خلص تقرير لصحيفة ألمانية إلى أن إقامة دولة فلسطينية في سيناء بدلا من الضفة الغربية وقطاع غزة يمثل أساس “صفقة القرن” التي تتحدث التسريبات عن إبرامها بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وأطراف عربية من جهة أخرى.
فقد ربطت صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” بين التخطيط منذ عقود لتحقيق هذا الهدف وبين “الإهمال المتعمد” من نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك لتنمية شمال سيناء.
وقالت إن اهتمام الرئيس المعزول محمد مرسي بتنمية هذه المنطقة كان أحد أسباب الانقلاب عليه من وزير دفاعه آنذاك عبد الفتاح السيسي الذي أعاد شمال سيناء لدائرة التهميش مجددا.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها الصادر أمس السبت أن مجمل السياسات التي ينفذها نظام السيسي بشبه الجزيرة المصرية، تؤشر لإعداد هذه المنطقة لإقامة دولة فلسطينية فوقها.
ونوهت إلى أن المتداول عن صفقة القرن تجاوز ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية لشمالي سيناء، إلى إثارة قضية تهجيرهم من القدس الشرقية إلى العريش ومحيطها.
وتزامن نشر التقرير مع توسع الاحتجاجات في مختلف دول العالم ضد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن تصريح الرئيس الأميركي ترمب عن حق المسلمين بالصلاة في المسجد الأقصى يعني أنه لن يكون مسموحا للفلسطينيين السكن في القدس، وأنهم سيرحلون من هناك لسيناء.
وكتب التقرير رئيس قسم العالم العربي والشرق الأوسط بالصحيفة راينر هيرمان واستهله بالإشارة إلى أن النظام المصري فرح بزيارة وزيرة الشؤون الاجتماعية الإسرائيلية غيلا غامليئيل للقاهرة نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، باعتبارها الزيارة الأولى لعضو بالحكومة الإسرائيلية لمصر منذ سنوات.
ولكن هذه الفرحة تلاشت سريعا بعد حديث الوزيرة عن سيناء كأفضل وأنسب مكان لإقامة دولة فلسطينية، حسب كاتب التقرير.
وذكر هيرمان أن تصريح غامليئيل دفع الخارجية المصرية إلى مطالبة نظيرتها الإسرائيلية بتوضيح حول الموضوع، ورأى أن رد الحكومة الإسرائيلية لم ينف تطلعها لإقامة دولة فلسطينية بسيناء واقتصر على الإشارة إلى أن تصريح الوزيرة يخصها شخصيا.
توسيع مستوطنات الضفة
وقال الكاتب إن ما قالته غامليئيل بالقاهرة لم يكن عفويا، ومثل تكرارا لحديث سابق وعدت فيه بمساعدات اقتصادية لمصر مقابل توطينها للفلسطينيين بسيناء.
وأوضح أن تصريح الوزيرة الإسرائيلية “يعني بوضوح أن سيناء تعد مكانا بديلا للدولة الفلسطينية بدلا من الضفة الغربية التي تتوسع فيها المستوطنات اليهودية بشكل متزايد.
ولفت إلى أن إسرائيل تتمسك بالضفة التي تسميها “يهودا والسامرة” باعتبارها أرضا توراتية.
ونوه هيرمان إلى أن تصور الوطن البديل اكتسب زخما كبيرا بعد استخدام عبد الفتاح السيسي مصطلح “صفقة القرن” عقب مباحثاته في أبريل/نيسان الماضي بالبيت الأبيض مع نظيره الأميركي ترمب.
وأوضح أنه بعد ذلك بشهرين وافق البرلمان المصري على القرار الذي صدق عليه السيسي بتبعية جزيرتي تيران وصنافير المصريتين للسعودية.
ورأى أن “بيع السيسي” الجزيرتين المصريتين للسعودية مقابل أموال لنظامه، جعل مدخل خليج العقبة وميناء إيلات الإسرائيلي، بالمياه الدولية بدلا من المياه الإقليمية المصرية، وجعل السعودية تتحمل جانبا من المسؤولية عن سيناء.
توطين الفلسطينيين بسيناء
ولفت إلى أن قناة الجزيرة كشفت أن خطة توطين الفلسطينيين بسيناء قديمة وتعود إلى عام 2003، بصدور أول مطالبة إسرائيلية بتوسيع حدود قطاع غزة 50 كيلومترا لتصل إلى العريش.
وفي العام التالي طالب سكرتير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجنرال غيورا إيلاند مصر بالتخلي عن 60 ألف كيلومتر مربع من سيناء لتوطين الفلسطينيين.
وأشار هيرمان إلى أن شبكة “بي بي سي” البريطانية ذهبت إلى أبعد من الجزيرة بكشفها وثائق أظهرت أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وعد بتوطين الفلسطينيين بسيناء عام 1982، مشيرا إلى أن هذا العام شهد أيضا استرداد مصر آخر جزء احتلته إسرائيل من سيناء بعد حرب 1967.
وتناول التقرير تركيز نظام مبارك بعد استرداد سيناء كاملة على تحويل شرم الشيخ بالجنوب إلى مقصد سياحي مهم.
وذكر أن حكومات مبارك المتعاقبة امتنعت عن اعتماد أي مشاريع لتنمية شمالي سيناء، ورفضت منح سكان هذه المنطقة جوازات مصرية، ومنعت عملهم بالجنوب المزدهر سياحيا.
ولفت إلى أن اتباع النظام المصري “سياسة العقاب الجماعي والترحيل” بحق سكان سيناء أوجد هناك منطقة خالية من السكان، بحجة مواجهة المتطرفين.
وأضاف هيرمان أن تهجيرا مماثلا يجري بالقدس العربية المحتلة حيث تصادر إسرائيل ممتلكات الفلسطينيين.
وخلص إلى أن وجود المئات بالعريش من أنصار محمد دحلان الممول من الإمارات يعد دليلا إضافيا على أن “صفقة القرن قادمة”.
موطني 48