طوباس: خصصت وزارة الإعلام الحلقة (82) من سلسلة (أصوات من طوباس) لتأبين فايز أبو ناصرية، العاشق لطوباس، والمتطوع والمبادر والمتتبع لشؤونها العامة.
ورصدت الحلقة التأبين الذي أقامته الوزارة وجمعية طوباس الخيرية، وحضره القائم بأعمال المحافظ أحمد اسعد، ورئيس البلدية حسان مجلي، ومدارء مؤسسات رسمية وأهلية وأمنية، وعائلة الفقيد ورفاقه، وعرضت مقتطفات من سيرة الراحل ومقاطع من كلمات المؤبنين، فيما قدمت شهادة مصورة تحدثها فيها الراحل السبعيني عن اللحظات العصيبة لاحتلال مدينته عام 1967.
علامة فارقة
واستهل منسق وزارة الإعلام في المحافظة عبد الباسط خلف التأبين بالقول: نلتقي اليوم في لحظة وفاء وذكرى وألم للفقيد الذي غيّبه الموت فجر السابع والعشرين من تشرين الثاني الماضي. فكان رحيلًا مؤلمًا وخسارة قاسية لطوباس فقدت الرجل العادي والاستثنائي، الذي ترك الذكرى الطيبة ووجع الغياب.
وأضاف: كان أبو ناصريا هائماً بطوباس، وإحدى علاماتها الفارقة، وسكنها وسكنته، وحرس شأنها العام إلى أن توقف قلبه عن العزف وانتقل إلى جوار ربه. كان مساندًا للوزارة في تنفيذ برنامج (كواكب لا تغيب) الذي أعاد كتابة القصص الإنسانية لشهداء الحرية خلال انتفاضة عام 1987، وسلسلة "أصوات من طوباس" الخاصة بنقل الإبداعات والقصص الإنسانية والثقافية والتعليمية في المحافظة منذ عام 2014، مثلما كان داعمًا لجمعية طوباس الخيرية ومتطوعًا فيها، ومهتمًا بالمسيرة التربوية، ومشاركًا فاعلاً في أنشطة المحافظة وشؤونها الثقافية والإعلامية والعامة، وكان رفيقًا دائمًا للصحف اليومية منذ عقود.
وتابع خلف: في أول الروايات سرد أبو ناصرية كيف شاهد الجندي وهو يصوب سلاحه نحو الحاجة رشيقة دراغمة، من مسافة قصيرة، وقد كانت تحمي بجسدها عدة شبان من الرصاص، ووقع هذا في مدخل باب المسجد القديم. وعقب وقت قصير، نقل الشبان الحاجة، وهي تنزف، وحاولوا إسعافها، لكنها فارقت الحياة قبل وصول المستشفى، وقد أخفى الأهالي جثمانها؛ خوفاً من اختطافها، كما كان عادة جيش الاحتلال أن يفعل، وخرجت لها جنازة مهيبة، وشارك فيها مواطنون من مدن وقرى مجاورة.
نموذج فردي
وقال القائم بأعمال محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد أسعد: نؤبن اليوم رجلاً عُرف بأخلاقه وانتمائه المخلص لوطنه وبلده، فكان يحرص على أن يتواجد في أي مكان يستطيع الوصول إليه، وكرس وقته وجهده لإسناد الجمعية الخيرية، وترك بصمات وثقت الإرث النضالي لشهدائنا وقامتنا الوطنية، وواكب الأنشطة الثقافية والشبابية.
وأضاف: لقد حرص أبو ناصرية على فعل الخير، وسعى إلى غرس العلم والمعرفة، وشكل نموذجًا فرديًا فريداً، وترك سيرة طيبة، وقدم مثالًا على التطوع والمبادرة، والاهتمام بالعمل العام.
وقال ولده غسان، في كلمة العائلة: أمضى والدنا حياته وهو يعمل ويكد بنشاط، واستقطع الكثير من وقته لمتابعة الشأن العام، وكان دائم التواصل مع المؤسسات العامة والخاصة، والكتاب والمثقفين، ولم يتوان عن طرح أفكار لخدمة طوباس، واهتم بكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، وكان يسعد بالتطوع، وحرص على عادات يومية في إطعام الطيور,
وأضاف: كانت ثروته كامنة في أفعاله البسيطة، وكلماته الصادقة، وحبه للجميع، وسعيه للإصلاح، وحبه للتطوع، وعشقه لبلده، واهتمامه الدائم بها.
شهادات وسيرة
وقدّم المربي المتقاعد عاصم دراغمة في كلمة لرفاق الفقيد شذرات من حياته، وتميزه المدرسي، وإصراره على إكمال تعليمه فالثانوي في نابلس، الذي تصادف ونكسة عام 1967.
وتابع: برحيله فقدًنا جزءا مهما برحيله، وشعرنا بثقل الفراغ، وكان جزءًا من العمل العام، ولم يغب عن أي فعالية.
وسلط مدير وزارة الثقافة في طوباس عبد السلام العابد الضوء على شغف ابو ناصريا بالمشهد الثقافي، وواظب على حضور أنشطة وزارة الثقافة الدورية، والعمل في مجلسها الاستشاري، وكان أول الحاضرين للأنشطة، ونذر نفسه للتواصل مع كل من يكتب عن مدينته، مثلما كان تطوع في توزيع نصوص عن مدينته في الأماكن العامة، وترك بصمات واضحة فيها، وكان قارئاً للصحف منذ عقود.
وقالت مديرة مدرسة طوباس الثانوية نائلة مدارسي إن أبو ناصرية واكب المسيرة التربوية، وكان داعمًا للمدرسة، وحرص على متابعة شؤونها، كما ساهم في توجيه الأنظار نحو قضايا التعليم، وساهم في حل الكثير من القضايا التي تعيق المسيرة التربوية.
سيد المبادرين
وأشارت رئيسة جمعية طوباس الخيرية مها دراغمة: نجتمع اليوم وعيوننا مبللة بالدموع، والقلب يعتصر ألمًا على عمنا الراحل فايز أبو ناصرية، الذي كان داعماً ومبادرا ومتطوعاً في جمعيتنا، وما يزيد وجعنا أن حالة المرحوم فايز أبو ناصرية لن نجد لها نظيراً، فلم يكتف بالمبادرة والتطوع، بل كان حريصا على الوفاء والمتابعة، ولم يوفر فرصة إلا ومضى بها للعمل المجتمعي.
وتابعت: قبل يوم واحد اتصل بالجمعية، وطلب تنظيف عقد الصوافطة، المكان الذي كان أحد المتحمسين والمبادرين والساهرين على ترميمه، وهو ما حدث بالفعل، وكم كان يسر حين نعقد نشاطاً فيه، أو ننظم معرضا أو أمسية.
وأنهت دراغمة: كجزء من الوفاء لسيرة سيد المبادرين، سنطلق ركناً خاصاً في عقد الصوافطة يحمل اسمه، علنا نجد من هم بمثل روحه واهتمامه، ولنشجع الأجيال الصاعدة على ترجمة الوفاء لبلدها بمثل ما كان يفعله أبو العلاء.