أوصى مشاركون في مؤتمر التنمية الزراعية في منطقة الأغوار، اليوم الأربعاء، بتكريس الجهد من أجل تشجيع المستثمرين المحليين والعرب وغيرهم للاستثمار في القطاع الزراعي بالأغوار وتوفير ظروف استثمار مميزة من قبل الحكومة، وتبني التقنيات الحديثة في الزراعة، وبخاصة تقنيات الزراعة المائية من قبل المؤسسات المعنية، مثل سلطة المياه ووزارة الزراعة وسلطة البيئة وغيرها.
كما دعوا، خلال المؤتمر الذي نظمته جامعة القدس المفتوحة، تحت رعاية وزير الزراعة المهندس وليد عسّاف، في مدينة أريحا، بحضور عدد من المسؤولين، إلى الإسراع في عمل مشاريع تجريبية بحثية بالتعاون مع الجامعات الفلسطينية لتطوير هذه التقنية للمنطقة وملاءمتها، مفضلين أن تكون بالقرب من أحد مشاريع تحلية المياه.
وأكدوا أن هناك حاجة لتطوير القطاع الزراعي في منطقة الأغوار، الذي يشكل مصدرًا لدخل الأسر الزراعية ويساهم في الأمن الغذائي الفلسطيني، وذلك من خلال دعم مناطق الأرياف والتنويع الزراعي والعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية بعناصرها كافة.
كما طالب المشاركون في المؤتمر بالعمل على زيادة الأراضي المروية من خلال تشجيع زيادة رقعة الزراعات المروية، وإعادة استخدام المياه الرمادية المعالجة، وتأهيل وتطوير شبكات وأنظمة المياه (البنية التحتية لشبكات الريّ)، والعمل أيضًا على تطوير رزنامة الإنتاج الزراعي الحالية، لرفع الكفاءة التنافسية للمنتج الزراعي الفلسطيني من خلال تشجيع تنويع المحاصيل الزراعية من أجل التغلب على أزمة الزراعات الموسمية والتسويق.
كما شدّد المشاركون على أهمية مساعدة المزارعين على التواصل والتعاون فيما بينهم، من خلال تمكين التعاونيات الزراعية القائمة وتفعيلها من أجل المساهمة في خفض تكاليف الإنتاج وتبني نظام التسويق الجماعي، وإنشاء نظام معلوماتي فلسطيني للتسويق الزراعي وتطويره من أجل رصد وتقييم التغيرات في أداء القطاع الزراعي، ونظام أسعار المنتجات، والمساعدة في وضع الخطط المناسبة لتنمية الإنتاج الزراعي.
من جهته قال وزير الزراعة المهندس وليد عساف، إن المؤتمر يأتي في ظل ارتفاع وتيرة تهويد الأغوار من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك حل سياسي دون الأغوار، فالأغوار إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار، فلن يكون هناك سلام.
وأضاف الوزير عساف: كانت في الأغوار 168 بئرًا للمياه، هدم الاحتلال منها 68 بالكامل، وكانت على نهر الأردن عشرات المضخات وقد دمرت بالكامل من أجل منع شعبنا من استغلال الأغوار، عبر حرمانها من مصادر المياه فيها، وهي مياه النهر والمياه الجوفية.
وبين أن الاحتلال يعمل على تقليص الأراضي الزراعية في الأغوار عبر منحها للمستوطنين أو بناء مستوطنات عليها، مشيرًا إلى أن الاحتلال يقوم بسرقة المياه الفلسطينية في مختلف أنحاء الضفة الغربية أيضًا وليس في الأغوار فحسب، ومن دون مياه، لا يمكن الحديث عن التنمية.
وتابع أن الحرب الجارية في الأغوار هي حرب بقاء وصمود، فالأغوار توجد بها أراضٍ زراعية متاحة حجمها 280 ألف دونم يستغل الفلسطينيون منها فقط 80 ألف دونم، فيما يستغل الاحتلال 200 ألف دونم.
وتعهد باسم وزارة الزراعة والحكومة بأن تتحول نتائج هذا المؤتمر إلى وقائع، وفي العام الجاري، سيكون الكثير منها قيد التنفيذ، ضمن إمكانيات الوزارة، مشيرًا إلى أن الحكومة تمكنت من حشد تمويل لتنفيذ الخطة الفلسطينية للحفاظ على الأغوار.
وفي كلمته بالافتتاح، قال رئيس مجلس أمناء جامعة القدس المفتوحة المهندس عدنان سمارة، إن جامعة القدس المفتوحة عندما خطط لها، وضعت نصب أعينها عدة أهداف، أهمها أن يحصل كل طالب فلسطيني يرغب في العلم على مقعد للدراسة داخل وطنه.
وأضاف أن 60% من طلبة القدس المفتوحة هم من النساء والأمهات وربات البيوت، فقد وفرت الجامعة التعليم للفئات المحرومة والمهمشة والتي فاتها قطار التعليم، وساهمت في تثبيت الوجود الفلسطيني عبر الحفاظ على الطلاب والشبان من الهجرة للخارج وتوفير التعليم لهم في الداخل.
وتحدث عن دور الجامعة في خدمة المجتمع، فبعد أن ثبتت الجامعة أقدامها وأصبحت متواجدة في كافة محافظات الوطن، توجهت الجامعة في مسارات أخرى أهمها البحث العلمي عبر دعمه وتطويره ضمن خطة إستراتيجية للجامعة لمدة 3 سنوات. أما الهدف الثاني، فهو خدمة المجتمع عبر تقديم التعليم لفئاته.
وفيما يتعلق بالمؤتمر، قال المهندس سمارة، إنه يعقد في الأغوار، وهي أرض فلسطينية وستبقى كذلك، وواجب الجامعة في هذا المجال أن تضع أمام صناع القرار بعض الاقتراحات والتوصيات للحفاظ على الأغوار والنهوض بها، وهذا هو الهدف من مؤتمر اليوم، فمحافظة أريحا والأغوار هي سلة الغذاء الفلسطيني ولا نستطيع أن نبني دولة دون أن تكون الأغوار جزءًا منها.
في السياق ذاته، أكد رئيس الجامعة د. يونس عمرو، أن جامعة القدس المفتوحة هي الجامعة التي حملت هموم شعبها، وعلى رأس تلك الهموم البحث العلمي الذي أولى له مجلس الأمناء اهتمامًا كبيرًا، ورفع الموازنة المالية ما يقارب الضعف لدعم هذه البحوث والمؤتمرات التي يعد مؤتمر اليوم واحدًا منها.
وأضاف أن الهدف من المؤتمر هو وضع اليد على المشكلات التي تواجه أهلنا في الأغوار فيما يتعلق بالزراعة، وكان اهتمام الجامعة بالتعاون مع وزارة الزراعة أن كانت هناك بحوث مختلفة ومتنوعة ستوضع في خدمة المزارعين في أريحا والأغوار.
واقترح د. عمرو، أن يكون هذا النوع من النشاطات دوريًّا بشكل سنوي، وأن يكون المؤتمر القادم حول المراعي في الأغوار والثروة الحيوانية، فالمزارعون يعانون من تعنت الاحتلال وممارساته، حيث يلاحق المزارع ويعتدى عليه.
وتمنى أن تكون نتائج المؤتمر نبراسًا للعمل في الأغوار والتصدي لإجراءات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة لتهويد الأغوار والسيطرة عليها، ولكن لن يحدث ذلك، فهي سلة فلسطين الغذائية وبوابتها الشرقية، ولا تقل أهمية عن القدس بالنسبة لشعبنا.
من جانبه، أكد الدكتور باسم شلش مدير فرع سلفيت ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، أن الهدف من هذا اليوم العلمي هو الوقوف على واقع الزراعة بالأغوار وعلى سبل النهوض بها، فقد بادرت 'القدس المفتوحة' لعقد هذا المؤتمر المميز بموضوعه وأهدافه، حيث سعى هذا المؤتمر للوقوف على واقع الزراعة في الأغوار من خلال محوري البيئة الزراعية والمصادر الطبيعية، والثاني التنمية الزراعية المستدامة، بالشراكة مع المؤسسات الزراعية في فلسطين وعلى رأسها وزارة الزراعة.
وأضاف أن اللجنة العلمية اختارت عشر أوراق للمؤتمر بعد التحكيم، وتم توزيعها على محاور المؤتمر، ونأمل من خلال هذا المؤتمر أن نقدم رؤية ثابتة يمكن تحقيقها من خلال إجراءات وإستراتيجيات قابلة للتنفيذ للنهوض بواقع الزراعة في الأغوار.