طوباس: سردت الحلقة الثمانون من سلسلة "أصوات من طوباس" لوزارة الإعلام في محافظة طوباس والأغوار الشمالية سيرة عبد الرحيم عبد الحميد الطوباسي، 72 عامًا، عازف العود، وكاتب الأغاني، والمحب للموسيقى منذ الطفولة.
يقول: تركت مقاعد الدراسة في الأول الإعدادي (السابع بلغة اليوم)، وعملت في المقاهي اللبنانية، وامتلكت شغفًا بالموسيقى، وحصلت على فرصة لمشاهدة كبار نجوم الغناء العرب، الذين كانوا يتقاطرون إلى لبنان. ووصلت بيروت عام 1965، وعملت في مطعم (الشاربيني)، وجالست العازف والموسيقار فريد غصن، وأحب صاحب المطعم إلياس عطا الله الطرب، فيما كان ابنه جوزيف ملحنًا عمل مع الفنان سمير يزبك، فتأثرت بهم، والتحقت بمعهد (يعقوب ماردوخان)، وصرت أتدرج في العزف والغناء وكتابة الأغاني.
نجوم
كان الطوباسي يعمل في جوف الليل، ويتعلم الموسيقى في أطراف النهار، وخصص جزءًا مما كان يجمعه لحضور حفلات أم كلثوم، التي غنت الأطلال لأول مرة في بعلبك، ومنعه حراس فريد الأطرش من مصافحته، وجالس الموسيقار منصور الرحباني.
يتابع: أرافق العود منذ 51 سنة، وكتبت كلمات ست أغنيات، وأتحسر على فقدان عودي الأول، الذي اختفى عام 1975، وكتبت أغنية ( لو عندي ولد) التي أداها الفنان الأردني مالك ماضي، وساهمت في شهرته.
ولد الطوباسي في آذار 1945، ويحرص على عوده القديم، الذي دفع 600 شيقل ثمنًا له، فيما أنكسر بعد سنوات وأعاد إصلاحه، وعجز عن شراء واحد من لبنان لثمنه المرتفع في ستينيات القرن الماضي، إذ كان يحتاج إلى 20 دينار أردني لإكمال حلمه.
يضيف: عملت في بيروت ثلاث سنوات وسمعت وشاهدت كبار النجوم: فريد الأطرش، ونصري شمس الدين، وفهد بلاَن، وأم كلثوم، ووديع الصافي، ولم يتمكن من مشاهدة السيدة فيروز، وحدثت النكسة وأنا في لبنان، فطلبني أهلي بتصريح لم شمل.
ضرائب
تختزن ذاكرة الطوباسي، بقصة ذهابه إلى التلفزيون الأردني عام 1978 بكلمات جديدة، بعد نجاح أغنيته (لو عندي ولد)، ويومها أجابه المسؤولون بأن ثمن كل أغنية تعرض على الشاشة يحصل كاتبها على 45 دينار، يدفع 45% منها ضريبة!
يواصل: قبل ( لو عندي ولد) ترددت نادي الفنون في جبل الخيّال بعمان، وجالست مالكه الصحافي نايف نعناعة، الذي كان يصدر مجلة الفنون، والتقيت بالفنان مالك ماضي، فأعجب بكلماتي، وسجلنا الأغنية على (ستيريو) داخل بيت، وبعد شهر شاهدتها على التلفزيون، ولكن دون ظهور اسمي كصاحب كلمات أول مرة.

ترك الطوباسي العزف والغناء وانطلق إلى الصحراء الليبية، وبدأ بالعمل في آبار النفط، وأصابه المرض، ولم يجد العلاج فعاد إلى الأردن، ثم رجع إلى طوباس، وكررت الإعلامية إخلاص يخلف العبادي من التلفزيون الأردني الاتصال به نهاية التسعينيات لأعمال جديدة، لكن سوء وضعه الصحي حال دون ذلك.
ألحان
يكمل: تزوجت في الخامسة والأربعين، ولي ولدان عبد الحميد (17 عامًا) ومؤمن (12 عامًا)، وأغني وحيدًا اليوم، ولم أقدم حفلات إلا للأصدقاء جدًا، ولن أورث أولادي ما أحببت؛ فذلك لا يُطعمهم خبزًا، وللأسف فإن (الفيديو كليب) اليوم لا يدوم في أحسن الأحوال غير يومين ثم يموت، فهو بلا لحن، أو معنى، أو كلمات في معظمه. وقدّمت آخر أغنية بحضور كبير عام 1987 بحضور صدقي طارق عبد الحي رئيس بلدية الطيبة داخل الخط الأخضر، وأحمد أبو سنينة رئيس بلدية قلقيلية، ولم أقبل الحصول على أي مقابل ثمن صوتي، وأحببت كثيرًا الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأعجبت بأسلوب الفنان كارم محمود، ولم أسجل كلمات الأغاني التي كتبتها، وسأعارض أن يتعلم أولادي الموسيقى.
في ذاكرة الطوباسي لائحة كلمات وألحان لأغنيات قديمة، ظلت حبيسة صدره واختار لها عناوين: (قلبي على ولدي)، و(شقى العمر)، و(يا دينا بكفي جروح)، و(استرق السمع)، و(حكم القدر)، و(موشح)، أما في جسده فتستوطم أمراض: الديسك، والمعدة، والناسور، لكن حنجرته المتعبة تصدح بأغنيته الأشهر: " لو عندي ولد لأعمر بلد، وأخطبلوا بنية، حلوة وشلبية، وابني سبع قصور، شبابيكا بلور، وأسكن آخر دور، وأطلع للبدور في أعلى البلد، لو لو لو لو عندي ولد، قالوا لي يا جار اتنقى واختار، في عنا عروس، بتسوى كوم فلوس، أتزوج وأتوكل وبتعقل، بيجيك المحروس، بيقولك يا أبوي، عمر هالبلد، لو لو لو لو عندي ولد... "
قصص
بدوره، أشار منسق وزارة الإعلام في طوباس عبد الباسط خلف إلى أن "أصوات من طوباس" دونت عشرات القصص الإنسانية، التي تتبعت أحولاً عديدة، ورصدت تجارب ومبادرات وإبداعات بألوان الحياة، ومنحتها فرصة الظهور عبر فضاء الإعلام.
وأضاف: اللافت أن وسائل إعلام عديدة كررت تسليط الضوء مجددًا على الحكايات النسوية والتربوية والتاريخية، التي أظهرتها السلسلة منذ خمس سنوات.