الرئيسية / منوعات / تكنولوجيا
حيادية الإنترنت.. لماذا هذا الضجيج؟
تاريخ النشر: الثلاثاء 28/11/2017 07:22
حيادية الإنترنت.. لماذا هذا الضجيج؟
حيادية الإنترنت.. لماذا هذا الضجيج؟

رماح الدلقموني-الجزيرة نت
تصاعدت الجلبة في الولايات المتحدة كثيرا هذه الأيام بشأن قواعد حيادية الإنترنت التي وُضعت في عهد إدارة الرئيس السابق باراك أوباما والتي تحاول إدارة الرئيس الحالي دونالد ترمب إلغاءها بعد نحو أسبوعين، فما هي هذه القواعد؟ وما أهميتها؟ ومن المستفيد والمتضرر من إلغائها؟
ما المقصود بحيادية الإنترنت؟
حيادية الإنترنت هي مجموعة المبادئ والقواعد التي تحدد سلوك الشركات المزودة لخدمة الإنترنت والتي على أساسها يتم التعامل مع خدمات الإنترنت كأنها مرافق أو خدمات عامة تخضع للقوانين التنظيمية، وبالتالي لا يمكن لمزودي خدمات الإنترنت التلاعب في سرعات الإنترنت ويجب عليهم تقديم محتوى مفتوح للجميع.
ويوجد ثلاث قواعد رئيسية تقوم عليها حيادية الإنترنت حاليا بالولايات المتحدة وهي:
- لا حجب للمحتوى: أي أنه لا يمكن لمزودي خدمة الإنترنت منع المستخدم من الوصول إلى المحتوى القانوني (رغم اختلاف الآراء حول المقصود بالقانوني).
- لا تحكم في سرعات الإنترنت: أي أنه لا يجوز لمزودي الإنترنت إبطاء سرعة تحميل البيانات عمدا من تطبيقات ومواقع على الإنترنت.
- لا أولوية لمن يدفع أكثر: أي أنه لا يمكن لمزودي الإنترنت تقاضي أموال أكثر من منتجي المحتوى -مثل فيسبوك أو نتفلكس- لتوفير البيانات لهم أسرع من الخدمات الأخرى.
وبشكل عام، فإن حيادية الإنترنت تعني أن على مزودي خدمات الإنترنت توفير شبكات مفتوحة وحرة للجميع، ولا يجب عليهم أن يحجبوا أو يعطلوا الوصول إلى أي تطبيق أو محتوى عبر هذه الشبكات.
ما الذي يعنيه غياب حيادية الإنترنت؟
بدون حيادية الإنترنت، فإن مزودي خدمات الإنترنت قد يخلقون مسارات إنترنت سريعة وأخرى بطيئة، وقد يعمدون إلى إبطاء محتوى شركات منافسة بشكل ينفر زبائنها منها.
كما قد يلجأ مزودو خدمات الإنترنت إلى طلب رسوم إضافية من شركات المحتوى التي بإمكانها الدفع للحصول على معاملة تفضيلية، مما يترك الشركات الأخرى أمام خدمات أبطأ.


وتعتبر كومكاست وفيرايزون و"أي تي آند تي" من أكثر الشركات الأميركية المزودة لخدمة الإنترنت معارضة لتلك القواعد لأنها تحد من طموحاتها في تحقيق مزيد من الأرباح.


فعلى سبيل المثال، بإمكان كومكاست طلب رسوم من نتفلكس مقابل الحصول على معاملة تفضيلية في بث الفيديو، فإذا لم تدفع الشركة فإن بإمكان كومكاست جعل خدمتها بطيئة لدرجة لا يمكن الوصول إلى المحتوى أو الوصول إليه إلا بجودة سيئة.
وعليه، فإن شركات مثل فيسبوك ونتفلكس وتويتر ويوتيوب قد تضطر للدفع أكثر مقابل أن يحصل المستخدمون على دفق أفضل للبيانات عبر خدماتها، في حين قد تواجه شركات أخرى مشاكل في بطء الوصول إلى محتوى خدماتها، وربما تخسر نهاية المطاف جمهورها من المستخدمين.
لماذا التراجع عن القواعد؟
المفارقة أن تلك القواعد وضعتها هيئة الاتصالات الاتحادية الأميركية، ولكن تريد التراجع عنها الآن وتخطط للتصويت على ذلك يوم 14 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والسبب هو تغير الرئيس الأميركي وسيطرة الحزب الجمهوري.
ففي الحالة الأولى (عام 2015) كان يرأس هيئة الاتصالات الاتحادية توم ويلر وهو ديمقراطي عينه أوباما ويعد من أنصار حيادية الإنترنت، وبوجوده كانت الهيئة تملك أغلبية ثلاثة ديمقراطيين إلى اثنين جمهوريين فتم إقرار قواعد حيادية الإنترنت، وبعد انتخاب ترمب عين أجيت باي رئيسا للهيئة وهو جمهوري معارض لتلك القواعد -كما أنه عمل سابقا في شركة فيرايزون- وبوجوده أصبحت الهيئة تملك أغلبية من الجمهوريين، ولذلك فمن المرجح إلغاء تلك القواعد.


والأمر كله يسير في إطار توجهات ترمب الذي يميل -منذ توليه الرئاسة- إلى قياس كل شيء بميزان الربح والخسارة بعقلية رجل الأعمال التي اعتاد عليها، ولذا نجده انسحب من اتفاقية باريس للمناخ لأنها تشترط على المصانع الحد من بعث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو، ووجود قواعد لحيادية الإنترنت يعني عدم قدرة الشركات المزودة لخدمة الإنترنت على تحقيق مزيد من الأرباح التي تصبو إليها.
وبالنسبة لباي، فهو يرى أن إزالة تلك القواعد ستتيح للشركات من كافة الفئات في كل القطاعات التنافس بينها دون قيود تنظيمية من الدولة، وبحيث يقرر المستهلكون من الفائز أو الخاسر بينها.
وتعتبر البرتغال مثالا للدولة التي لا توجد فيها قواعد لحيادية الإنترنت، الأمر الذي تستغله بوضوح شركة الاتصالات "ميو" -ومقرها لشبونة- حيث تقدم حزم بيانات للمستخدمين بأسعار مختلفة تمنحهم مستويات متعددة من الوصول إلى الويب، فمقابل بضعة يوروهات شهريا يمكن استخدام تطبيقات المراسلة، وبدفع مبلغ أكبر يمكن استخدام فيسبوك بمعدل أكبر أو ربما استخدام نتفلكس أكثر.
ومن الدول الأخرى التي لا تتبنى قواعد لحيادية الإنترنت: الأرجنتين وبلجيكا والبرازيل وكندا وتشيلي والصين وفرنسا وإيطاليا واليابان وهولندا وروسيا وكوريا الجنوبية وسلوفينيا، إلى جانب الدول العربية.


نقلا عن الجزيرة نت  

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017