رام الله – شارك ما يقارب 300 ناشط وطالب ومهتم في مجال الحقوق الرقمية في منتدى فلسطين للنشاط الرقمي الثاني 2018، الذي نظمه المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي “حملة”، يومَ الأربعاء، في رام الله، وسط حوار غني بين المتحدثين والمشاركين.
وخلال يوم المنتدى، قدّم 24 متحدثاً ومدرباً محلياً ودولياً مداخلاتهم وورشاتهم التدريبية، والتي تمحورت حول تحديات النشاط الرقمي في فلسطين، في سياق الوجهات العالمية للحقوق الرقمية. كما أتيحت الفرصة للحضور للتعرف على مبادرات محلية رقمية ملهمة.
وأوصى منتدى فلسطين للنشاط الرقمي 2018 بتقليص الفجوة بين سرعة تقدم التكنولوجيا وتشريع القوانين التي تحمي المستخدمين رقمياً، وكذلك زيادة وعي المستخدم الفلسطيني بالحقوق والأمان الرقميين، في مواجهة السلطات التي تحاول قمعه، بعد أن بات الفضاء الإلكتروني أداة للسيطرة وتعزيز الاحتلال مادياً ومعنوياً على مستوى الوعي، حسب مل خلُص إليه المنتدى.
كما دعا إلى تشجيع المبادرات والمحاولات التي يتم إنجازها رغم كل هذه التحديات، والتي تعبّر عن تطلّعات المجتمع الفلسطيني.
وأعلن مركز “حملة” عن نتائج دراسة أجراها خلال العام الماضي بعنوان “الحريات الرقمية في فلسطين، مسح انتهاكات وتهديدات الحقوق الرقمية”، والتي خلصت إلى أن الحريات على الإنترنت للفلسطينيين في الضفة والقطاع ومناطق 48 “شهدت تدهوراً سريعاً في العامين الأخيرين بشكل يبعث على القلق”.
وتمثّلت التحديات بقمع السلطات المختلفة في هذه المناطق للحريات، والتعدي على الخصوصية. كما تطرّقت الدراسة إلى الاتهامات التي توجّه لشبكات الإعلام الاجتماعي العالمية، بتمييزها ضد الفلسطينيين والمحتوى المتعلق بفلسطين.
نقاشات غنية ومبادرات ملهمة
تضمّنت قائمة المتحدثين ممثلين عن جهات دولية ومحلية، مثل هيومن رايتس ووتش، منظمة العفو الدولية، جمعية الاتصالات التقدمية، جامعة بيرزيت، وزارة العدل، مؤسسة الحق ومؤسسة الضمير ومبادرة “ابنِ فلسطين”. وكذلك ممثلين عن شركات كبرى مثل فيسبوك وجوجل وويكيبيديا.
وتركّزت المشاركات حول حماية الحقوق الرقمية، بمناقشة التحديات التي تواجهها، والتطورات التي تجري على النشاط الرقمي فلسطينياً وعالمياً من النواحي التقنية والاجتماعية والحقوقية، من انعكاسات قانون الجرائم الإلكترونية محلياً، إلى “سياسات فيسبوك في إدارة المحتوى بمناطق الصراع”.
وقالت مديرة سياسات المنتَج في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة فيسبوك آيبين كيلر، إن الشركة لا تقدم معاملة خاصة لأي حكومة في العالم، وحول احتمالات استهداف فيسبوك لحسابات الفلسطينيين بشكل خاص، أكدت كيلير على أنهم على تواصل مع ممثلي الحكومات المختلفة وإنهم يسعون إلى معاملة الجميع بشكل متساوٍ، ولكن “يبدو أن الاجتماعات مع الإسرائيليين أخذت صدى أكبر”، ورداً على إحدى المداخلات أشارت إلى أن عدم وجود ممثلين عن فيسبوك في مناطق السلطة الفلسطينية يصعّب التعامل مع قضايا معينة.
كما أكدت متخصصة سياسات يوتيوب في شركة جوجل ثواب شبلي، على أهمية إضافة السياق إلى مقاطع الفيديو التي تحتوي على عنف، عند تحميلها على يوتيوب، وتغبيش الصور العنيفة، حتى لا تتمّ إزالة المحتوى عن الموقع. وأضافت “لن نعرف نواياك دون ذلك، فقد تهدف إلى تمجيد العنف والإرهاب”.
وفي مداخلته بعنوان “ما هي مسؤوليات تشريعات حقوق الإنسان في ضوء التكنولوجيا الجديدة؟” نبّه جوشوا فرانكو الممثل عن منظمة العفو الدولية، إلى حجم اتصال أجهزتنا المختلفة بالإنترنت، ما يعني أنّنا نوفر المزيد من المعلومات عنا على الشبكة، ما يشكّل خطراً على أماننا الرقمي. ودعا فرانكو إلى مزيد من التوضيح حول ما يجب وما لا يجب مشاركته على الإنترنت..
وأثير النقاش حول قانون الجرائم الإلكترونية، والذي وصفه المستشار القانوني في مؤسسة الحق عصام عابدين، بالأخطر من بين التشريعات التي سنّتها السلطة الفلسطينية على الإطلاق، بعدما أقرّ ونشر دون اطّلاع مؤسسات المجتمع عليه. كما تطرّق عابدين إلى اعتقال حماس في قطاع غزة صحفيين وناشطين تحت تهمة “إساءة استخدام التكنولوجيا”.
بينما أكد الممثل عن وزارة العدل الفلسطينية التزام فلسطين بالتشريعات الدولية، في الجلسة ذاتها، مشيراً إلى أهمية “مأسسة فريق وطني لمقاربة القانون الدولي مع التشريعات الوطنية” لعمل مشروع قانون لا يُعتمد من الرئاسة الفلسطينية إلا باعتماده من الفريق، حسب تعقيبه.
وتنوّعت الورشات التدريبية بين قضايا الأمان والخصوصية الرقمية، والتمويل الجماعي، وتوثيق الأدلّة بالهواتف، وإدارة الحملات في المؤسسات غير الحكومية، وحماية المحتوى الرقمي من سياسات شبكات التواصل.
كما أتاح المنتدى هذا العام الفرصة للمشاركين للتعرّف على 3 مبادرات رقمية ملهمة، وهي لعبة “ليلى وظلال الحرب”، المستلهمة من العدوان على قطاع غزة، وتطبيق “بنك الدم الفلسطيني” لتنظيم عملية التبرّع بالدم، و”شاهد على الفظائع” لتوثيق الانتهاكات بالهاتف الذكي، و”جلب المسؤولين عنها إلى العدالة” في حال التحقق من المادة المصوّرة في المحكمة.
تقليد سنوي
يُذكر أن مركز “حملة” – الجهة المنظمة للمنتدى – مؤسسة غير ربحية مقرّها مدينة حيفا، وتسعى إلى تمكين المجتمع المدني العربي الفلسطيني من المناصرة الرقمية، من خلال بناء القدرات المهنية والدفاع عن الحقوق الرقمية وبناء الحملات الإعلامية المؤثرة.
ويهدف هذا الحدث الذي يسعى المركز إلى تنظيمه سنوياً، إلى حماية الحقوق الرقمية الفلسطينية، بتوفير منصّة لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع المدني، والناشطين الرقميين العاملين على القضية في العالم. وكذلك توفير مساحة لتبادل التجارب، وتطوير عمل ناشطي العمل الرقمي في فلسطين، وإيجاد حلول للتهديدات التي يواجهونها.
وتقام هذه النسخة من منتدى فلسطين للنشاط الرقمي بالشراكة مع، شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، ومؤسسة الرؤيا الفلسطينية، وشركة مدى للإنترنت الراعي المزود للمنتدى، ومؤسسة access now grants، وأكاديمية DW.