الرئيسية / الأخبار / فلسطين
اليامون..هكذا بدأت الحياة تدب في منزل المواطن ربيع العتر
تاريخ النشر: الأحد 03/12/2017 06:32
اليامون..هكذا بدأت الحياة تدب في منزل المواطن ربيع العتر
اليامون..هكذا بدأت الحياة تدب في منزل المواطن ربيع العتر

جنين-كان بكاء المولودة "أميرة" الدائم، ينذر بحياة بدأت تدب في منزل المواطن ربيع العتر "40عاما" من بلدة اليامون غرب جنين، والذي لم يفقد الأمل يوما بأن يرزقه الله بطفل يعوضه عن حياة الشقاء التي يعيشها جراء إعاقته الحركية التي تلازمه منذ ولادته، وهو أمل حققته له هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية، بعد أن استجابت لطلبه بمد يد العون والمساعدة له، من خلال تمكين زوجته من إجراء عملية زراعة أجنة.
"الآن بدأت أشعر أن الله فتح بابا جديدة للسعادة لي بعد كل سنوات الشقاء التي عشتها"..بهذه الكلمات بدأ العتر الذي كان يجلس على كرسي متحركة تلازمه منذ الصغر، يتحدث عن حياته التي شهدت تغيرا جوهريا بعد أن من الله عليه في الخامس عشر من الشهر الماضي، بطفلته البكر التي أسماها أميرة تيمنا بوالدته التي لا يمنعها المرض من الاستمرار في دعمه ومساندته والوقوف إلى جانبه منذ الصغر.
"أميرة ملأت علينا الدنيا، وعندما أسمعها تبكي يتملكني شعور غير مسبوق بالسعادة التي لم أشعر بها لسنوات طويلة كنت على يقين خلالها أن الفرج من عند الله قادم لا محالة"..قال العتر الذي كلما يحمل طفلته بين ذراعيه ويضمها إلى صدره، يشعر أنه امتلك الدنيا بما فيها.
إعاقة حركية منذ الولادة
يقول العتر: "أعاني من إعاقة حركية منذ الولادة، ولكنني لم أستسلم، فعندما بلغت السادسة من عمري قررت الالتحاق بالمدرسة، وهو قرار كان من وجهة نظر كثيرين أنه أشبه ما يكون بالمستحيل، إلا أنه لم يكن مستحيلا بالنسبة لي".
وأضاف، إن عائلته وفرت له كرسيا متحركة لتعينه على الوصول إلى المدرسة التي كانت بعيدة عن منزله أكثر من خمسة كيلومترات، والطريق إليها صعبة للغاية، وملأى بالحفر والمطبات، في وقت كان يتجنب فيه معظم سائقي المركبات تمكينه من الركوب، لأن في ذلك مشقة عليهم، حيث سيضطر السائق إلى إيقاف مركبته، وإدخال الكرسي المتحركة إليها، ومساعدته على الركوب، ولكن الخير لم ينقطع من هؤلاء.
وتقدم العتر، لامتحان الثانوية العامة "التوجيهي"، فحصل على معدل 4ر85%، وكان متفوقا في مادة اللغة الإنجليزية حيث حصل على معدل 199 من 200، فخسر علامة واحدة حتى الآن لا يستوعب كيف خسرها.
ولم يكن العتر لكتف بالنجاح في الثانوية العامة، حيث قرر الالتحاق بإحدى الجامعات، فكانت وجهته جامعة بيت لحم التي كانت خياره الأمثل، نظرا لتأهيل مرافقها بما يتناسب واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، فالتحق بها ودرس فيها تخصص علم اجتماع، وتخرج منها بعد نحو أربع سنوات.
مرحلة البحث عن وظيفة
وكان البحث عن وظيفة تؤمن له مستقبله، بمثابة الهم الأكبر بالنسبة للعتر الذي سرعان ما تقدم بطلب توظيف لدى مديرية التربية والتعليم، إلا أن الحظ لم يحالفه وقوبل طلبه بالرفض، نظرا لوجود أعداد كبيرة من الخريجين المتقدمين للوظائف.
إلا أن هذا الرفض لم يفت من عضد العتر الذي قرر فتح بقالة يعتاش منها قرب منزل عائلته، فأخذ يكد ويشقى ويحرم نفسه من أشياء كثيرة في مسعى منه لبناء منزل خاص به لعله يكون بيتا للزوجيه، وهو حلم راوده لسنوات طويلة ونجح في تحقيقه، لتكون المحطة التالية البحث عن زوجة صالحة تتفهم حالته الصحية وطبيعة إعاقته.
وبعد نجاحه في بناء منزله الجديد، أخذ عمل العتر في بقالته يتراجع كثيرا، فقرر الالتحاق بدورة صيانة أجهزة اتصالات خليوية، وأخذ شيئا فشيئا ينجح في عمله الجديد، وهو نجاح حفزه على الزواج.
نظرة المجتمع
وقال العتر، إنه عانى كثيرا من ثقافة المجتمع ونظرته السلبية للأشخاص ذوي الإعاقة، فواجه بداية صعوبة في إيجاد زوجة، حتى كتب الله له الزواج من زوجته "عفاف" التي قبلت به وقررت أن تقاسمه حياته حلوها بمرها.
وبعد نحو سنتين من الزواج، كان حلم العتر وزوجته أن يرزقهما الله بطفل، فطرقا كثيرا من الأبواب من أجل إجراء عملية زراعة أجنة، وشعرا أن تلك الأبواب قد أقفلت أمامهما، حتى قررا التوجه إلى هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية دون تخطيط مسبق.
وبحسب العتر: "كنت وزوجتي في مدينة جنين، فألهمني الله بالتوجه إلى مقر هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية التي أعلم أنها تقدم مساعدات للمحتاجين، وسرعان ما أبدى المسؤولون فيها استعدادهم لتقديم المساعدة، وفعلا توجهنا إلى مركز رزان الطبي وأجرينا كل الفحوص اللازمة، وقمنا بالإجراءات المطلوبة حتى نجح الحمل".


وعلى مدار تسعة أشهر من الحمل، كان العتر ومعه والدته يحرصان على توفير كل سبل الراحة لزوجته على أمل أن يرزقه الله بطفل.
الطفل المنتظر
وقبل نحو 15 يوما، حان موعد الإنجاب، وكان العتر يقف على مدخل غرفة الولادة، وعندما سمع صراخ طفل، كان على يقين أنه طفله المنتظر، فما كان منه إلا البكاء، وحمل طفلته ودموع الفرح تفيض من عينيه، وأخذ يؤذن في أذنيها.
وعلى غير عادته، يحرص العتر على التوجه إلى منزله متذرعا تارة بشعوره بالجوع وتارة أخرى بنوع من التعب والإرهاق، ولكن السبب الحقيقي يكمن في احتضان طفلته التي ملأت عليه الدنيا.
مشروع واعد
واعتبر مفوض عام هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية في فلسطين، إبراهيم راشد مشروع "زراعة أجنة لمتزوجين فقراء"، من المشاريع الواعدة التي تنفذها الهيئة منذ نحو خمس سنوات، في محاولة منها لمد يد العون للمتزوجين من الفقراء والذين ليس بإمكان زوجاتهم الإنجاب والحمل بالشكل الطبيعي، وتمكينهن من تحقيق أحلامهن وأزواجهن.
وبحسب راشد، فإن هذا المشروع من أكثر المشاريع والبرامج تأثيرا في المجتمع لما له من أثر فاعل على حياة كل أسرة تمنت سماع صوت طفل يلعب في بيتها ويدب الحياة فيه.
وقال: "أن يكون لك دور ولو بسيط في تكوين أسرة، فإن هذا إنجاز إنساني من الدرجة الأولى، خصوصا وأنه يسهم في الحفاظ على النسيج الاجتماعي، حيث يلجأ بعض الأزواج إلى الزواج مرة واثنتين أو ثلاثة أملا بالإنجاب".
استهداف الحالات الإنسانية المحرومة
وأوضح، أن هذا المشروع يستهدف الحالات الإنسانية المحرومة من الإنجاب، وخاصة المتأخرين من سنوات عدة من الفقراء والمهمشين، من خلال عمل بحث ميداني لضمان الشفافية في العمل والاستفادة لمن هو أحق وبحاجة للمشروع.
وبين، أن العمل في هذا المشروع يتم بداية من خلال تسجيل وحصر الحالات المتقدمة وإجراء البحث الميداني، ومن ثم مراجعة الطبيب المعالج وفق المراكز الطبية المتعاقد معها لتنفيذ المشروع، وتتم آلية تنفيذ البرنامج العلاجي وفق ما يراه الطبيب المعالج الذي يقوم بمتابعة الحالات في المركز ويعمل للحالة جدولا زمنيا للمراجعة والمتابعة الطبية ومتابعة نتائج الفحص والحمل وحتى المرحلة الأخيرة وهي الميلاد.
وأكد راشد، أن هذا المشروع يسهم في التخفيف عن كاهل الحالات مصاريف العلاج والزراعة الباهظة والتي لا تتمكن معظم الحالات من دفعها للمراكز المختصة، مؤكدا، أن الهيئة ومن خلال هذا المشروع تحرص على الإسهام في إدخال السعادة إلى حياة المستفيدين من الفقراء والمحتاجين، عدا عن أهمية الاهتمام بالأسر المحرومة من نعمة الإنجاب.

 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017