الفترة التي أعقبت غزو العراق وشهدت إنهيار العديد من دول المنطقة إنصب بشكل مكثف على دعم الإحتلال الإسرائيلي وتثبيت وجود دولة الابرتايد وفك عزلتها والسماح لها بالتغلغل في المنطقة العربية واعتبار دولة الاحتلال العنصرية جزء أصيل ومكون رئيسي في تحالفات الإقليم والمنطقة مما يعزز بقائها على قيد الحياة ويكرس احتلالها للأراضي العربية الفلسطينية ,وما مؤتمر مدريد ولاحقه أوسلو الا إمتداد لسيناريو المؤامرة الأمريكية الصهيونية التي تستهدف شطب القضية الفلسطينية العادلة وتكريس الاحتلال وتكثيف الاستيطان والتهويد ,وشرعنة الوجود الصهيوني في قلب الوطن العربي من خلال ترويض الجسد العربي وجعله قادراًعلى هضم واستيعاب والتعايش مع الورم الاحتلالي الخبيث في فلسطين
اليوم وبعد مضي الولايات المتحدة الأمريكية قدماً في مسلسلها الدرامي الخبيث وتحقيق كامل ماّربها في المنطقة العربية ,حيث حالة الدمار والفوضى والتفكك يطل علينا الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب بتسريبات عن ما يسمى صفقة القرن الخاصة بحل النزاع العربي الإسرائيلي معتقداً ان الفرصة باتت مواتية للإجهاز على ثوابت القضية الفلسطينية وشطب حقوق شعبنا في العودة وتقرير المصير والقدس العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية المستقلة,هذه الصفقة التي لن تحمل حلاًعادلاً للقضية ولن تأتي بجديد أمريكي سوى بعض الحلول الإقتصادية والتسهيلات المعيشية الهدف منها ذر الرماد في العيون العربية وإزالة كل المعيقات التي تحول دون تغلغل إسرائيل في دول المنطقة العربية وجعلها جزء لا يتجزأ من تحالفات الإقليم.
وفي الختام نقول إن الشعب الفلسطيني ومعه كل الشرفاء من أبناء أمتنا العربية الذين أسقطوا كل المؤامرات التي حيكت ضد فلسطين والامة العربية طيلة القرن الماضي والعقود المنصرمة قادرين اليوم على تجاوز كل الطوائف وحالة الإنقسام والشرذمة وإستعادة الروح الكفاحية من أجل الرد على ما سمي بصفقة القرن بصفعة تاريخية تسقط كل المؤامرات على قضيتنا العادلة وأمتنا , وكل المخططات والمشاريع الصهيونية الإمبريالية , والتاكيد مجدداً على ثوابت الحق العربي في كامل التراب الوطني الفلسطيني ,وتكريس الوحدة والحرية وإشاعة قيم الديمقراطية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص في ربوع بلادنا العربية بما يؤمن مستقبلاً زاهرا تنعم فيه أجيالنا القادمة.
بقلم : ثائر محمد حنني
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تشرين ثاني - 2017