يحتفل العالم كل عام، في 18 كانون أول/ ديسمبر، باليوم العالمي للغة العربية. وكلما حلّت هذه الذكرى، يسعى المهتمون باللغة العربية للعمل للحفاظ عليها.
وكما تعاني اللغة العربية قلة الاهتمام بها في الجانب الورقي، فإنها أيضا تعاني على الإنترنت، حيث يشير خبراء إلى أن حجم المحتوى العربي لا يتعدى 3 في المئة من إجمالي المحتوى الرقمي.
أسباب ضعف المحتوى العربي
"حينما نشاهد أن نسبة مساهمة 360 مليون نسمة ناطقين باللغة العربية بالمحتوى العربي على الإنترنت لا تتعدى 3 في المئة، يصيبنا الحزن؛ لأن هذا الرقم ضعيف وهزيل، لا بل يتراجع"، بحسب ما قال صانع المحتوى محمد أبو سليم.
وتابع مؤسس مبادرة ومضة لإثراء المحتوى العربي الرقمي: "من أسباب ضعف المحتوى العربي الرقمي أن معظمه يتجه نحو الترفيه، ويصب في خانة المحتوى "السخيف والتافه"، والذي يركز على الفضائح والكوميديا، ويفتقر للمواد العلمية والبرامج المتخصصة والمضمون الهادف ذي القيمة والأثر الإيجابي".
وأضاف: "أصحبنا نشاهد الكثير من التكرار والقص واللصق وسرقة جهود الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات، خاصة في ظل غياب تشريعات تحمي حقوق الملكية، إضافة لعدم بذل جهد للابتكار والإبداع في الطرح والأسلوب، وعدم تسليط الضوء على القضايا والأحداث من زوايا مختلفة".
ويحيل أستاذ اللغة العربية، عبد الله الخباص، ضعف المحتوى الرقمي العربي على الإنترنت إلى عدة أسباب؛ أولها أن الشبكة العنكبوتية نشأت في الغرب، بالتالي المحتوى الموجود بلغتهم كان موجودا قبل المحتوى العربي، ما ساهم بزيادة حجمه أكثر.
وتابع مدير مؤسسة إتقان التربوية عبد الله الخباص، في حديث لـ"عربي21": "للأسف، هم أمة حية، ونحن لسنا كذلك، وحضارة تلك الأمم قائمة على لغاتهم، بالمقابل يتم محاربة اللغة العربية في بلادها، ويتم مزاحمتها باللغات الأخرى في التعليم، حتى في رياض الأطفال، وهم لا يكتبون ولا يدرسون إلا بلغتهم".
وأشار إلى أن الكم الهائل من المحتوى على الإنترنت هو علمي، وأكمل: "ونحن في الدول العربية لا ندرس الطب والهندسة وغيرها من العلوم إلا باللغات الأجنبية، وهذا الأمر من أهم أسباب عدم الاهتمام بوجود محتوى عربي على الإنترنت، والضعف أيضا ناشئ من عدم عناية الأمة بلغتها، سواء في الجانب الرسمي أو الشعبي".
الحل المطلوب
تأسس مجمع اللغة العربية في القاهرة بداية القرن الماضي، وذلك للحفاظ عليها، وحمايتها من المصطلحات الدخيلة، لكن السؤال: ما هو الحل لزيادة المحتوى العربي على الإنترنت؟
يرى أستاذ اللغة العربية عبد الله الخباص أن الجهد المطلوب لهذا العمل يجب ألّا يكون فرديا فقط، بل أيضا جماعي.
وقال: "يجب أن يكون هناك دور لروابط وأندية اللغة العربية في تحميل الكثير من المؤلفات على الإنترنت، فهناك الآلاف من العناوين المفيدة مكتوبة باللغة العربية، والتي هي غير موجودة على الإنترنت".
وأشار إلى أن مهمة تحميل هذه المؤلفات تقع على عاتق الجامعات وليس الأفراد، فهي تحتاج لعمل مؤسسي.
ولفت إلى أن الكثير من دور النشر لا تقوم بتحميل كتبها على الإنترنت؛ ظنا منها أنه يؤثر على البيع، وهو ليس كذلك، وأكد على ضرورة اكتساب الكتاب للخبرة الرقمية حين يحملون كتبهم على الإنترنت، خاصة أن أغلبهم يفتقد لهذه الخبرة.
من جهته، قال محمد أبو سليم: "بالرغم من شحّ المحتوى العربي المتوفّر على الإنترنت، إلا أنّ اللغة العربية لا تزال هي المُفضّلة لدى العرب في معظم البلدان العربية، فضلا عن زيادة حجم مستخدمي الإنترنت العرب، وتطلعهم إلى وجود محتوى جيد ومتنوع بلغتهم".
واقترح لزيادة حجم المحتوى العربي الرقمي تكثيف عدد المبادرات الداعية إلى إثراء المحتوى العربي ذي القيمة والمضمون الهادف، وتوفير منصات داعمة لهذه المبادرات من قبل الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتشجيع المختصين على التدوين الإبداعي باللغة العربية، كل في مجاله.
وأضاف: "توحيد معايير للمحتوى العربي الرقمي متفق عليها من الجهات المعينة، وتطوير المصطلحات العربية لتواكب العصر وتطور العلم، وهنالك فرصة جيدة للاستثمار في صناعة المحتوى العربي الرقمي، واهتمام واضح من قبل الشركات العالمية بالمحتوى العربي، إذ يشكل شريحة واسعة من العملاء المحتملين".
يُذكر أن كبرى الشركات العالمية أصبحت تنشئ مواقع لها باللغة العربية؛ لتلبية احتياجات زبائنها في العالم العربي.
عربي21- قدامة خالد