سقط القناع الاخير عن وجه الادارة الامريكية امام من كان يراهن عليها يوما بامكانية استجداء عطفها وحنانها على قضايا العرب والفلسطينيين ..ان اعلان ترامب رئيس الادارة الامريكية المتطرفة والمتصهينة اثار ضجة سياسية لدى الغالبية من الدول ومنها من كان تنديده جديا ورافضا لهذا السلوك السافر الخارج عن اطار المنظومة الدولية وهيئاتها وبعض الدول والتي لها مصالح استراتيجية مع الكيان الصهيوني ونددت بالاعلان الامريكي الأحادي الجانب عن القدس عاصمة لاسرائيل ..لم تندد كونها تريد حل وفق القانون الدولي او الشرعية الدولية بل من إدراكها التداعيات والمتغيرات التي ستشهدها المنطقة والتي ستشكل تهديدا حقيقيا لكل مصالحهم
ما جعلني اكتب واضيف على ما كتبه السياسيين والمحللين والمثقفين والأوساط المتنفذة بالقرار السياسي العربي والفلسطيني هو حديث البعض عن اجهاض ترامب لصفقة القرن ..وكأن من تحدث بذلك كان يراهن فعلا على تلك الصفقة والأخطر ان يكون هذا التصريح جزء رئيس من صفقة القرن .. والحقيقة هي صفعة القرن ..وكل الاوصاف اللعينة تليق بها
التاريخ يعيد نفسه ..حيث نعيش كارثة ونكبة سياسية ودموية على غرارما تم في حقبة احتلال فلسطين عام ١٩٤٨....والتي تمخضت بعدها ولادة تيارات سياسية وطنية وقومية ومنها انظمة لها هوية مختلفة عن الرجعيات التي كانت سائدة في ذلك الوقت جمال عبد الناصر ..حافظ الاسد ...احمد بن بيلا ..هواري بو مدين ...وعلي ناصر وصدام حسين وغيرهم ...
ولكن لم تتغير كل الانظمة وبقي الاخطر كالنظام السعودي قائما وغيره من تلك الانظمة التي وبمساعدة قوى الاستعمار استطاعت حرف مسار بعض الانظمة التي تشكلت ومثالنا مصر وانتقالها من زمن عبد الناصر الى السادات ...مؤامرات مستمرة ومنها التكالب على الثورة الفلسطينية المعاصرة وإخراجها من الاردن ومن ثم لبنان وتشتيتها ..محاولات جر العراق وسوريا لذات المربع ..وكل ذلك للضغط علينا كفلسطينيين للاستسلام
المشهد السياسي الان يشكل فصلا جديدا في النضال العربي والفلسطيني .... ولا بد من القوى الثورية العربية والفلسطينية ان تحدث مراجعة جدية لسياساتها وان تقوم بواجبها وهو احداث تغيير في النظام السياسي العربي واسناد الانظمة الوطنية المستهدفة وتقوية محور المقاومة والممانعة .....فان ما جرى من تطورات ومشاهد ومتغيرات سياسية والاجرام المستمر من قبل الاحتلال الاسرائيلي وعدوانه الوحشي
يؤكد حقيقة قائمة اكدت عليها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بكل امتداتها في العالم العربي مرارا وتكرارا وفي كل جلسة من جلسات المجلس الوطني والرلمانات العربية ..بان لا يمكن التعايش مع هذا الكيان ..والصراع وجود لا حدود ...وقد لخصه حكيم الثورة الدكتور جورج حبش الرمز الكبير العربي والفلسطيني بكتابه الجوهري نحو فهم اعمق وادق للكيان الصهيوني طبيعة الصراع مع هذا الاحتلال الكولونيالي التوسعي ....
جوهر الموضوع ..لم يعد اليوم مجالا امام مهندسين اتفاقات اوسلو الا الاعتراف بالخطيئة الكبيرة التي ارتكبوها بحق الشعب الفلسطيني ..هذا اولا ..اما ثانيا ...دراسة وتشكيل البديل الوطني في كل ميدان واهمها الجانب الامني..وتحديدا دور المؤسسة الامنية التي ما زالت تعمل وفقا لاتفاقات اوسلو ..والاخطر هو تنفذ بعض الجهات بهذه المؤسسة لها ارتباطات مختلفة وتتعارض بشدة مع الجهة الشرعية م ت ف ومجلسها الوطني والمركزي ...وكذلك في المؤسسة الاقتصادية ...وفتح هذا الملف على مصراعية واعادة تاسيسه على اسس وطنية وان لزم بالحديد والنار ..وانا اعني ما اقول لخطورة النهج الاقتصادي المتبع
فدعوة الرئيس لانعقاد المجلس المركزي غاية بالاهمية وهذه المرة علينا ليس فقط اصدار القرارات بل وتنفيذها ....وعلينا تهيئة المناخ الفلسطيني للتاثير ايجابا بالجماهير العربية وقواها المناضلة حتى تتمكن من اقامة انظمة وطنية وطرد العملاء والخونه بما يمكننا في المستقبل من احداث تغيير هام بموازين القوى ..وصياغة استراتيجيات جديدة لمواجهة هذا الكيان الصهيوني المهترأ والمزيف ...
على القوى السياسية الفلسطينية اليوم بغض النظر عن منابعها الفكرية والايدلوجية ان تلتقي سياسيا ووطنيا وان يفتح حوار هادئ وعاصف فلا تنفع العجلة او البطئ فهذا التغير الدرامتيكي الهام بحاجة لقيادة حكيمة وفذة للتعامل معه بما يخدم الشعب الفلسطيني والامة العربية ...هذه الارادة فيما اذا توافرت ستنجز الوحدة الوطنية وستحل كافة الخلافات الاجتماعية والاقتصادية والادارية والامنية والقانونية وغيرها من الاحتياجات الهامة لابناء شعبنا لتوفر سبل العيش بكرامة وانسانية هذه الارادة السياسية يجب ان تتوفر من كل الاقطاب الوطنية الاصيلة والحريصة على مقدرات شعبنا ومنجزاته الوطنية ... وهم الاكثرية بالساحة الفلسطينية ....عودة الى العنوان الرئيس ان ما اقدمت عليه الادارة الامريكية من خطوات تمثلت ...
اغلاق مكتب م ت ف بامريكا
الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل للدولة اليهودية
له دلالات سياسية هامة ..
الاول ...ان الادارة الامريكية لا ولن تكون في اي وقت شريك للسلام الا اذا انصاعت للارادة الدولية والتزمت بتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي
الثاني ...يجب تفعيل واعادة الاعتبار لم ت ف وتعزيز دورها وهذا لن يكون الا اذا تم عقد المجلس الوطني الجامع لكل مكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج ..وان يعقد في الخارج وفي دولة عربية دولة ممانعة ومقاومة وتلتقي مع اهداف ونضال شعبنا
شعبنا الفلسطيني الان وبالامس هو شعب موحد رغم خلافات القادة والمتنفذين ...والاجواء مهيأة الان اكثر من اي وقت مضى لانجاز وحدة الارض والشعب وكل من يحاول اجهاض هذا الملف بلا شك ودون اي تردد لا يعمل وفقا لاجندة وطنية او عربية او دولية تخدم مصالح شعبنا بل مصالح قوى البغي والاجرام والعدوان
فيما اذا تحقق ما اسلفنا قوله بكل تاكيد هو من اقوى الضربات السياسية لاسرائيل وامريكا وعملائهم ...والضربات الاخرى ..متروكة لا بداع شعبنا العربي والفلسطيني ولارادة الشباب المقاوم المؤمن بالاهداف الوطنية والقومية والتحررية
تمت المشاهدة بواسطة ماهر حرب في 12:02 ص